"التطرف والإرهاب" الغربي
8 محرم 1437
تقرير إخباري ـ خالد مصطفى

فجرت أزمة اللاجئين والمهاجرين إلى أوروبا والتي ازدادت حدتها بشدة في الفترة الأخيرة قضية طالما كان الحديث عنها يثير الشجون ويرى البعض أن الأمر ليس كما يبدو للوهلة الأولى بل ووصل بالبعض لإلقاء اللوم على المجني عليهم..

 

إن القنص والهجوم الذي يتعرض له المسلمون من قبل الساسة والحركات اليمينية في الغرب أصبح شاهدا على العقلية الغربية والعقيدة التي تحركها تجاه الآخر خصوصا إذا كان الآخر هذا يعتنق الإسلام...فبعد أن هاجم رئيس الوزراء المجري المهاجرين المسلمين واعتبرهم خطرا يهدد "مسيحية أوروبا" جاءرئيس الوزراء البولندي الأسبق ياروسلاف كاتشينسكي، ليزعم أن المهاجرين المسلمين الذين يصلون إلى أوروبا يحملون أمراضًا قد تؤذي السكان المحليين. وقال كاتشينسكي: "هناك دلالات بالفعل على ظهور أمراض في غاية الخطورة لم تشهدها أوروبا منذ فترة طويلة، الكوليرا في جزر يونانية، والزحار في فيينا، وأشكال متنوعة من الطفيليات والبروتوزوا (الأوليات)، والتي لا تمثل خطورة في أجساد الكائنات الحية في بلدان هؤلاء الأشخاص، ولكنها قد تكون خطرة هنا"...

 

هذه الكلمات الصادمة ومثلها الكثير لم تصدر من زعيم جماعة هامشية ولكنها تصدر من مسؤولين وساسة بارزين وهي تشير إلى توجه عام موجود في أوروبا بقوة وما حدث أن أزمة المهاجرين كشفته للعيان بعد أن كان خافيا أو مركزا عند بعض الجماعات اليمينية المتطرفة..إن المسلمين يتعرضون لهجمة واسعة واتهامات عنيفة تصمهم "بالإرهاب والتطرف" ويتعامل معهم العالم على هذا الأساس رغم أن ما يصدر من زعمائهم يخالف ذلك تماما في حين أن الغرب الذي تصدر هذه التصريحات من زعمائه يستنكف وصمه "بالتطرف والإرهاب"..

 

إن الأمر تعدى مجرد التصريحات التي تصدر من هنا وهناك إلى ممارسات عنصرية وقحة تطال المسلمين واعتداءات متكررة على المحجبات من قبل أفراد عاديين يتأثرون بهذه التصريحات والحملات الإعلامية دون أن تواجه بإجراءات حاسمة من قبل الحكومات الغربية وآخر هذه الحوادث تلفيق اتهامات لمواطن فرنسي بالإرهاب لمجرد اعتناقه الإسلام والحكم عليه بالسجن, وفقا لما قاله محاميه...

 

لقد أطلقت الكنيسة الأرثوذكسية الرسمية في روسيا فتوى على أنها تخوض حربا مقدسة في سوريا دون النظر لمشاعر المسلمين الذين يقتلون بالقذائف الروسية ودون أن توجه لها أية انتقادات من الكنائس الموجودة في البلاد العربية أو في البلاد الأوروبية ودون إدانة وتوضيح لهذه الفتوى التي تصدر من مؤسسة رسمية دينية وليس من قبل جماعة أو حزب, السؤال الآن هو هل لو صدرت فتوى مثل هذه من مؤسسة دينية إسلامية رسمية كانت ستمر مرور الكرام كما مرت هذه الفتوى؟! أم كانت الدنيا ستنقلب رأسا على عقب ضد "الإرهابيين" ؟!..

 

يبدو أن حتى الاتهامات أصبحت توجه الآن على حسب الأهواء والمصالح وليس بحسب الحقائق والأدلة وهو أمر سيؤدي إلى تفاقم العنف واتساع دائرته والذي يساهم في ذلك بشكل مباشر هم هؤلاء الذين يشتكون منه ويظهرون في مظهر المجني عليه..

 

العجيب أن الإعلام العربي يقف موقفا سلبيا من هذه القضية ويردد بسطحية ما يقوله الإعلام الغربي ويتجاهل المآسي التي يتعرض لها المسلمون في أوروبا بحجة أن المسؤول عنها هو تنظيم داعش وغيرها من الجماعات ولم يشرح لنا ما ذنب طفل او امرأة أو شيخ مهاجر فيما يفعله داعش وهل يرضى أحد بمعاملة الأوروبيين في بلادنا بذنب الجماعات اليمنية المتطرفة عندهم ويعاقبهم على تصريحات مسؤوليهم وكنائسهم ؟! إن الدونية التي يتعامل بها الإعلام العربي مع هذه القضية يضيف مزيدا من العبء على هؤلاء المستضعفين ويضعهم في بؤرة الاتهام حيث يغرق هذا الإعلام في معظمه في متاهات التزلف للأنظمة من ناحية والدفاع عن الأفكار العلمانية المستوردة من هذا الغرب من ناحية أخرى.