محاولة غربية جديدة لشرعنة الفاحشة
27 شوال 1436
د. عامر الهوشان

لا يبدو أن محاولات الغرب عبر ما يسمى "المنظمات الدولية" لشرعنة الفاحشة ونشر الرذيلة في بلاد المسلمين والعالم بشكل مقنن ستتوقف , بل يبدو أن تلك المحاولات تتوالى تباعا كل فترة بشكل ممنهج و ضمن خطة تبدو مدروسة للوصول إلى الهدف المنشود .

منذ عامين فقط وتحديدا في مارس من عام 2013م أصدرت لجنة مركز المرأة التابع لمنظمة الأمم المتحدة وثيقة تحمل عنوان : "وثيقة إلغاء ومنع كل أشكال العنف ضد النساء والفتيات" , وقبل ذلك كان مؤتمر بكين في الصين عام 1995م , وقبله كان مؤتمر السكان بالقاهرة عام 1994م .......

وأمس وضمن اجتماعات منظمة العفو الدولية الاعتيادية كل عامين , قدمت المنظمة - بعد اجتماعها الذى ابتدأ يوم 7 أغسطس وانتهى أمس - طلبا بعدم تجريم ممارسة الرذيلة أو العمل فى هذا المجال .

وأشارت صحيفة "لو موند" الفرنسية ، إلى أن نص الطلب التى قدمته منظمة العفو الدولية يفيد بعدم تجريم الأنشطة الجنسية ، وفرض عقوبات على ممارسيها ، إذا كانت تتم بالتراضى ولم ينتج منها أى خلافات بين الطرفين البالغين .

لم تعد هذه الفكرة جديدة بالنسبة لمنظمة العفو الدولية التي تسعى منذ عامين لنشرها وتعميمها فى كل بلدان العالم فحسب , بل هي ليست بجديدة على جميع المنظمات الدولية التي يتحكم بها الغرب عموما .

لم يرق للغرب على ما يبدو أن تقتصر آثار انتشار الفاحشة والشذوذ الصحية والاقتصادية والاجتماعية و الأسرية ....على بلاده فحسب , فأراد ان تعم تلك الآثار بلاد المسلمين أيضا , فراح يتحايل من أجل الوصول إلى تلك الغاية بكل فنون الكذب والشعارات الكاذبة والمخادعة التي بات يتقنها .

من البدهي أن تحمل عناوين هذه الوثائق ونتائج تلك المؤتمرات شعارات منمقة , من أمثال "مناهضة العنف ضد المرأة" وما شابه ...إلا أن المضمون والجوهر يؤكد أن الهدف ليس رفع الظلم والحيف الواقع على المرأة أو إنصافها , بل الهدف هو نشر الثقافة الغربية اللاأخلاقية في العالم أجمع , على حساب ثقافات الأمم والشعوب , وعلى رأسها الأمة الإسلامية التي تستمد ثقافتها من كتاب ربها وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم .

وعلى الرغم من الفوارق الجوهرية بين ما تنص عليه مواثيق الأمم المتحدة بخصوص المرأة وبين ما تتضمنه الشريعة الإسلامية من أحكام , إلا أن الغرب مصر على الاستمرار في محاولة تمرير خبائثه ومجونه إلى العالم الإسلامي .

لقد أصدر الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بيانا حول مسودة وثيقة مناهضة المرأة لعام 2013م , وشرح فيه بالتفصيل ما بين سطور هذه الوثيقة , وما تحاول أن تمرره وتفرضه على بلاد المسلمين , كما فند ما يتعارض من بنود تلك الوثيقة مع أحكام الشريعة الإسلامية وأهمها على سبيل المثال :

1- محاولة استبدال ما يسمى الشراكة بالقوامة الإسلامية .
2- التساوي التام في تشريعات الزواج مثل إلغاء كل من : التعدد ، والعدة ، والولاية ، والمهر، وإنفاق الرجل على الأسرة ، والسماح للمسلمة بالزواج بغير المسلم وغيرها .
3- التساوي في الإرث.
4- سحب سلطة التطليق من الزوج، ونقلها للقضاء
5- منح الفتاة كل الحريات الجنسية، بالاضافة إلى حرية اختيار جنسها وحرية اختيار جنس الشريك (أي أن تختار أن تكون علاقاتها الجنسية طبيعية أو شاذة) ، مع رفع سن الزواج إلى الثامنة عشر .
6- مساواة الزانية بالزوجة، ومساواة أبناء الزنا بالأبناء الشرعيين مساواة كاملة في كل الحقوق.

إن تقديم منظمة العفو الدولية طلبا لدول العالم بعدم تجريم ممارسة الفاحشة وعدم فرض عقوبة على ممارسيها ما دامت قد حصلت بالتراضي حسب وصفها ....يعتبر في غاية الخطورة , حيث إنه بمثابة دعوة علنية لشرعنة الفاحشة وتقنين الرذيلة وبيوت الدعارة ليس في الدول الغربية فحسب , بل في عقر ديار وبلاد المسلمين !!

وإذا كانت العديد من المنظمات التى تدافع عن حقوق المرأة قد رفضت هذا الإقتراح ووصفته بالسئ نظرا لما يترتب عليه من جعل الملايين عبيدا للجنس , فإن رفض المسلمين لمثل هذه الدعوات ينطلق من أحكام الشريعة الإسلامية التي تحرم الزنا وتعتبره من الكبائر , ناهيك عن تحريمها الشذوذ وكل ما لا يتوافق وينسجم من الممارسات والأفعال مع الفطرة التي فطر الله تعالى الإنسان عليها .

وإذا كان الغرب وأداوته من المنظمات الدولية وغيرها تعول في محاولاتها شرعنة الفاحشة وتقنين الرذيلة في بلاد المسلمين على تحريف المصطلحات , وتزيين الشعارات , والضرب على وتر الشهوات , ناهيك عن اعتمادها على أذنابها وعملائها في بلاد المسلمين من العلمانيين والليبراليين الذين يزينون للناس الخبيث ويروجونه , فإن دين الله تعالى يعتمد في محافظته على العفة والفضيلة والأخلاق على إيمان أتباعه ويقينهم بأن في شرع الله تعالى وحده نجاحهم وسعادتهم في الدنيا , ونجاتهم وفلاحهم يوم القيامة .