19 رمضان 1436

السؤال

أنا أعمل ببلد غير بلدي، خطبت قريبة لي.. واستمر مدة الخطوبة ثلاث سنوات.. ولم أكن أعلم أنها على علاقة حب مع ابن خالها.. فكانت الخطوبة لي والحب والغرام لابن خالها! وبعد الزواج بمدة قصيرة اكتشفت كل شيء من خلال جوالها الذي تتعلق به كثيرا، وتكلمت معها مدة طويلة وانتهت بأن سامحتها على أن لا تعود لمثل ذلك!
ومرت الأيام ونحن بين يوم في هدوء.. وأيام نتشاجر بسبب تصرفاتها نحو الناس؛ فهي ترى أن كل الناس يرونها مخطئة.. وأنا أرى حبها لنفسها وللمال والغرور وقد أعطيتها الكثير.. ودائما أذكرها بأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم وأذكرها بالجنة والنار والعذاب.. ولكنها تتسبب لي في مشاكل جديدة. وأنا لا أريد أن تنتشر المشاكل في العائلة خوفا من قطع الأرحام بسببي فلا أريد أن أتكلم عنها وأفضحها؛ خصوصا أني في الغربة وهي في بلدي، وينتابني الشك في رجوعها لعاداتها القديمة؟ وأنا رجل أصلي فروضي في المسجد وملتزم بشرائع الدين وأخشى الله تعالى.. ولا أعلم ماذا أصنع؟!

أجاب عنها:
خالد عبداللطيف

الجواب

مرحبا بك أخي الكريم في موقع المسلم.. أصلح الله لك شأنك، ويسر أمرك كله.
مشكلتك – أخي - تتمثل فيما يلي:
اكتشاف علاقة لزوجتك بابن خالها، وأنها علاقة قديمة من قبل الزواج.
وبعد أن صارحتها وسامحتها على ألا تعود لذلك تنتابك الشكوك مجددا (خصوصا أنك بعيد عنها ببلد آخر في طلب الرزق).
إضافة إلى معاناتك سوء سلوكها مع الناس وتسببها في مشاكل لك.
كما أنك تخشى قطيعة الرحم في العائلة في حال كشفك لما صدر عنها.
أخي الكريم
أحمد الله تعالى في بدء كلامي معك على أن يسر لك الهداية لطريق الطاعة والالتزام بفرائض الله تعالى وشرائع الدين كما ذكرت عن نفسك.. ثبّتك الله ووفقك.
ومن هذا المنطلق ألفت انتباهك إلى أهمية التثبت من حقيقة العلاقة التي تتحدث عنها ووضعها في إطارها؛ وعدم تجاوز ذلك إلا بيقين، ومراعاة تقوى الله في ذلك.
فإذا كانت هذه العلاقة تنحصر في دائرة نفسية عارضة - كما هو الظاهر المفهوم من كلامك - فهذا شأنه أهون من الانجراف (لا سمح الله) إلى الوقوع في الرذيلة. هذا مع عدم التهوين من هذه العلاقات في حد ذاتها؛ فهي خطوات الشيطان التي ينسج من خلالها حبائله حول الفتيات والشباب.. ليتدرج بهم إلى ما هو أبعد من الإعجاب والغرام! قال الله تعالى في سورة النور محذرا المؤمنين والمؤمنات من خطوات الشيطان:
{يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر...}.
أخي الفاضل
لا شك أن إصلاح علاقة زوجية ناشئة أوْلى من هدمها، وأن منح فرصة لهذه الزوجة بعد ما تم بينكما من مصارحة ومواجهة، وعزم على التوبة، قد يؤدي بعون الله تعالى إلى استقامتها ونبذها لهذه العلاقة القديمة. لكن ذلك مرهون بشرطين:
الأول: أن تصدق زوجتك في قطع كل صلة بهذه العلاقة إلى غير رجعة.
والآخر: أن تبادر أنت بضم زوجتك إليك في غربتك، وبأسرع وقت؛ إذ إن بقاءها في بلد وأنت في آخر مع رواسب هذه المشكلة سيظل العامل الأكبر فيما يساورك وينتابك من شكوك وهواجس؛ وأنت في ذلك معذور.. فكيف يستقيم الأمر وأنت بعيد عنها، وهي في بلد ابن خالها طرف العلاقة السابقة؟!
وأما بخصوص سوء العلاقة مع الناس؛ فلا شك أنه نسبي وقابل للنظر والتأمل، وأمره أخف وأيسر من مشكلة العلاقة القديمة؛ فلعل التركيز يكون على المشكلة الأهم؛ فإذا تم حلها بإذن الله فما سواها أيسر!
أخي الكريم
استعن بالله تعالى واسأله الهدى والسداد، وبالغ في دعائه ورجائه أن يبصرك بأمرك وأن يرشدك للصواب، وسارع بأقصى استطاعتك إلى استقدام زوجتك إليك في بلد غربتك، واجمع بين الحزم والحكمة في التغلب على رواسب الماضي، وخذ بيدها إلى الخير والطاعة والاستقامة وأسباب الإنابة والقرب من الله تعالى، وشدد عليها أن صلاح مستقبلكما في مرضاة الله، واحتسب لله أن تعينها على نفسها كذلك بمراعاة رغباتها المشروعة والمباحة بالمعروف؛ لتجد في إكرامك وحنانك ما يقربها منك، ويباعد بينها وبين مساوئ الماضي.
ولا شك أنك أنت كذلك بحاجة ماسة لقربها منك، من الناحية الفطرية والغريزية؛ إضافة إلى الحاجة الطارئة المناسبة لهذه المشكلة التي نسعى في التغلب عليها.
فإذا تم لكما ذلك، وجمع الله شملكما في بلد واحد، في ظلال من الرحمة والمودة والسكينة، ولمست منها الصدق والاستقامة؛ فهذا المأمول، ولله الحمد.
أما إذا وجدت بيقين - بعد ما جرى من المصارحة والمسامحة والتعهد - ما يدل على استمرارها فيما كانت عليه، واستمرائها ذلك؛ فعليك بالاستخارة في الفراق بالمعروف، ولتبدأ بجلسة مع والدها تعلمه فيها بأسباب طلبك لذلك مما علمته بيقين؛ حتى يقضي الله جل وعلا بأمره بينكم.
كتب الله لك الهدى والسداد وأصلح لك شأنك كله.
ولمزيد من الفائدة يمكنك الرجوع إلى هذه الاستشارة:
ماذا أفعل بعد كشف علاقة زوجتي بآخر؟!
http://www.almoslim.net/node/216809