ثوار سوريا بين المكاسب والمخاطر
25 شعبان 1436
خالد مصطفى

منذ بداية مارس الماضي وثوار سوريا يحققون الكثير من الانتصارات على مليشيات الأسد ويكسبون المزيد من الأراضي وسط تأكيدات من مصادر معارضة أن نظام الأسد لم يعد يسيطر سوى على 25 في المائة فقط من أراضي سوريا رغم الدعم الكبير الذي يتلقاه من مليشيات حزب الله وإيران وغيرها من المليشيات الطائفية بالإضافة للمرتزقة من عدد من الجنسيات...

 

وكانت أكبر ضربة تعرض لها النظام الأسدي خلال هذه الفترة هي السقوط المدوي  "للواء 52" وأربع قرى تحوطه، ليصبح خط الدفاع الأول عن العاصمة دمشق في مرمى الثوار..

 

والمثير في الأمر هو تفاصيل سقوط هذا اللواء شديد الأهمية والذي جرى خلال معركة استمرت لـ6  ساعات فقط وهي المعركة التي أطلق عليها الثوار "القصاص" للرد على  المجزرة التي ارتكبتها طائرات النظام الأسدي في منطقة الحراك (موقع اللواء)..وحسبما ذكر  الناطق الرسمي باسم "الجبهة الجنوبية" الرائد عصام الريس فإن "المعركة بدأت صباح الثلاثاء، وخلال أقل من 6 ساعات سيطر المقاتلون على كامل مساحة اللواء 52 وأربع قرى محيطة به، كانت فيها حواجز للنظام، لتكون المساحة المحررة بأكملها نحو 1200 هكتار"...

 

ولمعرفة أهمية هذه الخطوة وتأثيرها على معنويات الطرفين بالسلب والإيجاب يقول الريس إن اللواء 52 هو ثاني لواء من حيث المساحة الجغرافية في سوريا، ويضيف: "إنه لواء "ميكا" - ميكانيكي، يتبع للفرقة التاسعة دبابات التي تتمركز قيادتها في الصنمين، وهي فرقة احتياطي قيادة عامة ومجهزة بدبابات 72، ويحتوي اللواء على ثلاث كتائب ميكانيكية، وكتيبة دبابات 72 وخامسة مدفعية وسادسة للهندسة. وتمت السيطرة عليها، وكانت هناك غنائم جيّدة حصلت عليها ألوية وتشكيلات الجبهة"، ويتابع أن "اللواء الميكانيكي عبارة عن فرقة دبابات مسؤول عن نقل الجنود ويملك عربات مدرعة لنقل الجنود"...

 

وكان هذا اللواء الغاشم يشن هجمات مستمرة على قرى درعا ويختطف شبابها ويذيقهم الويلات داخل سجونه...

 

موقع سكاي نيوز الإخباري نشر تقريرا أوضح فيه موقف نظام الأسد الحالي قائلا: "يواجه الرئيس السوري، بشار الأسد، مزيدا من الضغوط بعد أن تعرضت القوات الحكومية خلال الأيام القليلة الماضية لانتكاسات جديدة، مما يضع الحكومة السورية في خانة الطرف الأضعف خلال أي مفاوضات مقبلة"..وأشار الموقع إلى سيطرة الثوار على أجزاء من قاعدة الثعلة الجوية بمحافظة السويداء بالجنوب أيضا بعد السيطرة على اللواء , واضاف, "هذه الهزائم تضاف إلى سلسلة الانتكاسات التي منيت بها القوات الحكومية في شمال البلاد، ولاسيما في إدلب حيث نجحت فصائل المعارضة في السيطرة على معظم مناطق المحافظة ومركزها قبل شهرين تقريبا ومع توالي الهزائم تحدثت تقارير عن عزم القوات الحكومية المحبطة التركيز على الدفاع عن دمشق ومحافظة اللاذقية، التي تعد معقل الأسد، بالإضافة إلى طرد المعارضة من منطقة القلمون الحدودية مع لبنان بالتعاون مع حزب الله"...

 

وبقدر أهمية هذه الانتصارات للثوار إلا أن التقرير أفاد بأن هناك محاولات غربية للتوصل لتسوية سياسية مع نظام الأسد وهو ما يشير إلى محاولات غربية لإجهاض نجاح الثوار عن طريق الحفاظ على ماء وجه الأسد ونظامه والإبقاء على هيكله الأساسي ما ينذر بمخاطر تتعدى ما يجري الآن في اليمن بعد إجهاض الثورة الشعبية على نظام علي عبدالله صالح...

 

إن الغرب صرح منذ أسابيع بأنه لا يريد إسقاط نظام الأسد ولكن يريد عزل الأسد نفسه وهو أمر لا يرضي الثوار ولا أغلبية الشعب السوري الذي ذاق الأمرين من النظام الأسدي حتى قبل مجيئ بشار فالأزمة ليست في رأس النظام ولكن في النظام نفسه وهذا لا يعني هدم الدولة السورية ولكنه يعني التخلص من رؤوس الأفاعي وحاشيتهم الذي كانوا يسيطرون على مفاصل الدولة لمصلحة طائفتهم...

 

اللافت في المعارك الأخيرة هو تجمع الثوار معا في هذه المعارك الفاصلة مع قوات النظام سواء كان جيش الفتح في إدلب أو الجبهة الجنوبية في الجنوب وهو ما يشير إلى استراتيجية أكثر نضوجا في عمل الثوار بعد فترة من التشتت والانقسام استفاد منها النظام ولكن الأهم هو الحفاظ على هذه المكاسب والحذر من الالتفاف عليها من أطراف سياسية مشبوهة تريد القفز على هذه النجاحات بمكاسب ضئيلة لإرضاء الغرب الذي يريد بقاء أذناب النظام ولا يريد للشعب السوري التحرر الكامل.