جرائم الحشد الصفوي التي لا تراها الكاميرا
24 جمادى الثانية 1436
أمير سعيد

لو أجرينا استطلاعاً للرأي حول معرفة المشاهد العربي بجرائم ميليشيات الحشد الصفوي في العراق، تُرى كم نجد نسبة العالمين بوجودها، وبحجمها، وبالأيديولوجية الحاكمة لتصرفات تلك الميليشيات؟! كم من ملايين العرب يعلم بها، وكم في المقابل حجم الجاهلين؟! ولو كررنا هذا الاستطلاع في العالم الإسلامي كله، ماذا عسانا نجد؟!

النتيجة ستكون فاجعة تفوق فداحتها حجم الجرائم ذاتها، على بشاعتها..

 

هكذا تصنع الكاميرا..

منطق فرعون ما زال فاعلاً: "ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد".. يظن كثيرون منا أن حجب المعلومة لم يعد متاحاً في ظل التقدم الهائل في عالم الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، لكن يغفلون أن مجرد الإتاحة لا تعني الانتشار.. ثم هما معا لا يصنعان الاهتمام..

 

وهكذا يصنع الإعلام..

يظن بعضنا أن وظيفة الإعلام تتحدد داخل إطار النشر والبث والإذاعة، لكن يجهلون أن وظيفة الإعلام أيضاً في عالمنا الظالم، هو أن يطمر بعض ما لا يريد، ويشيح بأوجه الناس عنه، ويسفه من اهتمامات المتلقين.

 

إن المنتج النهائي الذي نراه في كثير من المتلقين للمادة الإعلامية هو شخصية غائبة مغيبة، تربت على الاهتمام بتوافه الأمور وسفاسفها.. ومردت على فتح أعينها لما تريد آلات الإعلام الموجهة أن تصرفها إليه. هكذا ينجح الإعلام في إخفاء ما يريد وإبراز ما يشاء دون اكتراث بهذا المتلقي التافه المسير، الذي يخال نفسه حراً بتقليب قنوات التلفزة أو التجول في وسائل التواصل.

 

بالعودة إلى جرائم الحشد الصفوي، حيث غابت، وغيبت، وسفهت، عن قصد من وكالات الأنباء الغربية الحاكمة لإعلامنا العربي، وأريد لها أن تخرج عن كونها جرائم إرهابية، وحملات من التهجير القسري لأسباب طائفية مقيتة، واحتلال مباشر من قبل دولة توسعية تركت هوجاء تضرب خبط عشواء، بلا اكتراث بفكرة الإسلام الجامعة، ولا السيادة الدولية المعترف بها في العالم كله.

 

وفي ظل هذا، أضحى شوي شيخ مسن على نار هادئة ليس خبراً تندفع إليه وسائل الإعلام.. واغتصاب فتاة في عمر الزهور، ليس مدعاة لتحريك بيادق الإعلام، واستدعاء كل ما في جعبتها من ضيوف حقوقيين للحديث عن حقوق المرأة أو الإنسان أو الشعوب..

 

وفي ظل ذاك، غابت الكاميرا عن توثيق مشاهد النهب الهائلة لممتلكات أهل السنة المظلومين في تكريت، وحرق البوعجيل، وتخريب وحرق ونهب مدينة الدور، ومن قبل ديالي، جلولاء، جرف الصخر والعظيم وسلمان بك.. الخ.. غياب مبرمج مدروس.. والمتلقي غائب تائه!

 

جرائم حملة الخناجر والقصابين الصفويين كبيرة وهائلة، ليس أكبر من جريمتهم سوى جرائم إعلام الياقات البيضاء زرق وزرقاوات العيون حين يهيلون التراب عن كل هذا حقداً وتآمراً وخسة.