30 ربيع الأول 1437

السؤال

أقيم بدولة عربية وأعمل بعمل حر (محام).. متزوج ولي ثلاثة أولاد من زوجتي، ولكني لا أشعر بالراحة معها؛ وذلك للعديد من الأسباب التي لا مجال لها الآن..! وأرغب في الزواج من فتاة أجدها متميزة بعقلها وأسلوبها بشكل عام، وجميلة تثير في كل المشاعر التي أفتقدها من زمن طويل، وحدثت بيننا علاقة كاملة لمرة واحدة(!) وأرغب فيها.. ولكن ظروفي المالية حاليًّا غير جيدة.. وأرغب في العقد عليها لتصحيح الخطأ، ولكنها متخوفة من عائلتها ومن عدم قدرتي علي تحمل نفقات الزواج وتوفير مسكن في الوقت الحالي، مع العلم بأني حاولت خطبتها فرفض والدها دون مقابلتي.. ليس إلا لأني متزوج ولي ثلاثة أولاد وليس لدي شقة في الوقت الحاضر. وهي تبلغ من العمر 35 سنة وأنا أكبرها بخمس سنوات.. وهي تمر بحالة نفسية غاية في السوء لما حدث بيننا.. ولا تجد أن عقد القران فقط في الوقت الحالي سيكون حلًّا للمشكلة.. ماذا أفعل؟!.. وماذا لو كانت حاملاً؟!

أجاب عنها:
خالد عبداللطيف

الجواب

أخي الكريم.. غفر الله لك وتاب عليك.. وآمل أن تجد في مشورة إخوانك بموقع المسلم عونا بإذن الله على حل مشكلتك.
والحقيقة أنها مشكلة مركّبة! وتتمثل في رغبتك في الزواج بأخرى غير زوجتك وأم أولادك التي تقول إنك لا تشعر بالراحة معها!
ويزيد من حدة هذه المشكلة أنك وقعت في الفاحشة مع هذه الفتاة التي ترغب في الزواج بها للستر.. إضافة إلى رغبتك، ولكن أهلها رفضوا!
أخي الكريم
لقد وقعت في جرم شنيع في حق نفسك وبيتك بهذه العلاقة المحرّمة؛ فضلا عن حق هذه الفتاة، وقبل ذلك كله حق ربك جل وعلا الذي حرّم الزنا وأغلظ عقوبته وبالأخص على المحصن (المتزوج)!
فأول ما أنصحك به هو الندم الشديد على ذلك والاستغفار والتوبة الصادقة مما وقعت فيه، وإصلاح ما بينك وبين ربك؛ ليصلح ما بينك وبين الناس!
ثم إني أستغرب من وصفك الفتاة (بالعقل)؟! فأي عقل هذا الذي لم يحجزها عن تسليم نفسها لهذه الفاحشة؟! نعم.. قد يكون مفهوما تعبيرك عن رغبتك فيها كزوجة لصفات معينة؛ بخلاف التعقل الذي ينبغي أن يقودها إلى حفظ نفسها وعرضها..!
هذا.. مع أن الكفل الأكبر فيما جرى بينكما يقع عليك بلا شك؛ فأنت الرجل.. وأنت الأكبر سنا.. ولكن سياق كلامك يؤكد أنكما تماديتما مع خطوات الشيطان حتى وقعتما هذا المنكر العظيم، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
أخي..
وعلى الجانب الآخر.. اسمح لي أن أتوقف وأتحفظ تجاه ما تذكره عن زوجتك وأم أولادك، وكأني بك تبرر بشكل غير مباشر لعلاقتك المحرمة بعدم راحتك مع هذه الزوجة الغافلة!
وتصور أخي أن تتحول الدنيا لغابة وحياة بهيمية؛ عندما يتجه للحرام والفساد كل من يشعر بعدم الراحة مع من أحل الله له!
وهل لك أن تتصور أو ترضى في المقابل بمثل ذلك من زوجتك للشعور نفسه "عدم الراحة"!
إنني أدعوك أخي الكريم إلى وقفات عديدة أرجو الله أن يصلح بها شأنك متى صدقت في الإصلاح:
الوقفة الأولى: مع نفسك التي بين جنبيك، والتي ظلمتها ظلما شديدا بإهمال بيتك والدخول في علاقة محرمة؛ فارجع أخي إلى ربك.. وسله العفو والمغفرة، واعزم عزما أكيدا على قطع هذه العلاقة وأسبابها.
الوقفة الثانية: مع بيتك.. زوجتك.. وأولادك؛ فلا تظن أنه من السهل أن تهدم أو تهمل هذا البيت الذي استرعاك الله ومن فيه لأسباب واهية وحجج فضفاضة.
فلا تظلم زوجتك بالهجر والإهمال، وإن كانت لك ملاحظات عليها فتلطف بوسائل مناسبة في إيصالها لها؛ فلعلها غير واعية بالتقصير في حقك، لا سيما ورعاية الأولاد تشغل وتلهي، بل هذا شأن البيوت كلها في الغالب مع مرور السنوات ونمو الصغار من مرحلة لأخرى!
كما أدعوك أخي إلى تذكر محاسن زوجتك وصفاتها الطيبة وما بينكما من عشرة وأولاد؛ بما يخفف من الملاحظات التي تنتقدها فيها.. عملا بوصية رسول الهدى صلى الله عليه وسلم: "لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها آخر" (رواه مسلم). ]لا يفرك: لا يبغض[. فاتق الله أخي واحفظ بيتك وأهلك.
الوقفة الثالثة: مع هذه الفتاة التي غرّرت بها..! واعذرني لقسوة الوصف؛ فلابد أن تستشعر ما ألحقته بها من أذى يهدد حياتها المقبلة، مهما كان منها من ضعف واسترسال. وأما عن الموقف الذي ينبغي لك تجاهها الآن:
فلو لم يحصل حمل فهنا لابد من بناء الأمر على مناسبة هذا الزواج لكما وإصلاحه من شأنكما؛ فلو كنت تعلم أن الفتاة عفيفة وسيرتها مستقيمة.. وأنها إنما استسلمت لك لعاطفتها نحوك، ومن المستبعد أن تقع في هذا الأمر مع غيرك، فإن الزواج بينكما جائز مع ضرورة التوبة النصوح منكما جميعا.
أما إذا كان الأمر غير ذلك.. فلا يصلح بناء زواج ومستقبل وبيت جديد على أساس هش، ومجرد عواطف طائشة.
وفي كل الأحوال لابد أن تراجع نفسك تجاه الزوجة والأولاد وتسعى في حفظ بيتك وإصلاحه. أعانك الله على الصدق في التوبة.. وهداك لما فيه الخير والسداد.