محمد زاهد غول: التقارب التركي السعودي متواصل لكن جديده هو العسكري.. أمريكا منعت الوحدة بين الفصائل السورية (2/2)
17 محرم 1437
موقع المسلم

اعتبر الكاتب والمحلل السياسي التركي محمد زاهد غول أن الطريق مسدودة أمام التحالف الروسي الإيراني السوري، وأنه إن لم ينهزم الآن فأمامه حرب شعبية سورية تحريرية طويلة.

 

 

وألقى غول في حواره مع موقع "المسلم"، والذي نشرنا جزءه الأول قبل أيام، باللائمة على الولايات المتحدة في استمرار النظام السوري، مشدداً على أن "أمريكا منعت عن الشعب السوري وثورته الدفاعية الأسلحة النوعية، ومنعت أمريكا الوحدة بين فصائل الثورة ، وكذلك منعت أمريكا استهداف خطوط معينة للنظام السوري، وسمحت أمريكا وإسرائيل لإيران باحضار حرسها الثوري وميليشياتها العربية الطائفية، واستهداف الشعب السوري بالقتل الطائفي وبالبراميل التفجرة".

 

 

ولاحظ تشابهاً في المشاكل التي يواجهها الإيرانيون من أصول تركية مع كل مشاكل المسلمين السنة في ايران.
وتحدث غول عن علاقة ألمانيا وإيران مع حزب العمال الكردستاني، وأكد على أن "المطلوب (تركياً) هو إيجاد قيادة كردية مستقلة تتبنى بذاتها مصالح الأكراد في تركيا بمعزل عن التنافس بين قيادة قنديل وأوجلان".

 

 

 

نص الحوار:

هل تخسر تركيا الحرب الآن في الشمال السوري؟ وأي أوراق بقيت في جعبتها؟
 لا يوجد معركة لتركيا في شمال سوريا، وما يوجد في شمال سوريا هي معارك الشعب السوري ضد الغزاة من الخارج، فالشعب السوري حسم معاركه مع نظام الاستبداد الأسدي في العام الأول من الثورة السورية الدفاعية المسلحة ضد مظالم الأسرة الحاكمة، فاستجلب الأسد أولاً الغزو الإيراني وميليشياته العربية القريبة من الحدود السورية من لبنان والعراق، من ميليشيات حزب الله اللبناني وعصائب الحق العراقي، واستجلب الحرس الثوري الإيراني وميليشياته الأفغانية والباكستانية وغيرها، وكلها فشلت في احتلال الأراضي السورية في شمال سوريا وجنوبها وغيرها، مما اضطر الاحتلال الإيراني الاستنجاد بالغزو الروسي وإلا فإنه سوف يخسر كل معاركه الطائفية في سوريا، فالمعارك التي يخوضها الغزاة الإيرانيون والروس هي ضد الشعب السوري في كل انحاء سوريا، وليست ضد الدولة التركية، وموقف تركيا هو مساعدة الشعب السوري وليس القيام بمعارك بالنيابة عنه، لأن الشعب السوري لم يطالب تركيا بذلك، وهو لا يحتاج إلى جنود ولا مقاتلين، وإنما هو بحاجة إلى مزيد من الأسلحة النوعية، وإلى تأييد سياسي دولي لمناصرة قضيته العادلة، في تقرير مصيره وإعلان الاستقلال السياسي عن الاحتلال الإيراني والاحتلال الروسي، وتركيا لن تتخلى عن دورها السياسي في مساعدة الشعب السوري داخل سوريا وداخل تركيا وغيرها، والأوراق المتبقية لتركيا في سوريا هي الشعب السوري فقط.

 

 

 

 

 هل تتوقعون تغيراً دراماتيكياً في مستوى الدعم التركي للثورة والشعب السوريين صعوداً أو هبوطاً في حال حقق العدالة والتنمية أغلبية مطلقة في الانتخابات القادمة أو أرغم على تشكيل حكومة ائتلافية؟
الموقف التركي من ثورة الشعب السوري الدفاعية ضد مظالم الأسرة المستبدة والقاتلة، وضد الغزو الخارجي هو موقف دولة وليس موقف حزب حاكم فقط، ومع عدم وجود احتمالية لتغيير الحكومة في تركيا بعد الانتخابات القادمة، فإن أي حكومة قادمة سوف تواصل سياسة مساعدة الشعب السوري، وليس تأييد لقوات الاحتلال الخارجي ولا لأسرة الأسد الفاقدة للشرعية أولاً، والعاجزة عن حكم سوريا بعد الآن، إلا إذا اختارت أمريكا وروسيا واسرائيل تقسيم سوريا، وبقاء حصة طائفية مؤقتة لأسرة الأسد، وهذا التقسيم لن يلقى التأييد التركي. 

