نجاح حملة #أنقذوا_عبير
13 محرم 1437
أمير سعيد

كثيرة هي "الهاشتاجات" الفاشلة على موقعي التواصل الاجتماعي، تويتر وفيس بوك، وكثيرة هي الحملات التي تطلق لإبراء الذمة في قضية ما، من دون أن تكون ناجزة في حل مشكلة أو قادرة على المساهمة في حلها.

 

 

 

 

قلة من الحملات نجحت كلياً، وأكثر منها قليلاً من ساهمت في إنجاح أو مثلت جهداً توعوياً يبني عليه مستقبلاً في عملية دينامية تتحرك إلى الأمام في مشوار طويل من بناء الفكر وتشكيل القناعات.

 

 

 

 

واحدة من تلك الحملات نجحت كلياً، وهي الحملة العفوية السريعة التي أطلقت على موقع التواصل الاجتماعي تويتر تحمل وسم #أنقذوا_عبير ، وهي التي سعت إلى تحرير هذه الفتاة السورية التي اختطفها المجرم الطائفي مهدي نزهة، أحد شبيحة ميليشيا "حزب الله" اللبناني، ليكمل بها 5 فتيات اختطفهن بالقوة.

 

 

 

 

عبير اختطفت من بلدة "العين"، واقتادها بالقوة المجرم نزهة إلى بلدته "النبي عثمان"، ثم ما لبثت جهود حثيثة، كان أبرزها الحملة التغريدية الكبيرة، أن أسفرت عن تحريرها؛ فقد داهم الأمن اللبناني منزلاً مهجوراً كانت محتجزة به، وتلقت فيها "حفلات تعذيب"، فيما لاذ خاطفها بالفرار.

 

 

 

 

الخبر – على مرارة بدايته – كان سعيداً في نهايته؛ فلقد تحررت عبير، واستعدت للحاق بزوجها المهاجر إلى السويد، وزاد من سعادة الخبر أن أكبر الضغوط على الخاطفين بغية تحريرها كانت هي وسم #أنقذوا_عبير

 

 

 

لكن لماذا نجح هذا الوسم في تحريك الموقف وإنجاح الضغط؟ يبدو أن قضية الخطف لم تكن جنائية بالأساس؛ فالشبيح ينتمي بالفعل إلى ميليشيا "حزب الله"، وقد مر مقتاداً رهينته بخمسة حواجز للأمن اللبناني الذي تواطأ معه، ثم استجاب (الأمن) للضغوط مؤخراً فـ"حرر" الرهينة وضرب الذكر عن الخاطفين – أو الخاطف - تواطأً، فتركهم - أو تركه -، واكتفى بتحرير الشابة السورية أو بالأحرى "تسلمها".

 

 

 

 

 

والواقع أن ذهننا يذهب إلى هذا استناداً إلى فكر يسيطر على الحزب والقوى اللبنانية الخاضعة لنفوذ إيران القوى في المنطقة، ونظام بشار بدرجة أقل، يقودهم إلى التنغيص على اللاجئين السوريين في لبنان، والحؤول دون توفير ملاذ آمن لهم، بغية منعهم من التدفق إلى لبنان، الهش أمنياً، وفي تركيبته السكانية، ولكبح احتمال تسيد السنة لاحقاً في لبنان، ولتقديم خدمة للنظام السوري على المدى القصير بإخضاع السوريين له وتقليل الخيارات أمامهم.

 

 

 

 

 

والواقع أن الوسم الذي انتشر بسرعة البرق كشف جزءًا من لعبة الإرهاب هذا، ليس هذا فحسب، بل فضح أسلوباً وضيعاً لجأ إليه "حزب الله"، وهو اختطاف النساء، والدخول في دائرة الأعراض الخطرة، وانكشاف ضلوع عناصره في هذا المخطط الإجرامي، معرضاً القضية لمزيد من التفاعل، لاسيما أن كثيراً من الجرائم السابقة قد طمرت تحت غلاف من التعتيم والتجاهل الإعلامي.

 

 

 

 

 

الوسم، قد جعلها تشكل رأياً عاماً وتفضح توجهاً سافلاً لـ"حزب" يدعي زوراً "طهر مقاومته المدعاة ونصاعتها"، وهذا قد نجح هذه المرة، فكرة الثلج كبرت، وتناولت وسائل الإعلام القضية، وتفاعلت حقوقياً وسياسياً في لبنان.. وصارت فضيحة تحتاج إلى لملمة سريعة.
على أن هذه "اللملمة" لم ولن تتوفر في معظم الحملات التي يقودها مخلصون على شبكات التواصل، ذاك أنه لإنجاح حملة ما؛ فإنه ينبغي أن تتوفر لها شروط معينة، وهي غالباً لا تتوفر، ويفضي الاسترسال في الهرولة وراء تلك الحملات لتضييع وقت وجهد ثمينين، وتسلل شعور وهمي بالفعالية في التفاعل مع قضايا الأمة وآلامها من دون أن يكون لهذا مردود حقيقي يمكن تلمسه.

 

 

 

 

ويبقي السؤال ملحاً حينئذ: ما هي الحملات التي ينبغي أن يقود إليها مفكرون يتمتعون بالحكمة والعقل السديد والتي يمكن أن تحقق هدفاً إما مباشراً أو غير مباشر؟ وما تلك التي ينبغي أن ينصرف عنها الطيبون ولا ينفقوا فيها وقتاً دون طائل، ويحقق فيها المندفعون إرضاءً خيالياً للضمير المستريح؟!