21 شوال 1436

السؤال

ابني الصغير عمره 3 سنوات ونصف، والمشكلة أنه لا يقبل قضاء حاجته إلا إذا دخلت معه الحمام، وهو يخجل كثيرًا، ويخاف دائمًا أن يراه أحد وهو يخلع ملابسه، حتى أنه يطلب مني إغلاق نافذة الحمام عند دخوله إليه، حتى لا يراه الناس، وهو يخلع سرواله الداخلي.
وفي الحضانة يتبول على نفسه أحيانًا، وعندما سألته عن السبب. أجاب بأنه لا يريد أن يراه زملاؤه وهو يقضي حاجته في الحمام. فما الحل؟، وما هي المشكلة التي يعاني منها؟.
علمًا بأننا منذ شهر تقريبًا، كنا نجلس في بيت أهلي، وقام ابني بإخراج عورته أمامهم. عندها أخذته إلى غرفة أخرى، وتكلمت معه، لكنني لم أصرخ بوجهه. وأخبرته أن هذا العضو عورة خاص به، ويجب عليه أن لا يخلع ملابسه أمام الآخرين.

أجاب عنها:
همام عبدالمعبود

الجواب

أختنا الفضلى:
السلام عليكِ ورحمة الله وبركاته، وأهلا ومرحبا بكِ، وشكر اللهُ لكِ ثقتكِ بإخوانِكِ في موقع (المسلم)، ونسأل الله (عز وجل) أن يجعلنا أهلا لهذه الثقة، آمين.. ثم أما بعد:
قرأت استشاراتك باهتمام؛ وأود بداية أن أوضح لك عدة أمور:
1) شكر اللهُ لكِ اهتمامك بولدك، وسؤالك عما يقلقه، فأبناؤنا أمانة في أعناقنا سيسألنا الله عنها يوم القيامة، عن ابن عمر (رضي الله عنهما)، عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: "كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته، والأمير راع، والرجل راع على أهل بيته، والمرأة راعية على بيت زوجها وولده، فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته" (رواه البخاري). أسألُ اللهَ أن يتقبل منك هذه الرعاية، وأن يجعلها في ميزان حسناتِك يوم القيامة.
2) اطمئني ولا تنزعجي، فما يشكو منه ولدك هو حال غالب الأطفال في هذه المرحلة العمرية، فخبراء التربية والاجتماع، يقسمون المراحل العمرية التي يمر بها الإنسان، من مولده وحتى وفاته، إلى عشرة مراحل، منها مرحلة (الرضاعة الحاضنة) وتبدأ من الولادة وحتى سنتين، ثم مرحلة (الطفولة الأولى)، وتبدأ من 3 سنوات وتستمر حتى 5 سنوات. (وهي الحالة التي نحن بصددها).
3) ارتباط الأطفال في هذه السن بالأم فطرة طبيعية، ويمكنك استثمارها في المستقبل لحل بعض الأزمات التي قد يعرض لها. وأظهرت دراسة علمية، أجرتها جامعة "كيب تاون"، بجنوب أفريقيا، ونشرت نتائجها صحيفة الديلي ميل البريطانية، أن صحة قلوب الأطفال بحاجة لأن يناموا إلى جانب الأم حتى سن الثالثة على الأقل. ونقلت الصحيفة عن الطبيب المسؤول عن الدراسة نيلز بيرغمان قوله: "ينبغي من أجل نمو أمثل وصحي للمواليد أن يناموا في أحضان أمهاتهم، في الأسابيع الأولى من الحياة، كما ينبغي أن ينام المواليد إلى جانب الأمهات إلى عمر الثالثة أو حتى الرابعة".
4) طلبه منك إغلاق نافذة الحمام عند دخوله، حياؤه من أن يراه الناس وهو يخلع سرواله الداخلي، سلوك فطري طبيعي، وفضيلة إيجابية، عززيه لديه، فهو مؤشر جيد يمكن البناء عليه تربويًا لاحقًا، من خلال تعويده شيئًا فشيئًا على الاعتماد على نفسه في قضاء حاجته وارتداء ملابسه، و..إلخ.
5) تبوله على نفسه ليس لسبب مرضي، لأنه ليس من النوع اللاإرادي، وإنما هو تبول إرادي، ويلجأ إليه مضطرًا حتى لا يكشف عورته أمام الآخرين في الحضانة، يحتاج إلى علاج نفسي منكِ، وحوار هادئ ومطمئن معه، وهو أمر يزول شيئًا فشيئًا فلا تقلقي، ويمكنك أن تعرفي مربيته في الروضة بالمشكلة، وتطلبي منها الدعم النفسي له، حتى ينتهي من هذه المشكلة، وأن تقلل الضغوط عليه، وألا تمنعه من دخول الحمام متى أراد، وأن تكلف "الدادة" بالذهاب معه والوقوف خارج الحمام لطمأنته.
6) أما عن إخراجه عورته أمام بعض أهلك، فهو لا يزال طفلاً في مرحلة اللاوعي (3- 6) سنوات، كما لا يزال دون سن التكليف، فلا تنزعجي، لكن استمري في التوجيه والتعليم، وتأكدي أنه عندما يكبر سيعرف الحلال من الحرام، والصواب من الخطأ.
7) أحيي فيكِ تصرفك التربوي الرائع، بأخذه في غرفة أخرى، وحديثك معه بلطف، دون أن تصرخي بوجهه – وإن كانت مبكرة- عن أن هذا العضو خاص به، ويجب ألا يكشفه أمام الآخرين، فلا شك أن التعليم في الصغر كالنقش على الحجر، والتربية تخلية وتحلية.
واعلمي فقهكِ اللهُ في دينه؛ أن الإسلام نهى عن سب الطفل لأي سبب؛ فلا يقال له ما يرد على ألسنة بعض الآباء والأمهات عن جهل أو غير وعي: يا شقي، أو يا غبي، أو يا كسول، كما ينهى الإسلام نهياً قاطعاً عن ضرب الطفل على الوجه.
ومن روائع الإسلام في مجال التربية أنه يحترم مشاعر الطفل، ففي الأثر : "من كان له صبي فليتصاب له"، وقد كان صلى الله عليه وسلم يداعب الحسن والحسين ويلاعبهما، فإذا سجد يركبان فوق ظهره، ويقبلهما كثيراً، ويحنو عليهما.
وختامًا؛ نسأل الله (عز وجل) أن يجعل في كلامنا الأثر، وأن ينفعكِ بما قرأتِ، وأن يوفقكِ إلى ما فيه خيري الدنيا والآخرة، وأن يرزقك الرأي السديد، والفهم الرشيد، وأن يصرف عن ولدك الخوف والخجل وأن يرزقه الشجاعة والحياء، وأن يصلحه لكِ، ويطمئن قلبك به.. اللهم آمين.. وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.