 

 

 

 أما زال لدى القيادة التركية قناعة بأن نداءاتها المتكررة بشأن المنطقة الآمنة يمكن أن تجد لها صدى إيجابياً في صعيد دولي يساند بقوة نظام بشار الأسد؟
 المنطقة الآمنة كانت حاجة للشعب السوري قبل أن تكون حاجة للدولة التركية، لأن الأولى عدم مساعدة رئيس قاتل لشعبه ان يجد ذلك الشعب ملاذا آمنا او مخيمات لجوء خارج بلاده، بل ينبغي إبقاءهم داخل حدود دولتهم وبلادهم، وتأمين حماية لهم رغما عن إرادة ذلك النظام الحاكم، ولكن أمريكا كانت تريد أن تأخذ الأزمة السورية أكبر مدياتها ، فتركت بشار الأسد يستخدم كل انواع الأسلحة ويقتل الشعب السوري ولو بالأسلحة الكيماوية والطائرات الحربية والقنابل العنقودية وصواريخ سكود وبكل قسوة وهي تراقب ما يجري، ومنعت عن الشعب السوري وثورته الدفاعية الأسلحة النوعية، ومنعت أمريكا الوحدة بين فصائل الثورة ، وكذلك منعت أمريكا استهداف خطوط معينة للنظام السوري، وسمحت أمريكا وإسرائيل لإيران باحضار حرسها الثوري وميليشياتها العربية الطائفية، واستهداف الشعب السوري بالقتل الطائفي وبالبراميل التفجرة، مما دفع الشعب السوري الأعزل للهرب خارج سوريا والانتحار في البحار وفي القفار، حتى أصبحت المنطقة الآمنة مطلب اوروبي مع عجزها عن فرضها بسبب الرفض الأمريكي والغزو الروسي الجديد، فالمنطقة الآمنة إحدى خيارات المجتمع الدولي لمساعدة الشعب السوري حتى لا يموت في البحار ولا على حدود التشرد والذل بين الدول الأوروبية، مما اضطر مستشارة ألمانيا ميركل للحضور إلى تركيا لبحث المسألة.
 

 

 

 

 ما الخيارات التي تحدث عنها رئيس الجمهورية التركي بشأن إمكانية الاستغناء عن الغاز الروسي؟
الخيارات الأخرى هي البحث عن أسواق غاز وطاقة من غير روسيا، ولكن روسيا التي تواجه صعوبات مالية قاتلة لا تقوى على التخلي عن السوق التركي، ولذلك فإن القضية تهم روسيا اكثر من تركيا، وتركيا لا تسعى لإحداث صراع مع روسيا بسبب سوريا، وإنما ترفض الهيمنة الروسية على حدودها الجنوبية، فكل طائرة مهما كان نوعها ومصدرها هي مهدد بالسقوط إذا دخلت الحدود التركية دون إذن حتى لو كانت روسية.

 

 

 

 

 هل تتوقعون نمواً في العلاقات التركية السعودية في حال نجح العدالة والتنمية في تشكيل حكومة منفردة؟ وهل يُنتظر أن يؤثر هذا على مساعي الدولتين من أجل حل المشكلة السورية؟
مسار التقارب ما بين تركيا والسعودية متواصل، وما استجد هو التعاون العسكري بين الدولتين اولاً، وهذا قد ينعكس على القضايا الإقليمية كلها بما فيها القضية السورية، ومرة اخرى المسألة لا تخص حزب العدالة والتنمية فقط، وإنما هي سياسة الدولة التركية التي قد ينفذها حزب العدالة والتنمية بحماس وتفهم أكثر من غيره من الأحزاب السياسية التركية، ومن العوامل الإيجابية في المملكة العربية السعودية هي رغبة العاهل السعودي الملك سلمان توسيع علاقات الصداقة والتعاون مع تركيا وغيرها من دول العالم، والباحثون السعوديون يدركون ويقولون إن التقارب مع تركيا اليوم هو استراتيجية أساسية للسعودية في ظل الفتن الطائفية التي تثيرها إيران في البلاد العربية وغيرها.

