5 صفر 1437

السؤال

أنا عمري 19 سنه وزوجي عمره 25 سنه، وقد تزوجنا منذ 7 شهور، وهو بحكم دوامه في العمل لا يستطيع أن يأتي لزيارتي إلا بعد شهور، وما يزعجني أنه لا يهتم بي ولا يتصل، فماذا أفعل لحل هذه المشكلة؟؟..

أجاب عنها:
صفية الودغيري

الجواب

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: أختي السائلة الكريمة، بداية أشكر لك ثقتك بموقع المسلم، أما بخصوص مشكلتك فألخص أسبابها فيما يلي: معاناتك من فتور زوجك وعدم اهتمامه بك وضعف العلاقة العاطفية بينكما..
وهذه الحالة يمكن أن نربطها بضغوط الحياة اليومية والوظيفية للزوج، فغيابه لشهور عن البيت وطبيعة عمله الذي يداوم فيه، يكون له انعكاس سلبي على صحته النفسية والعاطفية، فالبعد بين الزوجين لمدة زمنية طويلة مع ضعف التواصل والحوار والخطاب بينهما يوَسِّع الفجوة في العلاقة الزوجية ويساهم في انفصالهما عن بعضهما عاطفيا..
ومن النصائح والإرشادات التي أقدمها لك أختي الكريمة ما يلي:
أولا: لقد اخترت منذ البداية الزواج برجل لا تسمح ظروف عمله بالتواصل اليومي والتواجد معك، فعليك أن تتعوَّدي على طبيعة هذه الحياة وإن كانت قاسية، وأن تتأقْلمي مع ظروف عمله بالتدريج..
ثانيا: صحِّحي علاقتك بالله، وراقِبي نفسك في السِّرِّ والعلن، فهذا سيهبك استقرارًا عاطفِيًّا ونفسِيًّا، وسيحثُّكِ على الإكثار من الطاعات والإقبال على أعمال الخير، واغتنام وقتك فيما يعود عليك وعلى حياتك بالفائدة والنفع، فإذا صَحَّ ما بينكِ وبين الله صحَّ ما بينكِ وبين زوجِك وكلَّ المحيطين بك، وستكتشفين في غياب زوجك فراغا لن يملأه إلا إذا جعلتِ لوقتِك قيمة تدعوك لتسخيره في إنجاز أعمال عظيمة ونافِعة، وجعلت لوجودك غايات وأهداف نبيلة تصْرِف تفكيرك إلى ما هو أكبر من التركيز في طبيعة تصرفات زوجك وتتبُّع أخطائه، وبالتالي ستتحرَّكين في حياتك بثقة عالية ويقين إيماني قوي يُشْبِع روحك بالتفاؤل والأمل، وانْشراح الصَّدر، والسكينة والطمأنينة، والرضا بأقدار الله، وكل هذا سيشحذ همَّتكِ لتوظيف طاقتك فيما يعود على بيتك وأسرتك بالخير والصَّلاح والاستقرار، ويغَيِّر نظرتك للحياة الزوجية ويهَوِّن عليك أسبابَ معاناتك..
ثالثا: أغلب الأزواج في بداية زواجهم يمرُّون بحالات من الاضطراب وعدم الاستقرار في العلاقة العاطفية التي تربطهم بزوجاتهم، وكذلك الحال بالنسبة لزوجك فهو لم يتعوَّد بعد على الحياة الزوجية وما تلزمه من حقوق وواجبات، لأنَّ تركيزه بالكامل في عمله ووظيفته التي تفرض عليه أن يعيش بعيدا عنكِ وعن بيته، وتجعله يشعر بالاغتراب وقسوة الحياة، فحاولي أن تتفهَّمي طبيعة حياته الجافَّة، وكوني له سندًا ومُعينًا يشدُّ أزْرَه ويُقَوِّيه على مواجهة ظروف عمله، وكوني له سَكنًا حقيقِيًّا، وبيتًا هادِئًا مستقِرًّا هو مرساه الآمن بعد رحلة المشقة والتَّعب، وامْنَحيه الشُّعور بالرَّاحة والهناء، والفرح والسعادة..
