12 رجب 1436

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أطرح لكم سؤالي.. أريد حلاً فـ أنا أقسم بمن خلق السموات والأرض لم أعد أحتمل؛ فالقلب قد ارتوى وجعاً، فأمي تفضل إخواني كثيراً، طبعاً أغلب الأمهات تفضل الذكور على الإناث، لكن المشكلة أن أمي تفضل إحدى أخواتي تفضيلاً عجيباً سواء بالدعاء الكثير لها أو الأكل والشرب، تحبها كثيراً، مع أنها لا تزيد براً أكثر مني وحباً وتقديراً، حتى لما تمرض أمي لا تأتي لها بشيء، لكن أنا أبرها وأدعو لها ولا أغضبها بشيء أبداً وأتودد إليها، ومع ذلك تدعو لإخواني وأختي دوماً بالتوفيق والتيسير ولا تذكرني بشيء أنا وبقية أخواتي إلا هذه الأخت التي تفضلها كثيراً علينا ونحن نشعر بهذا التفضيل والكل يلاحظه، وبتفضيل أمي لأختي فقد وضعت حاجزاً بيننا.
أيضاً أختي معنا شيء ومع أمي شيء آخر، فهي تشعر أمي أننا لا نحبها وتشتكي منا، وعندها تغضب أمي منا وتوبخنا، أنا وبقية أخواتي نبكي كثيراً من تصرفات أمي غير المرضية، أهذا عدل أم ماذاً؟ أشعر بقلبي يمتلئ بالألم، وأدعو الله أن يرزقني برها وأصبر وأحتسب.

أجاب عنها:
أسماء عبدالرازق

الجواب

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وأهلا ومرحبا بابنتنا البارة.
أولاً: أنت في نعمة عظيمة إذ وفقك الله تعالى للبر بوالدتك، والحرص على رضاها وهذه نعمة تستحق الشكر.
ثانياً: لا شك أن العدل بين الأبناء واجب على الآباء. لكن قد تحب الأم أحد أبنائها حبا ً زائدا عن إخوانه لبره أو تميزه في جانب من الجوانب وهذا أمر طبعي يمكن أن يقع من كل الناس كأن تحب الفتاة أحد إخوانها أكثر من غيره، أو إحدى صديقاتها أكثر من بقية الصديقات. لكن المطلوب ألا يتحول هذا الشعور الذي لا تملكه لفعل تملكه فتترجم الحب الزائد لتقريب وتفضيل زائد.
في بعض الأحيان قد تعتني الأم بأحد الأبناء عناية زائدة لشعورها بضعفه في جانب ما أو تبالغ في العناية بطعامه وشرابه وتكثر من الدعاء له لكثرة مرضه فيفهم من حولها أنها تحبه دون سائر إخوته. كذلك تهتم الأمهات في العادة بالابن الأصغر ويظل صغيرا في عينها حتى يأتي من بعده. فإن لم يأت بعده أحد تستمر على العناية والاهتمام الزائد دون شعور منها بأنها تقع في آفة التفضيل وأن الصغير قد كبر ولم يعد يختلف عن إخوانه في احتياجاته.
ثالثا: في العادة تكون علاقة الطفل الذي يراه إخوانه مدللاً أثيرا عند والدته ضعيفة بهم وربما عظم خطؤه الصغير عندهم وهذا أمر طبعي كذلك.
فيلجأ لوالدته التي تصطف بجانبه وتزداد عنايتها به لأنه يحتاج الحماية فيفهم الإخوة أن الوالدة تفضله وتستمر الدائرة.
ما الحل؟
أولا: تنبيه الوالدة إلى وجوب العدل بين الأبناء، وإلى أن فعلها هذا يزرع الحسد والبغضاء في نفوس أولادها ويوقعها في الإثم. ويستحسن أن يأتي هذا الكلام ممن توقره وتقبل منه. وأن لا يكون هجوما واتهاما بل نصح محب يحرص على استقرار بيتها وسلامة علاقتها بأبنائها جميعا.
ثانيا: تحسين علاقتكن بأختكن التي تفضلها الوالدة ودمجها معكن. قد يستغرق الأمر وقتا طويلا لكنه أمر ممكن وسهل. اتفقن على الوسائل الممكنة واصبرن عليها حتى تجد نفسها واحدة منكن. وسينعكس هذا تلقائيا على علاقة والدتكن بكن.
ثالثا: التمسن العذر لوالدتكن بدلا من الحديث عن فعلها، واستبدلن الحديث عن فعلها بالحديث عن كيفية معالجة الفعل كلما بدر منها. واعلمي أيتها الفاضلة أن الشيطان حريص على النزغ بينكن وبينها، وأنه يزين لكن الخوض في التعليق على تصرفاتها معكن ومقارنتها بأسلوبها مع أختكن ليحزنكن، وليوقع البغضاء في نفوسكن، فلا توصلنه لمراده، وحولوا جلساتكن للتفكير في حل المشكلة كلما وقعت لا الحديث عنها وتبادل الحسرات. وحاولن الخروج من هذه الدائرة واشغلن أنفسكن بالتعاون على تعلم النافع المفيد، والتسلي بالمباح، والإحساس بنعمة وجودكن في بيت مستقر فعما قريب تتزوجن وتفترقن وستكتشفن أن التصرفات التي كانت تزعجكن بسيطة لا تستحق أن تحيل الحياة لنكد وحزن.
رابعا: استعن بالصبر والدعاء وستجدن تغيرا كبيرا بحول الله.
ألَّف الله بين قلوبكن، ورزقكن البر بوالدتكن.