دور علماء المملكة في التحذير من الخطر الصفوي
8 ربيع الثاني 1437
تقرير إخباري ـ محمد لافي

لا يكاد يختلف مسلمان في أهمية دور علماء الإسلام في المجتمع المسلم منذ بزوغ نور الدين الخاتم على البشرية وحتى الآن , ويكفي تأكيدا على هذا الدور العظيم الكبير ما جاء في الحديث : "العلماء ورثة الأنبياء" سنن الترمذي برقم/2682 وصححه الألباني .

 

 

وإذا كانت دعوة الناس إلى الله تعالى وبيان أحكام دينه لعباده وتوجيههم لما فيه صلاحهم في الدنيا وفلاحهم في الآخرة من أهم مهام العلماء وواجباتهم , فإن الذود عن حمى العقيدة الإسلامية والدفاع عنها , من خلال الرد على شبهات الغالين وتفنيد أباطيل المغرضين , وتنقية العقيدة الإسلامية مما علق بها من بدع وخرافات ما أنزل الله بها من سلطان........قد يكون الدور الأهم للعماء والأكثر إلحاحا في كل عصر و في كل مصر.

 

 

نعم .....إن واجب التحذير من خطر آثار انتشار المذاهب المنحرفة والفرق الضالة المضلة ... يعتبر بحق من أهم واجبات علماء الأمة في هذا العصر , ليس لخطر انتشار هذه المذاهب والفرق على العقيدة الإسلامية الصحيحة فحسب , بل لخطرها على الهوية و الوجود السني بشكل عام .

 

 

ومع كثرة المذاهب المنحرفة والفرق الضالة المنتشرة في عصرنا الراهن , إلا أن أكثرها خطرا على هوية الأمة و وجودها كما سبق , وأشدها تربصا بالمسلمين من أهل السنة على وجه الخصوص هم الرافضة الصفويون , الذين يستخدمهم اليهود والصليبيون – على ما يبدو - كرأس حربة لضرب عدوهم الأول والأوحد "الإسلام السني" , الأمر الذي يجعل من التحذير من خطر هؤلاء , وبيان ما ينبغي فعله لمواجهة هذا الخطر المحدق .....من أهم واجبات علماء الأمة الثقات .

 

 

والحقيقة أن دور علماء المملكة السعودية في الدفاع عن عقيدة أهل السنة والجماعة صافية نقية من البدع والشركيات..... لا ينكر , كما أن دورهم في التحذير من خطر المذهب الرافضي الاثني عشري المتضمن لكثير من العقائد الباطلة لا يمكن أن يجادل فيه منصف , فقد كان لعلماء المملكة قدم السبق في هذا المجال , ففي الوقت الذي انخدع فيه بعض علماء الأمة بشعارات رافضة ملالي طهران باسم "التقارب بين المذاهب الإسلامية" , لم تنطل هذه التقية الرافضية على علماء المملكة الثقات , ويكفي دليلا على ما سبق شهادة رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الدكتور يوسف القرضاوي الذي أثنى على علماء المملكة وفطنتهم وسبقهم في التحذير من الخطر الرافضي الصفوي مؤخرا .

 

 

ومع اشتداد خطر التمدد الرافضي في دول أهل السنة , وخصوصا بعد دورهم المفضوح في تسهيل احتلال الأمريكان للعراق , ثم ممارساتهم الطائفية البغيضة ضد أهل السنة في بلاد الرافدين , وصولا إلى مشاركتهم طاغية الشام في قتل أهل السنة في سورية بعد انطلاق ثورتهم المباركة , وليس انتهاء بجرائمهم في اليمن ومؤامراتهم ضد أمن واستقرار معظم دول الخليج ....... كانت بيانات علماء المملكة السعودية تواكب هذا التطور الواضح في خطر الرافضة على الهوية والوجود السني , وقد صدرت عدة بيانات للتحذير من هذا الخطر , كان آخرها البيان الذي صدر منذ أيام عن 140 عالما من علماء المملكة , والموسوم بــ : "بيان بشأن واجب أهل الإسلام تجاه الخطر الصفوي الإيراني"

 

 

وتأتي أهمية هذا البيان من كونه يشخص الداء ويصف الدواء , فبعد أن ذكر البيان جرائم الرافضة التي كثرت في الآونة الأخيرة ضد أهل السنة في المنطقة , وبيّن خطرهم المحدق على الهوية والوجود السني ككل , خصوصا مع غض الطرف الغربي الصليبي عن تلك الجرائم والانتهاكات الجسيمة , مما يحمل معنى التحالف ضد عدهم المشترك – أهل السنة - على ما يبدو .....

 

انتقل بيان العلماء إلى وضع الدواء لهذا الداء انطلاقا من واجبهم في بيان الحق والنصح للأمة , والمتمثل في : توبة وإنابة إلى الله رعاة ورعية أولا , وضرورة وجود مشروع سني يواجه المشروع الصفوي , ومطالبة دول الخليج بمزيد من الحذر من الاختراقات الصفوية سياسيا واقتصاديا واجتماعيا , ناهيك عن التنويه بواجب دعم أهل السنة الذين يسامون سوء العذاب من الرافضة , وخصوصا في العراق وسورية وإيران نفسها .

 

 

ولم ينس البيان التذكير بآخر جرائم الرافضة وممارساتهم الطائفية البغيضة ضد المكون السني في كل من العراق وسورية وغيرهما , مشيرا إلى الواجب تجاه كل قضية من تلك القضايا العاجلة , فذّكر بمشاركة الرافضة في تجويع بلدة مضايا السورية وأخواتها من خلال الحصار الجائر المستمر منذ شهور , وواجب إغاثتهم وفك الحصار عنهم بكل وسيلة ممكنة , كما تناول معاناة أهل السنة في إيران , وطالب بدعمهم بكل الوسائل المتاحة - سياسيا وإعلاميا - لرفع الاضطهاد الصفوي المستمر ضدهم منذ عقود , ولم ينس التذكير بما يجري حاليا في المقدادية السنية العراقية , والمسارعة لإنقاذ حياتهم والحفاظ على هويتهم وهوية بلادهم السنية .

 

 

ولعل أهم ما جاء في البيان التأكيد على أن خلاف دول أهل السنة مع إيران ليس مجرد خلاف سياسي عابر كما تحاول طهران منذ قيام نظامها الخميني التوسعي أن تروجه , بل هو خلاف عقدي واضح وظاهر , وهو ما يستدعي التعامل معها على هذا الأساس , ناهيك عن التأكيد على أن تشرذم دول أهل السنة وتفرقهم وعدم اجتماعهم هو السبب الأهم في التغول والتمدد الصفوي الحاصل .

 

 

وختاما يمكن القول : إن الأمة بحاجة ماسة إلى عودة دور علمائها الثقات في قيادة المجتمع المسلم كما كان في سالف عهده , وذلك من خلال مواكبة العلماء لما يجري في بلاد الإسلام من أحداث جسام , خصوصا تلك المتعلقة بهويتها وعقديتها الإسلامية , ليس من خلال إصدار البيانات فحسب , بل من خلال المشاركة الحقيقية في مواجهة الأخطار المحدقة بالأمة .