 

 

 

 إلى أي حد يمكن لتركيا كبح الدعم الألماني لـ PKK ؟
 التعاون السري بين المخابرات الألمانية مع حزب العمال الكردستاني (PKK) ليس جديداً، ولكن الحكومات الألمانية تحاول أن تبدي تفهما لمشاكل الأكراد في المنطقة، دون ان تتبنى نهجهم الارهابي، ولذلك تشجع ألمانيا مساراتهم السياسية السلمية في تركيا وخارجها، وقد تشعر ألمانيا بمسؤولية أكبر إذا تعرض الأكراد إلى مظالم كما وقع عند قيام تنظيم الدولة بمهاجمة مواقعهم في العراق عام 2014، ودعم ألمانيا لحزب العمال الكردستاني لا يزعج تركيا بقدر دعم إيران لحزب العمال الكردستاني، لأنه الألمان لن يوظفوا حزب العمال الكردستاني للقيام بأعمال إرهابية وتفجيرات قاتلة في تركيا.

 

 

 

هل ترون أن خطاباً استعدائياً لأوروبا على خلفية قضيتي اللاجئين وبقاء بشار في الحكم مناسبة الآن؟
 قد يكون الخطاب الاستعدائي لأوروبا ردة فعل على المعاملة غير الإنسانية ضد اللاجئين السوريين إلى اوروبا، والتي تفاعلت كثير مع مشهد الطفل الغريق ايلان على شواطىء تركيا، والمؤسف أكثر أن جهود الأوروبيين تسعى الآن بعد مأساة اللاجئين على أبواب أوروبا إلى مساعدة اللاجئين السوريين بطرق إنسانية وهم في تركيا وخارج اوروبا، بينما المطلوب مساعدتهم سياسياً وإنهاء عهد أسرة الأسد الظالمة التي تجاوزت كل القيم الأوروبية في الحكم العادل والديمقراطي، بل تجاوزت كل إمكانية لتحمل أنظمة ديكتاتورية وقاتلة لشعبها.

 

 

 

 

 

 ارتفاع النبرة الإيرانية المعادية لتركيا كيف لأنقرة أن تحد منها وتتجنب صراعاً بدا أنه يقترب بين الدولتين الإقليميتين الكبيرتين؟
 تركيا تعمل كل ما بوسعها لثني إيران عن سياستها الطائفية في العراق وفي سوريا وفي لبنان، وقد طفح الكيل كما يقال عند نشوء الأزمة الطائفية في اليمن من قبل الحوثيين الإيرانيين، فاستنكر الرئيس التركي أردوغان السياسة الطائفية لإيران، بعد تحذيرات متواصلة في السنوات الماضية من الفتن الطائفية دون تجاوب من ايران، ولن تتوقف تركيا عن رفض النبرة العدائية الطائفية الإيرانية ضدها، ولكنها لن تجاريها على نفس اللغة الطائفية، لأن الحكومة التركية حكومة مدنية منتخبة وديمقراطية وليست حكومة طائفة تركية معينة، وفي نفس الوقت تفتح تركيا أمام الشعب الإيراني الشقيق أبواب الصداقة والتعاون، عسى ان يكون ورقة ضاغطة ضد سياسات الحرس الثوري الإيراني التوسعية، لأن المشكلة ليست مع حكومة روحاني وظريف وإنما مع من يمسكون بالسياسة الإيرانية التوسعية والطائفية من قادة الحرس الثوري الإيراني، وليست مع أدواتها السياسية الرسمية.

 

 

 

 

 

محور المنطقة وتأثيراتها وقضايا أخرى:

 أترون استثمار العلاقات التركية مع الأقلية التركية داخل إيران جيد في هذه المرحلة؟
 تركيا حريصة على التفاعل والتقارب الإيجابي مع كل ابناء القومية التركية خارج حدودها، بما فيهم الأتراك الإيرانيون، ولا تنظر إليهم على انهم أقلية إيرانية وانما كمواطنين ايرانيين من اصول تركية، وكذلك هناك مواطنين اتراك من اصول إيرانية وفارسية، وهذه من طبيعة المنطقة المنسجمة عبر تاريخها الطويل، والمشاكل التي يواجهها الإيرانيون من أصول تركية قد تكون مشابهة لكل مشاكل المسلمين السنة في ايران، ولا بد ان رغبة الدولة والحكومة التركية ان تكون معاملة الدولة الإيرانية لهم اكثر عدلاً ومساواة في الحقوق والواجبات والحقوق المدنية والدينية.

