سنة العراق بين "داعش" والرافضة
2 شعبان 1436
تقرير إخباري ـ المسلم

يبدو أن سياسة الولايات المتحدة الأمريكية وحليفتها طهران في العراق تتمحور حول نقطة أساسية مفادها تهميش أي دور لأهل السنة فيها , وحرمانهم من أي مكاسب على الأرض , وحصر خيارهم في بلدهم بين أمرين أحلاهما مر كما يقال : إما القبول بالتغول والهيمنة الرافضية على مقدرات العراق , من خلال الاستكثار من المليشيات الصفوية وعلى رأسها "الحشد الشعبي" وجعلها القوة الضاربة والمركزية في البلاد , بذريعة مواجهة ما يسمى "تنظيم الدولة الإسلامية" .

وإما بسيطرة تنظيم "داعش" التي تؤكد كل الوقائع والأحداث أن ممارساته لا تصب في مصلحة أهل السنة عموما , سواء في العراق أو سورية أو غيرها , وأن الكثير من علامات الاستفهام تثار حول نشأته وتمويله وممارساته التي لا تتوافق مع أحكام السياسة الشرعية , ناهيك عن كونها ممارسات لا تخدم أجندة ومصالح أهل السنة في شيء , بل ربما كانت تخدم أجندة ومصالح أعدائه أكثر .

وضمن هذه السياسة يمكن فهم سقوط مدينة الرمادي المدوي بيد تنظيم الدولة منذ أيام , وذلك بعد أشهر من بدء عمليات التحالف الدولي التي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية ضد "داعش" .

لقد كان بالإمكان منع سقوط هذه المدينة ذات الغالبية السنية بيد "داعش" لو كان هناك دعم حقيقي بالسلاح والعتاد لعشائر أهل السنة في البلاد , ذلك الدعم الذي طالما طالب به عشائر الأنبار بشكل عام لمواجهة تمدد تنظيم الدولة دون جدوى , لا لشيء سوى أن سياسة الغرب والرافضة معا تقوم على مبدأ أساسي هو عدم تقوية أهل السنة بالسلاح وإن كان ذلك لمواجهة العدو المشترك المزعوم "داعش" , مما يؤكد أن الحرب على ما يسمى "الإرهاب" – داعش وتنظيم القاعدة وما شابه – والذي تقوده مؤخرا أمريكا بالتعاون مع المليشيات الرافضية , ما هي في الحقيقة إلا غطاء وستارا لحرب أخرى تدار في الحقيقة والواقع ضد الوجود السني في العراق والمنطقة بشكل عام .

لم يكن هذا التحليل مستنبط من قراءات واستنتاجات خبراء ومحللون من أهل السنة فحسب , أو من صحف ووسائل إعلام عربية إسلامية سنية فقط , بل هو تحليل واستنتاج مجلة غربية أمريكية بامتياز , وهي على وجه التحديد "ديلي بيست" و " فورن بوليسي" وغيرها .

فقد تساءلت المجلة : لماذا تسمح بغداد – المقصود حكومة العبادي الرافضية الحالية - باستمرار انتصار "داعش" ؟! وهو سؤال وجيه وجوهري , ولا تبدو الإجابة عليه صعبة أو مثيرة للحيرة , فسياسة التحالف الدولي مع الحكومة العراقية التابعة لملالي طهران لإقصاء أهل السنة في العراق لم تعد خافية على أحد .

وإذا تركنا الإجابة للمجلة الأمريكية فإنها لا تبتعد كثيرا عن جوهر ما سبق ذكره , إلا أنها اكتفت بإثارة التساؤلات حول أسباب سقوط مدينة الرمادي للإشارة إلى تلك السياسة الطائفية ضد أهل السنة , ومدى التقصير في دعم العشائر والقوى السنية الذي أدى إلى سقوط المدينة بيد "داعش" .

لقد أكدت المجلة أن الرمادي كانت تتعرض للهجوم منذ أكثر من عام , وأن المدينة ظلت محاصرة من قبل "داعش" قرابة عام كامل , دون أن تقوم الحكومة الطائفية بأي جهد لتحصين المدينة ومنعها من السقوط , لا لشيء سوى لأن الأغلبية في هذه المدينة سنية ؟!!

واستشهدت المجلة بتصريحات الجنرال نجم عبد الجبوري، الذي تم تعيينه مؤخرا قائدًا لعمليات نينوى في الجيش العراقي , والذي أكد أن القوة لاستعادة الرمادي موجودة ، لكنها تحتاج إلى الأسلحة والذخيرة ......وأضافت المجلة : أن قوات الأمن العراقية – الرافضية - أقل استعدادًا من أي وقت مضى للقتال في أماكن ليست لها مصالح سياسية شيعية ولا علاقات طائفية !!

لقد أطلقت الكثير من الوعود من قبل الولايات المتحدة الأمريكية و حكومة العبادي لتسليح العشائر السنية لمواجهة تنظيم الدولة , إلا أن شيئا من تلك الوعود لم يحقق , بل إن "ستيرلينج ينسن" الذي عمل بشكل وثيق مع زعماء العشائر السُنية في الأنبار كمترجم لحكومة الولايات المتحدة في 2006-2008، والذي لا يزال على اتصال وثيق مع عدد من المسؤولين رفيعي المستوى في الأنبار , يؤكد : " أن ما يتم تسليمه من أسلحة في الأنبار يذهب إلى الأشخاص المرتبطين بالجيش العراقي أو قيادة العمليات المشتركة بدلا من أن يذهب إلى القوات المحلية غير النظامية ذات الدور الحاسم في الدفاع عن الأنبار" .

إن كل هذه الوقائع والأحداث تؤكد أن حكومة العبادي الصفوية في العراق لن تسمح بإنشاء قوة سُنية حتى لو كانت تلك القوة لمواجهة و محاربة "داعش" , وأن سقوط مدن أهل السنة بيد تنظيم الدولة الإسلامية أحب إلى الرافضة وأمريكا من امتلاك سنة العراق لقوة تمكنهم من مقاومة المشروع الصفوي , ولا أدل على ذلك من استكثار حكومة العبادي من المليشيات الطائفية على حساب تسليح أهل السنة .

إن المعادلة في العراق في ظل السياسة الأمريكية الصفوية الحالية تقوم على مبدأ وضع سنة العراق أمام خيارين أحلاهما مر : إما الخضوع لهيمنة الرافضة على البلاد والعباد , وإما تسهيل سيطرة "داعش" على مدنهم وقراهم , لتبرير شن الحرب عليها بعد ذلك بذريعة "محاربة الإرهاب" .
والحقيقة أنه لا مخرج لهذا الوضع القائم في العراق الآن إلا بدعم الدول الإسلامية الإقليمية لسنة العراق لمواجهة المخطط الغربي الصفوي قبل فوات الأوان .