رابعًا: إن الزوجة الناجحة هي مختلفة عن بقية النساء في أسلوب كلامها وتعاملها مع زوجها، وفي طريقة تفكيرها ومظهرها وزينتِها، وفي أقوالها وردَّات أفعالها..
فكوني تلك الزوجة المثالية، والأمَّ الرَّؤوم الحنون، والحبيبة القريبة من قلبِ زوجها وروحه، ورفيقة عمره التي تحمل عنه ما يقصم ظهره ويثقِل كاهله، والتي تخفِّف عنه همومه ومشاكله، وتحتوي أفراحه وأحزانه..
وكوني لزوجِك منبع الدِّفْء والعطاء الذي لا ينضب، وامْنَحيه الشُّعورَ بالسعادة والفرح، وحينها ستَجِديه قريبًا منك يذْكرُك في كل أحواله حتى وهو بعيد عنك، ويهُبُّ إليك مسرعًا للقائِك ويرْغَب في حديثِك والاتِّصال يك، لأنَّكِ سبب راحته وأمانه وانْبساطه، ولأنَّك تهبينَه لذَّة الإحساس المُفْعَم بالجاذبية والكفيل بأن يخفِّف همومه ومشاكله وضغوط عمله، ويهدِّئ من اضطرابه النفسي والعاطفي..
خامسا: إن الزواج ليس مجرد ارتباط عاطفي لإشباع رغبات واحتياجات الروح والجسد، بل هو علاقة بناء مشترك للبيت والأسرة التي هي نواة المجتمع، والزوجة الصالحة تستوعِب هذا المعنى وتعمل لتسخير طاقاتها لتكون أهْلاً لتحمُّل المسؤولية وإقامة دعائم هذا الصرح الشامخ، وتسعى قدر استطاعتها لإعانة زوجها على طاعة الله ومرضاته، وعلى النهوض بالمهام المنوطة به على أحسن وجه..
سادسا: حاولي أن تمتلكي مفاتيح قلبِ زوجك المغلقة، وتعوَّدي على أن تستخدمي كل مفتاح في الوقت والمكان والظرف المناسب، وأن تبلغي مرادك وما تطمحين إليه من خلال الحوار النَّاضِج، والخطاب الراقي، والتأثير عليه بأسلوب الرِّفق واللِّين، والكلمة الطيبة المحبَّبة إليه، فعلى قدر ما تمنحيه من مودة ومحبة سيمنحكِ عطاء ضِعْفَ عطائِك، ومشاعر توثِّق العلاقة بينكما..
سابعًا: لا تجعلي زوجك تحت المجهر في كل حالاته وتصرفاته، وحتى وإن كان مخطئا وفيه من العيوب ما يضايقك، ولا يهتم لأمرك ولا يتَّصل بك إلا نادرا، عليك أن تستخدمي ذكاءك وحكمتك لتجعليه يغيِّر عاداته القديمة، ويبدأ معك صفحة جديدة، يشعر فيها بوجودك ومكانتك في قلبه وحياته..
وحاولي أن تحدِّثيه وتخبريه عما يزعجك ويضايقك إما بالتلميح او بالتصريح بأسلوب جميل ومؤثِّر حين تجدين الفرصة المناسبة، واجتهِدي في إصلاحِ ذاتك وتغيير أسلوب تعاملك وحوارك، واجعليه منْسَجِما مع ذوقِه ومناسبا لطبعه، فهذا من شأنه أن يذيب الفوارق بينكما، ويبعث الاستقرار داخل حياتكما معا..
أسأل الله العلي القدير أن يهدي بصيرتك للحق ورشادِ الفكر، ويهدي زوجك للخير ويدله عليه، وأن يزرع بينكما المودة والرحمة، وينعم عليكما بحياة زوجية سعيدة..