من أولويات المسير ..
19 ربيع الثاني 1437
د. خالد رُوشه

النفس البشرية , ذلك العالم الواسع العميق , القابع في داخل كل واحد منا , سريع الهيجان والثورة , سهل الإفتتان , قليل الصبر والحلم , حريص على الدنيا , مسارع إلى الزينة والتجمل , ساع إلى الاتصاف بما ليس فيه , معرض عما ينفعه في أخراه .

 

 

تلكم صفاتها إن تركت حسبما شاءت , فقد تهلك صاحبها , وتورده موارد الهلكة , وتهوى به في هوة الفشل السحيق .

 

 

ولا حل لها , ولا طريق لإصلاحها إلا باتباع منهج ربها , وسلوك سبيل العلاج الذي وصفه لها خالقها " ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير "

 

 

وانظر إلى سؤال الخليل عليه السلام وهو يقول " ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلوا عليهم أيتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم " , , و قد استجاب سبحانه فقال : " كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلوا عليكم أيتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون "

 

 

وقال تعالى : " لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلوا عليهم آيته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين" آل عمران

 

 

وقال تعالى : " هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين " .

 

 

و قال الله تعالى : " ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها, قد أفلح من زكاها . وقد خاب من دساها " .

 

 

وتزكية النفوس قد عنت عند الصالحين تطهيرها ونماءها ..

 

 

فتطهيرها بإخلاص سبيلها لربها وحده لاشريك له , ونماؤها بطاعاتها وعبادتها وصلاحها بتطبيق ما تعلمته بكل تجرد وبذل ..قال تعالى : " قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى " ..

 

 

يقول ابن القيم " والمقصود أن زكاة القلب موقوفة على طهارته كما أن زكاة البدن موقوفة على استفراغه من أخلاطه الرديئة الفاسدة , قال تعالى : " ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحد أبدا ولكن الله يزكي من يشاء والله سميع عليم "

 

 

وقال أيضا : " قال الله " وويل للمشركين الذين لا يؤتون الزكاة " قال أكثر المفسرين من السلف ومن بعدهم : هي التوحيد : شهادة أن لا إله إلا الله ، والإيمان الذي به يزكو القلب فإنه يتضمن نفي إلهية ما سوى الحق من القلب وذلك طهارته وإثبات ألهيته سبحانه وهو أصل كل زكاة ونماء فإن التذكي وإن كان أصله النماء والزيادة والبركة فإنه إنما يحصل بإزالة الشر .."

 

 

وقال قتادة : في تفسير قوله تعالى " قد أفلح من زكاها " . قد أفلح من عمل خيرا زكاها بطاعة الله عز وجل . وقال أيضا : قد أفلح من زكى نفسه بعمل صالح .

 

 

قال الحسن " قد أفلح من زكى نفسه فأصلحها وحملها على طاعة الله تعالى ، وقد خاب من أهلكها وحملها على معصية الله تعالى .

 

 

وقال ابن قتيبة " يريد أفلح من زكى نفسه أن نماها وأعلاها بالطاعة والبر و الصدقة واصطناع المعروف