هل تنجح السياسة في حصد ثمار "عاصفة الحزم" ؟
4 رجب 1436
تقرير إخباري ـ المسلم

القاعدة المعروفة في ميدان الحكم وفنون السياسة أن القوة العسكرية والحروب تزرع , لتأتي السياسة بعد ذلك لتحصد ما زرعته الحرب , وأنه بقدر ما تكون القوة العسكرية قد أضعفت من قوة الخصم وأنهكته , بقدر ما تكون ثمار المفاوضات السياسية بعد ذلك كثيرة وكبيرة .

وإذا كان الأفضل والأولى على كل حال القضاء على العدو نهائيا وعدم رفع السيف عنه حتى يلفظ أنفاسه الأخيرة , إلا أن حساب المصالح والمفاسد , واعتبارات المآلات والعواقب , وخاصة في العصر الذي نعيشه , قد يفرض على القوى المتحاربة والمتصارعة مراعاتها أحيانا , حفاظا على أمن وأمان البلاد والعباد , بل وعلى أمن وأمان المنطقة بأسرها .

نعم .... لقد أعلن المتحدث الرسمي باسم "عاصفة الحزم" أحمد عسيري في مؤتمر صحفي، مساء أمس الثلاثاء انتهاء عاصفة الحزم , وذلك بناء على طلب الحكومة اليمنية بعد أن حققت أهدافها ، مشيرا إلى أن عملية "إعادة الأمل" ستبدأ من يوم الأربعاء، لـ"إعادة الأمل للشعب اليمني" .

وقد عدد المتحدث باسم عاصة الحزم عسيري الأهداف التي حققتها الحملة العسكرية على الأرض , والتي تمثلت بحماية الشرعية اليمنية، وردع المليشيات الحوثية وتدمير قدراتها، ومنع المليشيات الحوثية من تهديد حدود الدول المجاورة، وخصوصا السعودية"، تحققت بشكل كامل.

وبغض النظر عن الاعتبارات التي أدت إلى الإعلان عن انتهاء عمليات "عاصفة الحزم" , والتي يبدو أن هناك ضغوطا كبيرة قد مورست لإيقافها وعدم استمرارها , بعد أن ظهر أنها قادرة على الإطاحة بنفوذ إيران في اليمن كليا , والتي ظهرت بعض التوقعات بإمكانية الإعلان عن توقفها بالأمس من قبل مساعد وزير الخارجية الإيراني حسين عبد اللهيان , فإن المهم في الحقيقة هو ما بعد توقف هذه العملية , من حصد ثمار ما زرعته العاصفة من إيقاف التمدد والتغول الحوثي الرافضي في اليمن , وإعادة السلطة والقوة إلى يد الدولة اليمنية الشرعية .

وقبل التعرف على بنود الاتفاق الذي أدى إلى وقف عملية "عاصفة الحزم" , لا بد من التأكيد على أن ما أعلنت عنه دول التحالف اليوم , من أن عملية "إعادة الأمل" ، ستعمل على استمرار حماية المدنيين ومكافحة "الإرهاب" ...... والتصدي للتحركات والعمليات العسكرية للميليشيات الحوثية ومن تحالف معها ، وعدم تمكينها من استخدام الأسلحة المنهوبة من المعسكرات أو المهربة من الخارج , ناهيك عن الهدف الأهم ببناء تحالف دولي يوفر الأمن البحري لحماية التجارة أو منع وصول أي شحنات أسلحة بحرا أو جوا للحوثيين وفقا لقرار مجلس الأمن رقم 2216 ...يبعث على الراحة والطمأنينة من أن الحزم ما زال عنوان وشعار دول التحالف , وإن تم الإعلان عن وقف عملية "عاصفة الحزم" رسميا .

ولعل أولى تطبيقات هذا الإعلان , وباكورة تنفيذ سياسة الحزم في أعقاب عملية "عاصفة الحزم" , هو ما قامت به طائرات التحالف من قصف مقر اللواء 35 التابع للجيش والموالي للرئيس عبد ربه منصور هادي , بعد أن سيطرت عليه قوات الحوثي في مدينة تعز وسط اليمن .

وإذا انتقلنا إلى بنود الاتفاق الذي تم التوصل إليه في العاصمة المصرية القاهرة، وحضرته عدة أطراف يمنية وإقليمية ودولية حسبما أفادت مصادر دبلوماسية في العاصمة السعودية الرياض , فالملاحظ أنها ليست سيئة إن تم تنفيذها كما هي , ولم يكن الأمر برمته عبارة عن كسب الوقت لاستعادة الحوثيين - بمساعدة طهران - لقوتهم وقدرتهم العسكرية التي فقدوا الكثير منها بسبب عاصفة الحزم , التي كانت تفرض حصارا بحريا وجويا وبريا على اليمن لمنع دخول أي مساعدات عسكرية للحوثيين وأنصار الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح من قبل إيران على وجه الخصوص .

وبحسب "يمن 24"، فإن أبرز النقاط التي تم الاتفاق عليها , والتي تشير بعض المصادر إلى أنها برعاية ووساطة عُمانية هي :

1- خروج الرئيس المخلوع وأفراد عائلته إلى سلطنة عمان، وعدم مزاولة أي عمل سياسي.

2- انسحاب الحوثيين في المرحلة الأولى من عدن وتعز والضالع ولحج وأبين وإب وذمار، وتسليم الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والذخيرة للقوات المسلحة المؤيدة للشرعية.

3- عودة الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى العاصمة الاقتصادية والتجارية عدن، على أن يسلم صلاحياته لنائبه المهندس خالد بحاح الذي سيتولى تكليف رئيس وزراء جديد بتشكيل حكومة وحدة وطنية تحضر لانتخابات رئاسية وبرلمانية.

4- يقوم الحوثيون بالانسحاب من محافظات عمران وحجة والعاصمة صنعاء بعد 3 شهور، ويتم تسليمها لقوات الأمن والجيش التي ستكون خاضعة لسلطة حكومة الوحدة الوطنية التي سيتم تشكيلها.

5- يلتزم الحوثيون بالعمل السلمي فقط في دخولهم للحياة السياسية في اليمن.

6- تقود المملكة العربية السعودية ودول الخليج عملية إعادة إعمار اليمن، تمهد لضمه لمنظومة مجلس التعاون الخليجي خلال خمس سنوات.

قد تكون هذه الثمار جيدة ومقبولة كحصاد لما زرعته "عاصفة الحزم" , إلا أن المهم هو التنفيذ الفعلي على الأرض , لا البنود المكتوبة على الورق , فمن المعلوم أن الرافضة - من الحوثيين وأسيادهم في طهران - لا يأمن لهم جانب , وأن عهودهم و وعودهم لا يوثق بها , فتاريخ نقضهم للعهود ونكثهم بالوعود حافل .

فهل سينجح التحالف العشري في السياسة كما نجح في الحرب ؟ وهل ستحصد عملية "إعادة الأمل" ما زرعته "عاصفة الحزم" ؟