أزمة تصريحات وزير العدل المصري المستقبل
25 رجب 1436
خالد مصطفى

فجرت استقالة وزير العدل المصري المستشار محفوظ صابر الكثير من الجدل ليس في مصر وحدها ولكن في معظم بلدان العالم العربي والإسلامي...

 

لقد صرح الوزير قبل استقالته بأنه لا يمكن لابن الطبقة الفقيرة أن يكون قاضيا, وقال صابر في حوار تلفزيوني إن "ابن عامل النظافة لا يمكن أن يصبح قاضيا... مع احترامي لكل عامة الشعب، القاضي له شموخه ووضعه ولابد أن يكون مستندا لوسط محترم ماديا ومعنويا"..وأضاف الوزير "القاضي مفروض أن يكون من وسط مناسب لهذا العمل مع احترامنا لعامل النظافة ولمن هو أقل".

واعتبر أيضا أنه "لو دخل ابن عامل النظافة القضاء فستحدث له أشياء كثيرة مثل الاكتئاب ولن يكمل عمله في هذا المجال"...

 

إن الخطورة ليست فقط في تصريحات الوزير ولكن في الواقع الذي تعبر عنه فالوزير لم يقل إلا ما يجري بالفعل في كثير من الدول العربية منذ عشرات السنين؛ فأبناء الطبقة الفقيرة في هذه البلدان محظور عليها الدخول إلى الوظائف المرموقة لأسباب كثيرة البعض منها معلن والبعض الآخر خفي..

 

لقد كان من باب أولى أن يكون الوزير الذي يعبر عن العدالة هو أول من يدافع عن المساواة بين الناس وعدم التفرقة بينهم خصوصا أنه يجلس على منصة القضاء ويحكم بين جميع الفئات وينبغي أن تكون نظرته أكثرة حيدة ونزاهة لجميع الطبقات خصوصا الفقيرة منها والتي تشكو من قلة العدالة..

 

فإذا كان الوزير لا يرى في الفقراء طبقة محترمة ماديا ومعنويا ويرى أنهم يعانون من امراض نفسية فستكون أحكامه عليهم متأثرة بذلك شاء أم أبى كما أن طريقة حديث الوزير تعني أن هذا أمر مستقر في عرف القائمين على القضاء وهو ما يثير الكثير من المخاوف بشأن الأحكام التي يصدرونها..لقد صرح وزير الشؤون القانونية السابق في مصر الدكتور محمد محسوب بأنه لم يتمكن من الالتحاق بسلك القضاء رغم أنه كان الأول على دفعته بالجامعة  في الأربع سنوات لأنه من أسرة بسيطة رغم أن أبناء القضاة يلتحقون بالسلك القضائي حتى لو كانوا ينجحون في الدراسة الجامعية بصعوبة بالغة وهو ما يلقي بظلاله على أدائهم الوظيفي فيما بعد... من قال أن ابن الطبقة الغنية هو الأجدر بالمناصب الرفيعة ومنها القضاء؟!

 

لقد سمعنا كثيرا عن آفات بعض أبناء هذه الطبقة وأمراضهم النفسية وفسادهم الأخلاقي, كما أن المال قد يكون نعمة في بعض الأحيان ونقمة في أحيان أخرى فلا يوجد قانون ثابت في هذا الشأن وهو أمر متعارف عليه عند علماء الاجتماع..

 

السلك القضائي ليس وحده الذي يعد محظورا على أبناء الفقراء ولكن كذلك السلك الدبلوماسي فمن الصعوبة بمكان أن تجد سفيرا من الطبقة الفقيرة مهما كان نبوغه وعبقريته وهو أمر ليس مخالفا فقط للشريعة الإسلامية التي لا تفرق بين الناس على أسس اللون أو الطبقة أواللغة ولكنه مخالف أيضا للمعايير الدولية التي لا تعد ذلك جريمة في حق الإنسانية..لقد كان الظلم الطبقي أحد أهم أسباب تفجر ثورات الربيع العربي التي كان من أهم ما دعت إليه المساواة والعدل والآن وبعد مرور 4 سنوات على انظلاق هذه الثورات لا زالت أفكار بعض المسؤولين كما هي...

 

العجيب أنه بعد استقالة الوزير بيوم واحد خرجت وزيرة أخرى في الحكومة المصرية لتهين أبناء الصعيد وتتهمهم بأنهم وراء انتشار العشوائيات في محافظات الجمهورية وهو ما أثار عاصفة جديدة من الغضب ومطالبات بإقالة الوزيرة لعنصريتها..لقد كشفت هذه الحوادث عن الأهمية الشديدة لمواقع التواصل الاجتماعي وتثيرها بقوة على الحياة السياسية في العالم العربي لقد انطلقت الانتقادات على مواقع التواصل الاجتماعي في وقت خفت فيه حدة الاستنكار على القنوات التليفزيونية لأسباب لا تخفى على أحد ولكن كانت الغلبة للإعلام الجديد الذي أثبت أهميته وقوة تأثيره وضرورة الاهتمام به في ظل ثورة الاتصالات..