10 رجب 1437

السؤال

تمر بنا في دروس النحو ـ نحن المدرسين ـ مصطلحات تنسحب على الله فيما تنسحب عليه، كقولهم في نحو قوله تعالى: (وَلِتُكَبِّرُواْ اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ): الاسم الشريف مفعول به، وقولهم في نحو: يا حليما لا يعجل: إن (حليما) منادى نكرة، ونجد بعض المصنفين ـ وهم قلة ـ يحاول أن يتحاشى إطلاق تلك المصطلحات في حق الله تعالى، كقول الشيخ ابن قاسم في حاشية الآجرومية (ص16) في الآية السابقة (وَلِتُكَبِّرُواْ اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ): الاسم الشريف منصوب على التعظيم، وقول ابن السِّيد البَطَلْيَوسي في المثال السابق: إنه منادى مخصَّص، (كما في الأشباه والنظائر للسيوطي 6/252)، وسلوك هذه المسالك يربك القواعد لا سيما عند المتعلمين، ويوجد لديهم الازدواجية في التعليم، فهل ترون اطراد هذه المصطلحات، أو ترون التفصيل فيما يوصف به الخالق وما يوصف به المخلوق؟ بينوا لنا الأمر، جزاكم الله خيرا.

أجاب عنها:
عبد الرحمن البراك

الجواب

الحمد لله وحده، وصلى الله وسلم على من لا نبي بعده، أما بعد:
فإن المصطلحات الإعرابية المعروفة عند النحاة؛ كالمفعول به، والمجرور، والنكرة، والصفة المشبهة ونحوها، إذا استعملت في أسماء الله؛ مثل: حمِدتُ الله، وهذا من الله، ويا حيُّ يا قيوم، وإن الله عليم حكيم، فذلك من الأحكام اللفظية، فاللفظ هو المفعول به، والمجرور، والنكرة، والصفة المشبهة، وليس شيء من ذلك عائدا إلى الله تعالى، ولا يخطر ذلك بقلب مؤمنٍ بالله معظمٍ له سبحانه، فهذه كلُّها أحكام لفظية، وهذا يشبه وصف هذه الألفاظ الواردة في أسماء الله بأنها عربية ومشتقة ومعرفة ونكرة، وللاحتراز عن بشاعة العبارة المستوحشة يؤتى عند الإعراب بـ (لفظ)، فيقال: لفظ الله مفعول به، واسم مجرور، ونحو ذلك، كما تقول: لفظ الله اسمٌ عربيٌّ، ولفظ الرحمن عربيٌّ ومشتق، وبهذا يجري الإعراب وفق القواعد والمصطلحات المشهورة عند النحويين، وقد درج على هذا الاستعمال الذي ذكرتُ كثيرٌ من المفسرين والنحويين، كقول أبي حيان في البحر المحيط (6/407):"ويعرب لفظ (الله) موصوفاً متأخراً"، وقول الزجاج في معاني القرآن وإعرابه (4/361): "نصب لفظ (الله) بقولك (فَاعْبُدْ)" أي: في قوله تعالى: (بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ)، وقول الرضي في شرح الكافية (4/302): "ويختص لفظ (الله) بجواز الجر مع حذف الجار بلا عوض". والله أعلم.

أملاه: عبد الرحمن بن ناصر البراك، يوم السبت التاسع من رجب 1437هـ.