ما وراء تفجير أبها
22 شوال 1436
خالد مصطفى

هجوم جديد تم تنفيذه أمس الخميس استهدف مسجدا لقوات الطوارئ الخاصة السعودية بمدينة أبها بمنطقة عسير خلال أداء صلاة الظهر مما أدى لمقتل 12 من منسوبي قوات الطوارئ و3 عاملين بالإضافة لعدد من المصابين..

 

وقد عثر في الموقع على أشلاء يعتقد أنها ناتجة عن تفجير بأحزمة ناسفة وبعد ساعات من التفجير أعلن تنظيم داعش مسؤوليه مشيرا إلى أن المنفذ هو  المدعو "أبو سنان النجدي" دون الكشف عن اسمه الحقيقي..التفجير ليس جديدا في الفترة الأخيرة في السعودية وبنفس الطريقة تقريبا وقد تعدى الأمر لدول خليجية أخرى مثل الكويت وهو يأتي في وقت يشن التنظيم هجمات داخل تركيا التي تتعرض الآن لهجمات من تنظيم داعش وحزب العمال الكردستاني في وقت واحد مما يثير تساؤلات عديدة حول أهداف تنظيم داعش الحقيقية من التفجيرات المختلفة بل ومن مزاعمه بشأن قتال نظام الأسد في حين يشن هجمات على الثوار وعلى الدول التي تعارض نظام الاسد في آن واحد, ويقف موقفا مختلفا مع إيران التي تعد أكبر داعمي نظام الأسد حيث لم نسمع عن هجمات استهدفت مساجد أو مواقع داخل إيران تبناها التنظيم..

 

الهجمات الأولى على السعودية والكويت كانت تهدف لإشعال حرب طائفية داخل هاتين البلدين حيث يوجد عدد من المواطنين الشيعة في وقت تدعي فيه طهران اضطهاد هؤلاء المواطنين وتزعم وجود مطالب لهم ..التفجيرات أيضا تاتي في وقت تنفذ فيه دول الخليج عملية ناجحة ضد أذناب إيران في اليمن وقد تم تحقيق انتصارات كبيرة اعترف بها المتمردون الحوثيون, حيث استطاعت المقاومة تحرير مدينة عدن الجنوبية وفتح مطارها الدولي بعد إغلاقه لمدة 4 أشهر وطرد الحوثيين من المدينة, كما طردتهم من قاعدة العند الاستراتيجية بمحافظة لحج وتوجهت لانتزاع محافظة أبين من أيدي الحوثيين وقوات الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح استعدادا لتحرير العاصمة صنعاء التي تشهد حالة من الذعر في أوساط الحوثيين...

 

أضف إلى ذلك رجوع عدد من وزراء الحكومة اليمنية الشرعية التابعة للرئيس هادي إلى عدن للإشراف على أعمال إعادة الحياة الطبيعية للمدينة الهامة..هذه الانتصارات الهامة يبدو أنها أصابت البعض بالفزع فأراد أن يوقفها فلم يجد سوى استهداف الآمنين داخل المساجد وهو أمر عجيب فهل أصبحت معارك داعش مع المصلين داخل المساجد سنة كانوا أو شيعة؟!...توقيت التفجيرات وما يحيط بها من معارك في المناطق المشتعلة يخدم دولة واحدة في المنطقة وأولياءها فهل حدث هذا مصادفة؟! ..

 

رد الفعل الصارم والواضح من عدد من المشايخ والدعاة قطع الطريق على الترويج لمثل هذه الأفعال ونسبتها لخدمة الإسلام أو ما شابه كما يحاول تنظيم داعش أن يزعم ويغرر ببعض الشباب؛ فقد استنكر رئيس هيئة كبار العلماء رئيس اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالسعودية الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ, التفجير, ووصفه بـ "العمل الإجرامي المشين والقبيح الذي لا يقبله إنسان ولا دين" . وقال: المصاب مصاب الجميع وأسأل الله أن يتقبل الشهداء وأن يدخلهم جنته وأن يمن على المصابين بالشفاء العاجل إن شاء الله , قال الله تعالى (ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم) , هذا عمل إجرامي وعمل مشين وعمل قبيح لا يقبله إنسان ولا دين ويدل على عدم الإيمان عند هؤلاء يقتلون المصلين المطمئنين الذين يؤدون فريضة الإسلام ويفجرونهم تفجيراً سيئاً , وهذا دليل على فكر سيئ والحقد العظيم ولا يزيدنا هذا الا تلاحماً وقوة واجتماعاً وتألفاً إن شاء الله وترابطاً بيننا وبين قائدنا .كما أدان عدد كبير من المشايخ والدعاة، الحادث وقال الشيخ عائض القرني واصفاً مرتكبي الحادث: “هؤلاء هم شر الخلق والخليقة يقتلون الركع السجود، وقتلوا قبل ذلك أمير المؤمنين علي بن أبي طالب”...

 

وترحم الشيخ سلمان العودة على الشهداء: “إنا لله وإنا إليه الراجعون.. اللهم ارحم الشهداء، واشف الجرحى، وألهم الأحياء الصبر، واكفنا شر المفسدين في الأرض”.وغرّد الشيخ محمد العريفي: “ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها، تخريب المسجد وقتل المصلين والتنفير عن الصلاة أكبر ظلم”.

 

وقال الدكتور محسن العواجي: “لا تكفي المواقف القولية وتغريدات المواساة بل يجب استئصال الفكر والمنابر التي تؤدي مخرجاتها إلى استهداف الركع السجود باسم الدين.. وفق الله بلادنا وقادتها وشعبها لوأد شر الأشرار.. وشهيدنا من السجدة إلى الجنة طاهراً”. وقال الشيخ عبدالعزيز الطريفي في تغريدة له: “عظّم النبي المرور بين يدي المصلي فكيف بقتله، قال (لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خيراً له من أن يمر بين يديه)”, أما الدكتور عبدالعزيز الفوزان فغرّد قائلا: “لولا ما رأيته من المغترّين بالخوارج ودعاياتهم ما ظننت أن مسلماً سيؤيدهم وهو يرى خطرهم على الدين وجرأتهم على التكفير والقتل”..

 

وقال الشيخ محمد المحيسني إمام جامع الراجحي بمكة: “لا يستهين بحرمة المساجد مؤمن يعظّم شعائر الله ويراعي حدوده! (ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يُذكر فيها اسمه وسعى في خرابها)، ورد النهي عن تفجير المعابد والصوامع فكيف بالمساجد؟ (ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه) هذا المنع فكيف بالقتل؟”.