 

 

 

 

 هل تتوقعون امتداد الحرب بسوريا إلى الداخل التركي في حال نجح الحلف الروسي/الإيراني/السوري في إلحاق الهزيمة بالفصائل السورية في الشمال السوري؟
 لا إمكانية لنجاح الحلف الروسي الإيراني الأسدي إطلاقاً، فما لم تهزم القوات الأجنبية الغازية لسوريا من الروس والإيرانيين وغيرهم فإن المعارك سوف تبقى مستمرة في حرب تحرير شعبي طويلة المدى، وما من شعب قاتل الدول المحتلة لأرضه وبلاده إلا كان الانتصار حليفه في نهاية المطاف، فإما الانسحاب الإيراني والروسي وفق معادلة سياسية ترضي الشعب السوري او الحرب التحريرية لاستقلال سوريا في وقت قريب إن شاء الله، ولذلك لا مخاوف على امتداد الحرب إلى تركيا، وكل الأطراف المشاركة في الحرب على الشعب السوري من الإيرانيين والروس غير معنيين في توسيع معاركهم مع تركيا وهم عاجزون عن تحقيق أهدافهم في سوريا، وفي كل الأحوال فإن تركيا مهيأة للدفاع عن حدودها بقوتها الذاتية، وبما تملكه من حلفاء في حلف الناتو العسكري.

 

 

 

 

 

 كيف تنظرون لاضطرابات السليمانية؟ وهل هناك نية إيرانية/غربية في لجم مسعود البرزاني الحليف الأقل ضرراً لأردوغان في كردستان العراق؟
 للأسف إن حالة عدم الاستقرار في السليمانية وفي أقليم كرستان العراق غير بعيدة عن أصابع حزب العمال الكردستاني وداعميه من الحرس الثوري الإيراني والقوى التابعة لإيران من العراقيين الطائفيين، وهذا يؤكد ان السياسة الإيرانية في المنطقة عدوانية وغير إيجابية، وهذا موقف عبر عنه السيد مسعود برزاني نفسه، وللأسف أيضاً فإن دور حزب العمال الكردستاني سلبي للغاية، وهذا يكشف الدور الوظيفي السيء لحزب العمال الكردستاني في تركيا والعراق وسوريا أيضاً، لأنه رهن مواقفه في تحالف لا يخدم قضايا الشعب الكردي، بل تجعلة أشبه بجنود المرتزقة لأهداف غير مضمونة.

 

 

 

 

 في تقديركم، هل وجود الزعيم الكردي عبدالله أوجلان داخل السجن الآن كابح لصراع زعامة كردية كان من الممكن أن يفيد الحكومة التركية لاسيما أن مواقفه ربما لم تصبح الأكثر تطرفاً بين قيادات الأكراد؟
 وجود عبدالله أوجلان في السجن مسألة قانونية وقضائية، ولا شك أن هناك صراعا بين قيادة عبدالله أوجلان مع قيادة حزب العمال الكردستاني التي كانت في جبال قنديل، قبل شنها للعمليات الارهابية على تركيا ومعاقبتها من تركيا وهروبها إلى إيران وسوريا، فقيادة حزب العمال الكردستاني التي كانت في قنديل ترفض المصالحة التي توصل إليها اوجلان مع الحكومة التركية، لأن قيادة قنديل تخضع لابتزاز الحرس الثوري الإيراني تمويلاً ودعماً عسكرياً، وهم في أرض تعتبرها إيران أرضاً إيرانية وليست عراقية أقصد جبال قنديل حيث يرفع الحرس الثوري العلم الإيراني على جبال قنديل، ولذلك كان على قيادة حزب الشعوب الديمقراطي ان تبقى على تقارب مع اوجلان والابتعاد عن قيادة قنديل، ولكن التهديد الارهابي من قنديل يخيف صلاح الدين ديمرطاش، فهو لا يستطيع التحرر من قيادة قنديل، وقد يكون تحرير عبدالله اوجلان من السجن الآن ليس في صالح التنافس مع قيادة قنديل، لأن المطلوب هو إيجاد قيادة كردية مستقلة تتبنى بذاتها مصالح الأكراد في تركيا بمعزل عن التنافس بين قيادة قنديل وأوجلان، فأوجلان شخصية كارزمية يمكنها ان تلعب دورا سياسيا كبيرا في مباركة توجهات جديدة للأكراد في تركيا وليس قيادتها بعد تضاؤل حضوره السياسي والعسكري على العمليات الميدانية، وهذا قد لا يستدعي الافراج عن أوجلان، وإن كان الافراج عنه في صالح عملية السلام الحقيقية بعد إيجاد كوادر كردية متحررة من إرهاب حزب العمال الكردستاني.

(الجزء الأول)