البنت .. الصورة المصغرة لأمها
19 رجب 1437
أميمة الجابر

الأم هي المنبع الأصلي لغرس القيم والمبادىء والثوابت في نفوس الابناء  , وعلى كل ام أن تدرك هذا تماما , خاصة تجاه بناتها قبل بنيها .

 

 

وبنظرة بسيطة لمن يحيطون بنا نعرف مدى تأثير الأم على بناتها , من توارث صفاتها , وأخلاقياتها , وكثير من سلوكها .

 

 

لذا كان السؤال عن أم الفتاة قبل خطبة البنت مهما للغاية لان فيه اطلاع على طبيعة البنت وكثير من صفاتها .

 

 

فالبنت في غالب الأحيان هي صورة مصغرة من أمها , وحتى لو اختلفت معها في صفات مكتسبة كالتعليم والإطلاع والثقافة وغيرها تظل انطباعات الأم ويظل غذاؤها الذي غذت الابنة عليه مؤثرا فيها .

 

 

إسلامنا خص بالاهتمام تربية البنات , لخطورة اهمال تربيتها , ولمكانتها ودورها المهم للغاية في المجتمع وفي تربية واعداد جيل صالح , فيكرمها بإسنادها هذه المسئولية .

 

 

وبين أيدينا بعض الأمور التي ارجو أن تولي الأم لها عناية ورعاية إذا أرادت أن تجني ثمارا حسنة فيما بعد فيما يخص بناتها :

 

 

فتعليم البنت أهمية كلمة " طاعة " و كلمة " ليونة " وكلمة " توافق " مهم للغاية , فتتعلم طاعة الله سبحانه , ثم طاعة الوالدين وبرهما , فبالتالي تتعلم كيف تطيع زوجها فيما بعد , فلا تكون الطاعة غريبة عليها , مستغربة على قاموسها , وكذا كلمة " اللين " التي بمفهومها تكون لينة سهلة مع زوجها , وكلمة " التوافق " التي بمفهومها لا تصادم آراءه المختلفة عنها .

 

 

وتدريب البنت على حب المسارعة إلى أعمال الخير والبر , يجعلها تبادر بالأعمال الفاضلة الحسنة , وساعتها تكون صالحة في بيتها مدربة ابناءها على المبادرة والمسارعة للخير .

 

 

وكذا البعد عن كل ما يغضب الله خوفا من الله , ومن عقابه سبحانه , فدائما تشعر أن الله رقيب عليها , مطلع على ما تظهره وتخفيه , وإنما يكون بعدها عن المحرمات بحثا عن الثواب والجنة والخلود فيها , وهذا ايضا معنى هام أن تتعلمه البنت , فتستقيم سلوكياتها , ولا تصبح ماكرة ولا مخفية للأخطاء , بل صريحة مخلصة صادقة , تعمل لله وتخاف من الله .

 

 

والمرأة التي تعلم بناتها كيف يحببن الصلاة منذ الصغر بتشجيعها لهن , وصلاتها الجماعة معهن , وشراء ملابس الصلاة لهن , ومكافأتهن على حسن الفعال , فيه ترسيخ لمعاني الصلاة وحبها وأهميتها .

 

 

وان استطاعت الأم اصطحاب بناتها لدروس الخير والوعظ والعلم والنصح , فهو الخير العميم , فمن ذلك تتعلم الفتاة علوم دينها , وتربى منذ الصغر على اساس قوي متين من القيم والمبادىء .

 

 

امر آخر فيما يؤثر في البنت, يتعلق بدور الأم في انتقاء فتيات صالحات مهذبات لصحبة الابنة وصداقتها , لأنهن مؤثر واضح وقوي وفعال في كل سلوكياتها , ونرجو أن يكون ذلك في الجانب الإيجابي .

 

 

وفيما يتعلق بالملبس , والحجاب والحشمة , فإن ذلك لايتم بالأمر والفرض مع كراهة الفتاة له , بل الحكمة أن تقوم الأم بتحبيب ابنتها فيه منذ صغرها , وحديثها الدائم عن فضله .

 

 

وبالعموم فمصاحبة الأم لابنتها ومصادقتها لها , صداقة لا تؤثر سلبا على مقام الأمومة ووقاره واحترامه , هو مطلب مهم للغاية , ورجاء مؤثر في تربية  البنت , خصوصا أن ذلك سيجعلها تتقبل النصيحة التي تقدمها لها الأم مع كل خطا وزلة , مع مراعاة الرفق في النصيحة وحسن أدائها .

 

 

وتعرف الأم الحكيمة الذكية كيف تستخدم الحيلة مع ابنتها عند صدودها , لتوصيل المفاهيم المطلوبة , وتحقيق الغاية المطلوبة .

