توقيت الاتفاق النووي بين أمريكا وإيران
14 جمادى الثانية 1436
خالد مصطفى

أعلنت القوى الكبرى التي كانت تخوض مفاوضات مع إيران من أجل برنامجها النووي أمس أنها توصلت إلى اتفاق معها حول هذا الأمر بعد سنوات طويلة من الخلاف, ووصف الرئيس الأمريكي الاتفاق بأنه "تاريخي" وهلل له كثيرا هو والدول المشاركة فيه وكذلك إيران..

 

وقد اعتبر كل طرف نفسه خرج فائزا كعادة مثل هذه الاتفاقات ولكن الذي يخيف أن مثل هذه الاتفاقات الماراثونية تكون لها بنود علنية أمام الإعلام والشعوب وبنود أخرى سرية لا يفصح عنها أحد إلا بعد مدة من الزمن وتظهر تدريجيا في مسار الأحداث وهو ما جرى على سبيل المثال بشأن اتفاقية كامب ديفيد بين مصر و"إسرائيل" والذي تبين فيما بعد أن هناك ملاحق سرية كانت مصاحبة للاتفاقية لتكبيل الطرف المصري على أراضيه..

 

البنود المعلنة حتى الآن بشأن الاتفاق والتي اتيحت للإعلام هو أن إيران وافقت على أن تخفض عدد أجهزة الطرد المركزي التي تستخدمها في تخصيب اليورانيوم من 19 ألف جهاز إلى 6104 وستقوم بتشغيل 5060 منها فقط بموجب اتفاق نووي شامل ستوقعه في المستقبل مع الدول الست الكبرى, كما شملت البنود أن إيران ستحظى بتخفيف تدريجي للعقوبات الأمريكية والأوروبية المتصلة بالبرنامج النووي مع إظهارها الالتزام بالاتفاق النووي الشامل, وطبقا لبنود الاتفاق فإن هذه العقوبات سيعاد فرضها سريعا في حالة إخفاق طهران في الالتزام ببنود الاتفاق...

 

كما تتضمن نصوص الاتفاقية أن عمليات التفتيش القوية لسلسلة إمداد اليورانيوم في إيران ستدوم 25 عاما, وأوضحت البنود أن إيران وافقت على عدم تخصيب اليورانيوم فوق معدل 3.67% لمدة 15 عاما على الأقل وأنها وافقت أيضا على تقليص مخزون اليورانيوم منخفض التخصيب البالغ عشرة آلاف كيلوجرام إلى 300 كيلوجرام من اليورانيوم منخفض التخصيب بنسبة 3.67% لمدة 15 عاما, وأشارت الاتفاقية المبدأية حتى الآن أيضا إلى موافقة طهران على عدم بناء أي منشآت جديدة لتخصيب اليورانيوم لمدة 15 عاما...

 

البنود كما هو واضح مطاطة وتحتاج رقابة والتزام وهو ما جعل دبلوماسي غربي يصرح بأنه “اتفاق إطار وهو لا يعني تسوية المشكلة بشكل نهائي، إنه يحدد المعايير الأساسية لاتفاق نهائي وتوضيحا كافيا لتفادي الالتباس قدر الإمكان وجعل الخلافات مسيطرا عليها بأكبر قدر”.. إن الخطر الأكبر أنه لا توجد ضوابط لإشراف المجتمع الدولي ودول المنطقة التي تخشى من مخططات إيران على تنفيذ الاتفاق وتحديد مدى التزام طهران ببنوده أو انحرافها عنه فقد تفوت القوى الكبرى بعض المخالفات لمصالح ما مع إيران أو العكس..إن الإعلان عن هذا الاتفاق في هذا التوقيت وسط حالة الارتباك والحروب الدائرة في المنطقة وعلاقات إيران المتشابكة بها, وآخرها ما يجري في اليمن والانقلاب الحوثي وعاصفة الحزم لا يمكن أن يكون من قبيل المصادفة فالتصريحات قبيل انطلاق المفاوضات كانت تشير إلى صعوبات ومدة طويلة حتى يتم التوصل لاتفاق من هذا النوع ولكن أن يتم الإعلان عن اتفاق بهذه السرعة فإن الأمر لا يخلو من علامات استفهام عديدة..

 

دول الخليج المعنية أكثر من غيرها بالخطر الإيراني لم تدل بأية تصريحات رسمية حتى الآن وإن كانت وكالات أنباء عالمية أشارت لاتصال من جانب الرئيس الأمريكي بملك السعودية قيل أنه "حوى تطمينات"..من نافلة القول أن نؤكد على أن الكلام النظري والتطمينات لا تصلح في مجال السياسة ومصالح الدول وأمنها القومي كما أن ما جرى في الغرف المغلقة سيظهر قريبا إلى العلن وساعتها سنعرف بدقة ما هي الملفات المسكوت عنها في هذا الاتفاق وهل تحتوي على تنازلات تجاه ما يجري في العراق واليمن وسوريا لمصلحة طهران؟ وما هي حجم هذه التنازلات؟..

 

إيران تعلم جيدا أن الملف النووي أحد أهم الأوراق في يديها لملاعبة الغرب والضغط عليه وبالتالي لن تقدم تنازلات كبيرة بسهولة ودون مقابل ملموس.