الجولاني.. جدلٌ يبدأ بإخفاء وجهه ولا ينتهي عند الظواهري؟
12 شعبان 1436
منذر الأسعد

كما كان متوقعاً، أثارت حلقة هذا الأسبوع من برنامج:بلا حدود بقناة الجزيرة القطرية مناقشات صاخبة، حتى قبل أن يسدل الستار على نهاية الحلقة، فقط لأن الضيف هو أمير جبهة النصرة في بلاد الشام أبو محمد الجولاني، الذي ينقسم الناس حوله ما بين أعنف درجات العداء الغليظ إلى أسوأ حالات الغلو.

 

 

وتبين لاحقاً أن الله كتب للجولاني ولطاقم الجزيرة أن ينجوا من ضربة جوية أمريكية تعني وجود خرق أمني عنده،  فقد تم تغيير موقع التصوير قبل ساعة من موعده، فقصف الأمريكيون الموقع الفخ!!
انشغل البعض بإصرار الجولاني على عدم كشف وجهه لعدسة أحمد منصور وفريقه، بالرغم من تسريبات لم يتم التثبت من صحتها سبقت بث الحلقة زعمت أن الجولاني سيواجه الكاميرا بلا لثام ولا مواربة، وأنه سوف يعلن نقض فصم الارتباط بين الجبهة وتنظيم القاعدة بزعامة أيمن الظواهري..

 

 

لم يتحقق أيٌّ من الأمرين، فانتهز خصومه  ذلك للادعاء بأنه لا جديد في حواره، مع أن الرجل تبنى نظرية تقديم معركة دمشق على معركة الساحل، التي يلح عليه قادة آخرون لأنها الأهم عسكرياً فمن شأنها الإجهاز على تقسيم سوريا الذي يسعى إليه بشار وقادته الصفويون- لم يكن عبثاً أن يدعو أمير موسوي قبل مدة إلى ما سماه نقل العاصمة موقتاً من دمشق إلى طرطوس أو اللاذقية !!-..

 

 

غير أن الذين هوّنوا من شأن حديث الجولاني-الذي وعد المذيع بحلقة أخرى منه في الأسبوع المقبل- هاجموه بضراوة لأنه أطلق وعداً بحماية العلويين الذين يتبرؤون من نظام الأسد قبل أن يَقْدِرَ المجاهدون عليهم، على أن يدخلوا في دين الله الحق.
ومن المفارقات أن يلتقي على مهاجمة الجولاني كل من العصابة الأسدية وشركائها في إراقة أنهار الدم السوري،  والعلمانيون في المعارضة، وتنظيم داعش!! وهنا يصح القول: تعددت الخلفيات والعداء واحد.

 

فمن قائلين: إن حديثه طائفي يخدم النظام، إلى محتجين بعدم مشروعية العفو المشروط الذي أطلقه، متذرعين بحقوق أولياء الدم من أهالي الشهداء والمعتقلين والذين دمّر الطاغية بيوتهم وسامهم سوء العذاب..

 

 

في المقابل، يعثر المتابع على غرائب في الاتجاه المخالف،  كالصحافي حافظ قرقوط –درزي من السويداء- فقد أدلى لموقع سراج برس بشهادة حازمة تؤيد النصرة، فقال:
بالنسبة لي أتعاطى مع الوقائع التي على الأرض وليس بالأمنيات.. الثورة فرضت معطيات جديدة لا يمكن  تجاوزها،  ومن هذه المعطيات هي وجود جبهة النصرة،  ومهما قيل عنها من قبل السياسيين وغيرهم،  لا أحد يستطيع أن ينكر دورها في مقاتلة نظام الأسد الذي جلب الكوارث للسوريين،  وحين يشيح العالم وجهه عن تطرف الأسد ومن خلفه ومعه من دول وميليشيات ارتكبت فضائع يندى لها الجبين بحق السوريين تصبح المقاييس السورية التي تصدر عن الناس المنكوبة هي الأهم وهي من حقهم وحدهم حالياً،  وطالما أن السياسة خذلت هذا الشعب؛ فإن الدم الذي يسطر الواقع على الأرض هو السياسة الآن وعداه هرطقة".

 

 

وأضاف الصحفي قرقوط: "جبهة النصرة لم يسجل عليها على الأقل حتى الآن مجزرة ارتكبتها بحق البشر،  أما من ينتظر قوانين الحياة والبلد قبل أن تحط الحرب أوزارها فهو مخادع يريد أن يدسس السم بالدسم،  على الأقل الآن طائرات الأسد تفعل فعلها ومن الإجحاف أن نطالب من يقاتل بقانون مدني،  وهو بالأساس غير محمي إلا بقواه الذاتية،  غير ذلك فإن جبهة النصرة عندما حان وقت العمل الجماعي تقدمت نحوه،  وبالنسبة للحديث السائد حاليا عن وجود الأقليات فإني أراه حديثاً مضخماً ومقصوداً  في هذا الوقت الذي أصبح فيه النظام شبه جثة تنتظر الدفن،  وذلك بغية تشويه إنجازات الثوار على الأرض،  وخلق صراع وهمي جديد وتركهم يدافعون عن شيء افتراضي،  لا الدروز في إدلب ولا المسيحيون تعرضوا لسوء معاملة إن من النصرة أو غيرها،  كما أستطيع الإشارة إلى أحد المقربين مني من الدروز وهو الملازم أول عمران مهنا من السويداء هو مقاتل في تلك الكتائب التي تقاتل بإدلب،  فالأمور بنتائجها وليس بما نتوهمه في جلسات بعيدة عن الوقائع التي تفرضها الأرض،  فهل قدم لنا الآخرون بديلاً يساعد السوريين للخلاص من هذا الديكتاتور المجرم،  أظن أنه لم ينل السوريين لا من الغرب ولا الشرق،  ولا من بعض مثقفينا سوى الكلمات،  وهي سم قاتل لصالح الأسد".