خير البر
29 رجب 1436
نهال عبد الله

الإسلام هو دين البر والخير , وأعظم البر هو البر بالوالدين و فى حياتهما وحتى بعد موتهما .

 

 

والله عزوجل أمرنا ببرهما فى أكثر من موضع فى كتابه الكريم , وجعله أيضا بعد الأمر بتوحيده وذلك لبيان مدى عظمة هذا الأمر , قال تعالى :" وقضي ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أوكلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الّذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربيانى صغيرا "

 

 

فالإسلام أمرنا بحسن المعاملة  مع الناس جميعا والتلطف معهم ، فكان أحق الناس علينا بالشكر والتقدير والعرفان بالجميل هما الوالدان , لما قدما من تضحيات , وحب , دون انتظار مقابل .

 

 

بل كل ما يريدانه هو  أن يشاهدا أبناءهما  فى أحسن حال وأعلى مكان .

 

 

ففى المقابل على الأبناء أن يقدروا ما يفعله من أجلهم آباؤهم , وبأن يؤدوا لهم حقهم كما أمر الله عزو جل  .

 

 

ولأن برهما طريق تكون نهايته الجنة ، فعن عائشة أم المؤمنين  رضى الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " دخلت الجنة فسمعت فيها قراءه ،قلت من هذا؟ فقالوا الحارثة بن النعمان ،فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :كذالك البر كذالك البر , وكان أبر الناس بأمه " أخرجه احمد والنسائي

 

 

وقال صلى الله عليه وسلم : " رغم أنفه ثم رغم أنفه ثم رغم أنفه من أدرك والديه عند الكبر أحدهما أو كلاهما ثم لم يدخل الجنه " البخاري

 

 

ومن البر بهما تنفيذ أوامرهما , والطاعة لهما فيما يرضى الله عز وجل , والتواضع معهما مهما علا شأن الأبناء لأن الوالدين هما صاحبا الفضل بعد الله عز وجل .

 

 

ومن البر أيضا خفض الصوت عند التحدث معهما والرفق واللين  بهما , واستخدام أجمل الكلمات  معهما ، والصبر عليهما فى الشيخوخة , وعدم إظهار الضيق من تصرفاتهما , و خدمتهما فى الصحة والمرض ، والدعاء لهما أحياء كانوا او أمواتا  ، قال تعالى على لسان إبراهيم عليه السلام : " رب اغفر لى ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب "

 

 

وقد فضل الإسلام الأم وكرمها وأعلى  مكانتها وجعل برها من الفضائل , بل وجعل حقها أعظم من حق الأب ، لما تلقاه من تعب وألم فى الحمل والوضع والرضاعة وتربية الأبناء  وتعليمهم وتمريضهم والسهر على راحتهم .

 

 

وهى وحدها تنفرد بهذه المتاعب دون الأب ، لذالك استحقت الأفضلية والمكانة العالية ، قال تعالى : "ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله فى عامين أن اشكر لى ولوالديك الي المصير وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما فى الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب إلي ثم إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون"

 

 

وقال تعالى :"ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا  حملته أمه كرها ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرا "

 

 

و عن أبي هريرة رضى الله عنه قال: " جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : يارسول الله من أحق الناس بحسن صحابتى ؟قال أمك .قال ثم من ؟قال أمك .قال ثم من؟قال أمك .قال ثم من؟قال :أبوك "  متفق عليه

 

 

وقد أعطى ألإسلام الأم الحق فى حضانة أبنائها إذا طلقت (مالم تتزوج) وذلك حرصا على مصلحة الأبناء ، يروى أن امرأه قالت يارسول الله إن إبنى هذا كان بطنى له وعاء وثديي له سقاء وحجرى له حواء وإن أباه طلقنى وأراد أن ينتزعه منى فقال لها صلى الله عليه وسلم : " أنت أحق به ما لم تنكحى " أبو داود

 

 

قال تعالى لسان سيدنا عيسى عليه السلام : " وبرا  بوالدتى ولم يجعلنى جبارا شقيا "

 

 

والبر بالوالدين له مكاسب كثيرة فى الدنيا من حيث سعة الرزق , والبركة , وملاقاة مثل نفس البر من الأبناء , فمن بر والديه بره أبناؤه , ومن عق والديه ايضا سيأتى يوم ويعقه أبناؤه .

 

 

والإسلام حرم عقوق الوالدين وجعله من الكبائر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه قيل يا رسول الله وكيف يلعن الرجل والديه ؟قال يسب الرجل أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه " البخاري

 

 

قال كعب الأحبار : إن الله ليعجل هلاك العبد إذا كان عاقا لوالديه ليعجل له العقاب وان الله ليزيد فى عمر العبد إذا كان برا ليزيد برا وخيرا.

 

 

وجعل الإسلام للوالدين حقا حتى لو كانا مشركين على أبنائهم المؤمنين ، ففي الحديث أن أسماء بنت أبى بكر سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن صلة أمها المشركة ، وكانت قد قدمت عليها فقال لها : " نعم صلى أمك " البخاري

 

 

بل إن للوالدين حق على أبنائهم حتى  بعد موتهما ،فحقهما عليهم الدعاء لهما بالرحمة والمغفرة وصلة الرحم التى لا توصل إلا بهما , وإكرام أصدقائهما وتنفيذ عهودهما  والتصدق لهما ..

 

 

يروى ان رجلا من بنى سلمة جاء إلي النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله هل بقي من بر أبوى شئ أبرهما به من بعد موتهما ؟قال نعم الصلاة عليهما (الدعاء) والاستغفار لهما وإيفاء بعهودهما من بعد موتهما وإكرام صديقهما وصلة الرحم التى لا توصل إلا بهما " أبو داود وابن ماجة

 

 

يقول بعضهم : ترك الدعاء للوالدين يضيق العيش على الولد .

 

 

وعن عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما أن سعد بن عباده رضى الله عنه توفيت أمه وهو غائب عنها فقال يا رسول الله : إن أمى توفيت وأنا غائب عنها أينفعها شئ إن تصدقت به عنها ؟ قال : نعم , قال فإنى أشهدك ان حائطى المخراف صدقة عليها "
 البخاري

 

 

فبر الوالدين أوله رحمة وأوسطه فلاح وآخره نعيم مقيم ..