قضية الأرمن والضغط على الرجل القوي
4 رجب 1436
خالد مصطفى

منذ أكثر من مائة عام وفي ظل الحرب العالمية الأولى عندما انتفض الغرب الصليبي على الرجل المريض وقتها "الدولة العثمانية" من أجل كسر شوكته وتوزيع تركته, استغلوا الارمن النصارى الذين كانوا يعيشون في الدولة العثمانية وزودوهم بالسلاح والعتاد وحرضوهم على الخروج على السلطان العثماني فما كان منهم إلا أن قاموا بالتمرد وهاجموا المسلمين في الأراضي العثمانية في وقت كانت الحرب العالمية الأولى دائرة حيث كانت تركيا طرفا فيها ضد الغرب الذي كان يريد إخضاع الإمبراطورية الإسلامية له..

 

وأصبح الأرمن في ذلك الوقت معول هدم داخلي وطابور خامس يعبث في البنيان الداخلي للدولة العثمانية المسلمة لمصلحة الغرب الذي يتفق معه في الديانة "المسيحية" رغم أن العثمانيين أحسنوا معاملة الأرمن ولم يتعرضوا يوما للاضطهاد من أجل دينهم حتى وقعت خيانتهم واعتداءاتهم على المسلمين فاندلعت حرب أهلية سقط قتلى من الجانبين وليست إبادة جماعية كما يزعم الغرب...هذه الرواية لم يتبناها الأتراك فقط للأحداث ولكن تبناها الزعيم المصري الشهير مصطفى كامل في كتابه المسألة الشرقية لكن الغرب يرفض الاستماع إلا لرواية الأرمن والمؤرخين الغربيين فقط..

 

وفي كل عام في شهر أبريل تخرج علينا أبواق الدعاية الغربية من أجل إحياء ما يسمى بمذبحة الأرمن على أيدي العثمانيين وقد زادت هذه الدعايات بشدة في الأعوام الأخيرة حيث انضم للأبواق الغربية أبواق عربية علمانية موتورة ومشبوهة لم يكونوا يوما يتكلمون عن هذه القضية ولكن قوة الزعيم التركي رجب أردوعان ودفاعه عن القضايا الإسلامية أثارتهم بشدة واستغلوا هذه القضية للنيل منه رغم أنه في هذا الوقت لم يكن قد ولد أصلا..الغرب يريد الآن وبعد مرور عشرات السنوات أن يكسر الرجل القوي في تركيا ويكلفه مليارات الدولارات على سبيل التعويضات ويضع أنفه في التراب, وحتى لا تقوم لهذه الدول الإسلامية الناهضة قائمة ولا تقف مع المظلومين من أبناء العالم الإسلامي ولا تدافع عن حقوق المسلمين في أوروبا أو في فلسطين أو في غيرها من البلدان..

 

لقد أراد الغرب قبل مائة عام تركيع الرجل المريض الذي أنهكته النزاعات والخلافات, واستغل الأرمن في ذلك واليوم يعيد استغلال الأرمن بطريقة جديدة لتركيع الرجل القوي الذي تمكن بجهود ذاتية ودون دعم من الغرب أن يجعل بلاده ضمن أقوى 20 اقتصاد في العالم في حين ان اليونان القريبة والتابعة للاتحاد الأوروبي أفلست تماما رغم دعم الغرب لها...

 

لقد انضم للجوقة الغربية هذا العام بالتحديد جوقة الإعلام العربي الذي فقد كل مصداقيته بعد أن تورط في العديد من الأكاذيب وتبين انه يعمل لأهداف خطيرة من بينها هدم الثوابت الدينية التي تقوم عليها المجتمعات العربية فقد أفردت العديد من القنوات والصحف لأول مرة برامج وصفحات للتنديد بما أسموه بالمذبحة متبنيين تماما وجهة النظر الغربية غير ملتفتين لشهادات أتراك يؤكدون وقوع مذابح عليهم من قبل الأرمن؛ فقد روي عدد من أقارب ضحايا سقطوا على يد الأرمن فى بدايات القرن الماضي وقائع قتل النساء الأطفال والتعذيب, وطالب عدد من أهالي ولاية أرضروم، شمال شرق تركيا، الذين لم ينسوا المجازر التي ارتكبت بحق أقاربهم قبل قرن على أيدي العصابات الأرمنية، البرلمان الأوروبي، وزعيم الفاتيكان، بزيارة المناطق التي شهدت تلك المجازر، ومعاينة الحقائق على أرض الواقع ولكن الإعلام العربي يسير في ركب الغرب لنفس الأهداف تقريبا...

 

إن الغرب يتجاهل ما جرى من مذابح للجزائريين على أيدي الفرنسيين خلال الاحتلال الذي دام أكثر من مائة عام دون أن تبادر باريس ولو بمجرد اعتذار, كما يتجاهل المجازر التي ارتكبها الأمريكيون ضد الهنود الحمر والمجازر التي يرتكبها الصهاينة ضد الفلسطينيين منذ 60 عاما وحتى اليوم ويتذكر فقط رواية جانب واحد في قضية الأرمن..حقا إنها العدالة!