أردوغان وتويتر.. الخديعة مستمرة
24 جمادى الثانية 1437
أمير سعيد

لم يكن حجب إدارة تويتر لوسم #weloveerdogan  الذي جاء الأول على مستوى العالم قبل أيام، وأثناء زيارة أردوغان للولايات المتحدة الأمريكية، دون إبداء أسباب ثم إعادته بعد اعتراض الآلاف، دون تفسير كذلك هو أول إجراء يعبر عن ضيق هذا الموقع الشهير ببعض الآراء التي لا تروق له؛ فلقد سبقته مئات وربما آلاف الإجراءات التي لا يمكن تصنيفها إلا بكونها تجسيداً لمصادرة الآراء وحرية التعبير حول العالم.

 

 

 

 

بالتأكيد كانت هذه أوضح صور التسييس والتحكم غير البريئ من الإدارة، فالوسم هو ذاته كان "بريئاً" لحد بعيد؛ فهو لا يمثل سوى تعبير عن حب مؤيدي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان؛ فالوسم الذي نشر عشية الزيارة وضم أكثر من 215 ألف تغريدة عليه، ولقي نحو 150 ألف إعادة تغريدة من قبل الناشطين الأتراك والأجانب، لم يكن يحوي ما يحرض على عنف أو يدعو لإرهاب أو يحقر من أعراق أو أديان ونحو ذلك مما تفرضه إدارة تويتر من شروط لفتح واستبقاء حسابات المغردين.

 

 

 

 

لكن تلك الصورة الواضحة لم تكن أبداً هي الوحيدة، فقد سبقها الآلاف من الصور من التلاعب الإقليمي في ترند تويتر في الدول والعالم، ولكم شهدت منطقتنا إزالات فورية لحملات تقلل من هالات وقيمة مستبدين بدت إدارات مواقع التواصل متعاطفة معهم، على الأقل إقليمياً، حيث يمتلك أثرياء موالين لتلك السلطات أسهماً كبيرة في الإدارات الإقليمية للشركات المالكة لمواقع التواصل.

 

 

 

 

وبدون كثير استقصاء، يمكن لأي مراقب في أي لحظة أن يكتشف بنفسه التدخل السافر في الترند الخاص بتويتر بغية الوصول إلى تسطيح الشباب وجذبهم نحو ما يجافي الوعي والقيم والقضايا المصيرية، وهذا لا يتم بشكل اعتباطي، ولا هو بادٍ على نحو منطقي بالمرة.

 

 

 

 

في شرقنا تعيش معظم شعوبنا في أزمة؛ فالتغريب طاغٍ في كل وسائل الإعلام، وحين شعرت قطاعات مثقفة عاقلة أنها ممكن أن تجد بغيتها في التعبير عن الرأي، والانطلاق في رحاب مواقع التواصل اصطدمت شيئاً فشيئاً بحقيقة مؤلمة، وهي أن تلك القطاعات لم تفعل سوى تبديل الأحصنة الإعلامية المتسلطة، وإن كان في نطاق الإعلام الجديد أقل تسلطاً وأكثر ذكاء.

 

 

 

 

انطلقت مواقع التواصل في بادئ الأمر منفتحة جداً، واستقطبت مئات الملايين، لكنها سرعان ما بدأ صدرها يضيق شيئاً فشيئاً بمعارضي حلفاء الولايات المتحدة، وتزايدت حالات إغلاق صفحات هؤلاء على صفحات مواقع التواصل بمختلف أنواعها وعلى مستويات متفاوتة من "الصبر"، لاسيما أولئك الذين يسهمون في رفع حالة الوعي، خاصة ما تتعلق بمخططات الغرب وأذنابه.

 

 

 

 

تعمل وسائل التواصل من أجل تحقيق أهدافها بإضعاف أصوات المصلحين، فيما تفتح الباب واسعاً لغيرهم بصور دعم كثيرة لا تقف عند حد التصدير المتعمد، والذي تقوم به "لجان إلكترونية" إقليمية، وكثيرة جداً هي النماذج الفاضحة لهذا، وهذا يعني أننا سنصل تدريجياً في النهاية إلى زيادة مساحة "التسطيح" والتغريب وغيرهما، مثلما أفضت إليه تجربة الفضائيات منذ إطلاقها قبل أكثر من عشرين عاماً في المنطقة العربية.

 

 

 

 

أزيل وسم #weloveerdogan لساعات دون مبرر، ولأي سبب كان.. حسناً، ربما يقومون بـ"الصيانة"! لكن هل شهد تويتر إزالة أي وسم يؤيد طغاة كبشار الأسد وغيره من طغاة المنطقة؟! أزيلت قنوات على اليوتيوب كثيرة جداً لمصلحين ومفكرين، لكن هل حصل يوماً أن أزيلت قناة لراقصة؟!