26 شوال 1436

السؤال

هل يحق لزوجتي استجلاب أهلها.. أمها وأبيها وأختها، وتسكينهم شهرًا في بيتي.. وهو صغير (ثلاث غرف) ومعارضتي في ذلك بحجة ولادتها.. وأنها تحتاج من يرعي أطفالها الآخرين (ولدين فقط).. علي الرغم من أنها تعترض على أخذ أولادي لزيارة أهلي واللعب مع أطفال أهلي بحجة أنهم يكرهونهم.. وهذا كذب؟!

أجاب عنها:
خالد عبداللطيف

الجواب

مرحبا بك أخي الكريم في موقع المسلم.. وفقك الله لما يحبه ويرضاه ويسر أمرك وأصلح لك شأنك كله.
أخي الكريم
أشكر لك في مستهل مشورتي أدبك في الاستفسار حيث تسأل: هل يحق لزوجتي..؟!
وهو أسلوب ينم عن إنصاف بين جوانحك في طلب الحق والنصح؛ فزادك الله حرصا وتوفيقا لكل خير.
أما مشكلتك فهي تتمثل في رغبة زوجتك في مرافقة أهلها لها في بيتك لرعايتها وصغارها في ظرف الولادة.. كما أنك تشكو معارضتها أخذ أولادك لأهلك بدعوى أنهم يكرهونهم.
أخي الفاضل
أقدّر ما تعانيه وتشكوه، فمن حقك التماس الراحة والسكينة في بيتك.. لكني أقّدر في المقابل هذا الظرف العظيم الكريم الذي تمر به زوجتك!!
نعم أخي، بارك الله فيك، إنها ليست مجرد حالة صحية طارئة.. بل هو شأن كبير لا يدركه إلا من يعانينه! ولأجله عظّم الله تعالى حق الأمهات وجعله أعلى من حق الآباء إلى ثلاثة أضعاف؛ كما في الحديث المشهور عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "جاء رجلٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟، قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك" (متفق عليه).
و جاء في الأدب المفرد أن رجلا من اليمن.. كان يطوف حول الكعبة المشرفة يحمل أمه على ظهره وهو يقول :إني لها بعيرها المذلل ... ان أذعرت ركابها لم أذعر!
يشبّه نفسه وهو يحمل أمه بالبعير المذلل لها.. فجاء رجل إلى الصحابي الجليل عبدالله بن عمر (رضي الله عنهما) فدله على ذلك الرجل وسأله: أترى أنه كافأ أمه؟ فقال ابن عمر: "لا.. ولا بزفرة واحدة!" (يعني من زفرات الولادة) أي أنه لم يؤد من حق أمه شيئا.. ولو أنه طاف بها حول البيت.. وهي على كتفيه وظهره (قال الألباني: صحيح الإسناد).
وانظر أخي وتذكر.. كم هو شعورك نحو والدتك الكريمة التي كانت سببا في حياتك بفضل الله، وما عانته لإخراجك إلى الحياة من حمل وولادة؛ ليزداد استحضارك لحال زوجتك في هذا الظرف!
فلا تجزع أخي من رغبة زوجتك في مرافقة أهلها، في مثل هذا الظرف العصيب؛ الذي يؤول بإذن الله لك بذرية طيبة هي أغلى ما تملكه في هذه الحياة، واجعل ترقب هذه النعمة يهوّن عليك هذه الاستضافة الطارئة، التي ستكون لشهر واحد، مع أنها قد تحتاج لأكثر من هذه المدة حتى تنتهي من حالة النفاس التي تعاني فيها المرأة كثيرا وتحتاج للمساندة والعون.
بل أوصيك أخي أن تُشعر زوجتك بتقدير حالتها ورغبتها؛ لتتم هذه الاستضافة في أجواء من المحبة والمودة ترفع معنوياتها وتزيد من تحمّلها لما تمر به، ويعظم بذلك أجرك عند الله الكريم المنان.
أما إشكالية صغر البيت.. فالأمر يحتاج لترتيب وتدبير وتحمّل من جانبك لفترة محدودة، وليست إقامة دائمة تؤرقك وتزعجك، فاستعن بالله وتوكل عليه وأصلح نيتك في معاونة زوجتك هذه الفترة العارضة.
ومن جهة أخرى: بخصوص معارضتها لك في زيارة أولادك لأهلك بدعوى أنهم يكرهونهم.. فلا أحسبه إلا من الاختلافات العابرة التي لا ترقى لحد الوصف بالأزمة أو المشكلة، وشأنك في ذلك معها الرفق والنصح والتذكير بضرورة صلة الرحم، ونبذ الأفكار السيئة التي يسعى الشيطان بها إلى التفريق وقطع الأرحام.
وفقكما الله لكل خير ورزقكما ذرية طيبة مباركة وألف بينكما وأصلح ذات بينكما.