دوما تُباد ... فهل من مغيث ؟
3 ذو القعدة 1436
د. زياد الشامي

ليست هي المجزرة الأولى التي يرتكبها طاغية الشام بحق المدنيين العزل في سورية عموما وفي الغوطة الشرقية ودوما على وجه التحديد , فقد شهدت هذه البقعة من أرض الشام المباركة عشرات المجازر المشابهة , كان أبرزها مجزرة الكيماوي التي لم يبق إلا أيام على اكتمال عامين على ذكراها .

ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي يستهدف فيها النظام السوري الأسواق الشعبية التي تعج بالبائعين من النساء والأطفال بعد أن فقدت كثير من العائلات السورية معيلهم من الرجال , فقد شهد العام الحالي حوالي 47 هجوما على الأسواق , منها 6 استهدافات منذ بداية هذا الشهر .]

وإذا كانت سمة الأعوام الثلاث الماضية من عمر الثورة السورية هو تركيز النظام النصيري على استهداف المخابز , حيث اختلط الدم السوري بالخبز ولقمة العيش , فإن سمة هذا العام هو استهداف الأسواق الشعبية .

ولعل ما يميز المجزرة النصيرية الأخيرة التي استهدفت سوقا شعبية في دوما أمس الأحد هو عدد الشهداء الكبير الذي وصل إلى 110 حتى الآن , بينما وصل عدد الجرحى والمصابين إلى أكثر من 300 جريح ..... ناهيك عن السلاح الذي أدى إلى هذه المجزرة الرهيبة "صواريخ موجهة" , مما يعني أن استهداف الأماكن المكتظة بالمدنيين في المناطق السورية المحررة باتت سياسة نصيرية واضحة المعالم , خصوصا في أوج هزائمه واندحار قواته على أكثر من جبهة .

الصمت المطبق

ما يلفت الانتباه في هذه المجزرة الرهيبة وأمثالها من مجازر طاغية الشام مؤخرا هو الصمت العربي والدولي المطبق , فلم نسمع ولو تعليقا واحدا من جامعة الدول العربية , أو تنديدا واستنكارا على ما جرى , فضلا عن الدعوة لاجتماع عاجل لوزراء الخارجية العرب لوضع حد لهذه المجازر ....فالجامعة العربية وأمينها العام مشغولون – على ما يبدو - بأمور أخرى خارج نطاق الأزمات العربية وعلى رأسها الحرب في سورية .

وإذا ما تجاوزنا نطاق الدول العربية وجامعتها التي لا تملك في أقصى ما تستطيعه إزاء أمثال هذه الأحداث إلا الشجب والتنديد , فإن الصمت الدولي والأممي تجاه مجزرة دوما الأخيرة - والتي تعتبر جريمة حرب وإبادة بامتياز – خطير و مهين , فحتى عبارات القلق التي كان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون يعبر عنها إزاء أمثال هذه المجازر الرهيبة لم تصدر , ونفس الوضع ينطبق على الدول الغربية التي لزمت الصمت ولم تعد ترى – على ما يبدو - في مثل هذه المجازر وأعداد القتلى والمصابين في سورية على يد الطاغية ما يدعو إلى الاستهجان أو التنديد والاستنكار , وخصوصا بعد أن تم التوقيع على اتفاق طهران النووي الذي يرى مراقبون أنه قد تم فيه تسليم ملف الأزمة السورية إلى روسيا وإيران .

أقل الواجب إسلاميا

إزاء هذا المشهد الذي أصبح فيه من أوضح الواضحات أن العالم بصهاينته ومجوسه والصليبيين قد تحالفوا ضد انتصار الثورة السورية , لا ينبغي على دول أهل السنة العربية وغير العربية التعويل على تغير الموقف الروسي أو الصفوي من مسألة إزاحة طاغية الشام .

لقد أثبتت الوقائع والأيام أن من مصلحة روسيا وإيران الإبقاء على طاغية الشام , وأن ما يتردد بين الحين والآخر من إمكانية تنازل أحدهما عن هذا المطلب ما هو إلا أوهام , فها هو وزير الخارجية الروسي يقول اليوم خلال مؤتمره الصحفي مع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف : إن موقف روسيا لم يتغير منذ بدء الأزمة السورية , وهو أن يحل السوريون بأنفسهم من دون تدخل خارجي ومن دون شروط مسبقة ومن دون إملاءات ووصفات يفرضها لاعبون آخرون من الخارج أزمتهم , مشيرا أن جنيف عام 2012م قد حدد أن حل الأزمة السورية لا يكون إلا وفق حوار بين الحكومة السورية والمعارضة , والاتفاق بينهما على صيغة المرحلة الانتقالية ..." مما يعني أنه لا بد من موافقة الطاغية على إزاحة نفسه ....فهل يمكن أن يحدث ذلك ؟!!

بل إن لافروف قالها ومن دون خجل – كما وصف بنفسه – أنه مع اتفاق روسيا مع دول الخليج على ضرورة حل الأزمة السورية سلميا , إلا أن هناك خلاف حول حل مصير الرئيس الشرعي والفاعل لسورية – ويقصد الطاغية – وفي حال أصرت الأطراف الأخرى "الخليج وتركيا والمعارضة" على شرط رحيل الطاغية أثناء الاتفاق على المرحلة الانتقالية , فإن روسيا "لا تقبل ذلك...." , فهل هناك موقف أوضح من ذلك !!

أما ظريف فقد أكد في نفس المؤتمر توافق موقف طهران مع روسيا بالنسبة لحل الأزمة السورية ومصير طاغية الشام , وهو ما يفسر تصريح وزير إعلام الطاغية من طهران بأن أي حديث عن حل سياسي يمس بقاء الطاغية على سدة الحكم في سورية أو يمس الحكومة المنبثقة عنه هو حل فاشل وساقط ولا محل له من الإعراب حسب وصفه .

وقد أكد هذا الموقف مستشار المرشد الإيراني للشؤون الدولية علي ولايتي الذي وصف طاغية الشام بأنه "رجل الميدان" .

إذن لا يمكن انتظار تغير موقف كل من روسيا وطهران من بقاء طاغية الشام , بل لا بد للدول الإسلامية من حسم موقفها من مسألة تزويد المجاهدين في أرض الشام بالسلاح النوعي المضاد للطائرات , والذي سيمثل بداية حسم المعركة لصالحهم بإذن الله .

إن أقل الواجب إسلاميا تجاه الحرب المستمرة في سورية منذ أكثر من أربع سنوات , هو تقديم جميع سبل دعم صمود أهلنا هناك , وعدم التردد في تزويدهم بما يرد عنهم جرائم ومجازر طاغية الشام .