13 ربيع الثاني 1438

السؤال

ما حكم سفر الرجل لوحده لمنطقة تبعد أكثر من مائة كم؟ خاصة أن الطرق مسلوكة ومأمونة وليس الانسان بمفرده.

أجاب عنها:
أ.د. سليمان العيسى

الجواب

لحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: إن الحديث الذي أشار إليه السائل نصه هو: عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الراكب شيطان والراكبان شيطانان والثلاثة ركب". رواه مالك في الموطأ، وأبو داود والترمذي وحسَّنه. هذا وقد جاء في جامع الأصول في أحاديث الرسول لابن الأثير (5/17) ما نصه: "قال الخطابي: (الراكب شيطان معناه -والله أعلم- أن التفرد بالذهاب في الأرض من فعل الشيطان" أي شيء يحمله عليه الشيطان ويدعوه إليه فقيل إن فاعله شيطان، وكذا الاثنان ليس معهما ثالث، فإذا صاروا ثلاثة فهم ركب أي جماعة.. وروي عن عمر رضي الله عنه أنه قال في رجل سافر وحده: أرأيتم إن مات من أسأل عنه؟! "فإن المنفرد في السفر لو مات ما عنده من يغسله ويدفنه، ولا من يوصي إليه في ماله وأهله ويحمل خبره إليهم" انتهى. قلت وقد حمل جماعة من أهل العلم على الكراهة، بل إن الترمذي رحمه الله ترجم لهذا الحديث والأحاديث بمعناه بقوله "بابٌ في كراهة أن يسافر الرجل وحده" بل إن بعض أهل العلم حمله على زجر الأدب والإرشاد، فقد جاء في عون المعبود شرح سنن أبي داود (7/269) ما نصه (وقال الطبري هذا الزجر زجر أدب وإرشاد لما يخشى على الواحد من الوحشة والوحدة وليس بحرام..إلخ. قلت: وأرى أن الأولى أن لا يسافر الرجل وحده، إلا أنني أرى جواز سفر الرجل وحده للحاجة لا سيما في هذا الزمان، وذلك لأن الطرق معبدة أو ممهده، ثم أيضاً هي مسلوكة ومطروقة، ولا تكاد تسير مقدار كيلو إلا ومركبة ذاهبة أو راجعة إضافة إلى وجود محطات وقود وأماكن استراحة إلى غير ذلك مما يخدم المسافرين، فما ذكره العلماء رحمهم الله عن الحديث من الوجوه في الغالب غير موجود في هذا الزمان لما ذكرته آنفاً، لا سيما وأن بعض أهل العلم حمل الحديث على الكراهة، وبعضهم قال: إنه زجر أدب وإرشاد. وليس بحرام كما تقدم.

والله أعلم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.