 

 

كما أن غرس مفاهيم العدل بين الأبناء , وعدم التفريق في المعاملة بين البنات وبعضهن , وعدم الجور من الابناء على البنات , وتأكيد الأم على هذه المفاهيم ينشىء الثقة في أحكام الأم وتصرفاتها , كما يذهب الشحناء والبغضاء بين الأبناء بعضهم بعضا .

 

 

ومن أهم ما يجب أن تربي الأم ابنتها عليه أن تتعلم خفض الصوت , والتأدب في الحديث مع الكبير والصغير , واختيار الأسلوب اللائق اثناء الكلام , وأثناء الحوار , اسلوبا يناسبها كفتاة مهذبة رقيقة كريمة .

 

 

والأم التي تربي فتاة صالحة يجب عليها أن تربي فيها معاني الرصانة والهدوء والحكمة , فلا تفش سرا , ولا تكشف خبيئة , فليس كل ما يعلمه الإنسان يقال , ولكل مقام مقال , وهذه الصفات ستفيدها للغاية في حياتها الزوجية فيما بعد مع زوجها وأهله .

 

 

وإذا كان لابد على الأم معاقبة ابنتها عند الوقوع في الخطأ , فينصح بعدم اللجوء للضرب إلا عند المواقف الحرجة وليكن ذلك برفق ورحمة , مع اجتناب الوجه والتقبيح , ويجب ان تكون العقوبة متناسبة مع الخطا , فالعقوبة القاسية تربي في نفس الفتاة غيظا وحنقا تسعى فيما بعد لانفاذه إذا جاء الوقت المناسب .

 

 

وإذا كانت الثقة في الأبناء شيئا إيجابيا , وبث معاني الثقة مطلوب مرغوب فيه , فإن توازنا بين إعطاء الثقة وبين الحرية الزائدة هو دور الأم بالأساس منذ السنين الأولى لتربية الفتاة , فيجب متابعتها جيدا , وعدم التفريط في سؤالها عن أماكن ذهابها وإيابها وتواجدها وصداقاتها وغيره .

 

 

وإذا كانت الأم مدرسة وقدوة , فعليها الامتناع عن الممارسات السلبية السائدة في مجتمع النساء والتي يمكن أن تتوارثها ابنتها , كصفة المبالغة, والتزين بما ليس عندها , وصفة الكذب , والفتنة ونقل الكلام , وهي صفات منتشرة جدا ولها آثار سلبية للغاية .

 

 

وانصحك أيتها الأم ألا تعدي ابنتك بوعد ثم تخلفيه , ولا تحدثيها ثم تكذبيها , حتى لا تسقطي من نظر ابنتك كقدوة وصورة حسنة .

 

 

وهناك جانب آخر فيما يتعلق بالمؤثرات على البنات , كالاهتمام بالخادمات الموجودات بالبيوت , فيجب ان نختار صاحبة الخلق والدين , فهي نوع آخر من أنواع القدوة للأولاد , خصوصا في غياب الأم , ومتابعتها في خلطتها بالشخصيات المختلفة التي يمكن ان تحتك بهم وتختلط بعيدا عن أعين الأم , وخصوصا الاقرباء والقريبات .

 

 

ثم دورها المهم في مراقبة ومتابعة أثر وسائل الإعلام على البنت , فكم فيها من اتباع الشهوات وتزيين الباطل وتغيير المفاهيم وزعزعة القيم والمبادىء والثوابت , والتجرؤ على الشعائر !

 

 

وبعض الأمهات ينشغلن عن بناتهن في العمل خارج البيت , مما قد يؤثر سلبا على شخصيتها , ويجعلها عرضة للمؤثرات المختلفة , فكثير من الآثار السيئة قد تحدث للبنت بسبب غياب امها عنها هذه الأوقات .

 

 

ولتعلم الأم أنها ستعطي كل يوم في حياتها درسا عمليا من سلوكياتها , مؤثرا في نفسية ابنتها وراسخا في عقلها وقلبها , ولتنتبه أن العلاقة القائمة على الحب بين الابوين وأبنائهم خاصة للبنات فهي ضرورية لتربية مستقيمة .

 

 

إن ديننا العظيم الذي علمنا أن نحب بناتنا و ونكرمهن . لتمتلأ أنفسهن اطمئنانا وارتياحا , ولتنشأن في ظل أجواء نفسية طيبة , تجعلها سليمة من الامراض النفسية ,  لهو الذي يأمرها أن تصير أما صالحة وزوجة جيدة لتبني مجتمعا صالحا .