هل هي مؤشرات لتقسيم اليمن ؟
12 جمادى الأول 1436
تقرير إخباري ـ المسلم

لا يبدو أن ما تظهره الدول الكبرى من تأييدها لهادي وعدم رضاها عما تقوم به المليشيات الحوثية من توغل وانقلاب على الشرعية وانتهاك للاتفاقيات الموقعة , بل واحتجاز لرئيس الحكومة المستقيلة خالد بحاج وعدد من وزرائه...متوافقا مع الواقع على الأرض . فبينما جدد السفير الأمريكي في ‫اليمن‬ اليوم "ماثيو تولر" دعم بلاده للشرعية الدستورية في اليمن ، ممثلةً بالرئيس عبد ربه منصور هادي ، داعيا لتنفيذ مخرجات الحوار، وفق ما جاء في حديث صحفي مقتضب لوسائل الإعلام , ما تزال اتصالات واشنطن مع الحوثيين تجري على قدم وساق , بحجة معرفة نوايا الحوثيين لمعرفة طريقة التعامل معهم حسب ما أشار وزير الخارجية الامريكي جون كيري . بينما الحقيقة تؤكد أن الولايات المتحدة طورت علاقات استخباراتية مع الحوثيين خلال الأشهر القليلة الماضية حفاظا على استمرارية عملياتها العسكرية ضد تنظيم القاعدة , حسب ما أكده المسؤول السابق في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية "سي أي إيه" مايكل فيكرز , ناهيك عن حقيقة دعم واشنطن المعتاد للأقليات في جميع البلاد العربية والإسلامية . وعلى الرغم من انتهاء مهلة مجلس الأمن الدولي اليوم , والتي كان حددها في منتصف فبراير الماضي , وطالب فيها الحوثيين الذين يسيطرون على العاصمة صنعاء بسحب قواتهم من المؤسسات الحكومية فورا ودون شروط , ناهيك عن المطالبة بالإفراج عن مسؤولي الحكومة المحتجزين لديهم , والتوقف عن اتخاذ إجراءات أحادية الجانب ....إلا أن الواقع يؤكد أنه لم تُتخذ أي إجراءات جدية للضغط على الحوثيين للامتثال لهذه المطالب , ناهيك عن ضرب الحوثيين عرض الحائط بهذه المطالب من خلال استمرارهم في سياستهم التوسعية , مما يشير إلى أنها شكلية وغير حقيقية . ومع استمرار السكوت الدولي على احتلال الحوثيين المدعومين من طهران للعاصمة صنعاء , وتصرفاتهم التي توحي باستقلالهم في المناطق والمدن التي يسيطرون عليها , بالإضافة إلى وصول هادي مؤخرا إلى عدن , وإعلانه التراجع عن استقالته التي قدمها في صنعاء , وتصرفه كرئيس للدولة اليمنية - ولكن من عدن الجنوبية - بدعم محلي وإقليمي ودولي , قد يشير إلى إمكانية تقسيم اليمن عمليا من خلال تصلب الحالة اليمنية على ما هي عليه الآن من سيطرة الحوثيين على الشمال , وممارسة هادي سلطاته في الجنوب وعليها فحسب . ولعل مما يشير إلى هذا التوجه كثير من المؤشرات : 1- ما أفادت به مصادر دبلوماسية أمس الأحد من أن سفارتي الولايات المتحدة وبريطانيا في اليمن ستعاودان العمل خلال الأيام المقبلة من مدينة عدن ، كخطوة مماثلة لسفارات خليجية قررت خلال الأيام الماضية العمل من هناك , وهي السعودية وقطر والإمارات والكويت التي أعلنت اليوم استئناف عمل سفارتها في اليمن من مدينة عدن . وعلى الرغم من اختلاف الأهداف والغايات من هذه الخطوة بين الدول الخليجية وأمريكا وبريطانيا , إلا أنها قد تكون مؤشرا على نية غربية مبيتة لتثبيت الوضع الراهن , وتقسيم اليمن إلى شمال وجنوب واقعيا وعمليا وإن لم يكن معلنا . فبينما أكدت الدول الخليجية أن استئناف عمل سفاراتها من عدن إنما جاءت – حسب ما صرح به مسؤولون عن تلك الدول - في إطار دعمها للشرعية الدستورية في اليمن ممثلة في الرئيس عبدربه منصور هادي وما نصت عليه المبادرة الخليجية , مع ما في هذه الخطوة من ضغط معنوي على المليشيات الحوثية في صنعاء ... لا يبدو أن أمريكا وبريطانيا لها نفس الأهداف وإن ادعت ذلك . 2- ومما يشير إلى وجود مؤشرات لتقسيم اليمن تصرفات الحوثيين وممارساتهم في صنعاء , حيث أبرموا الصفقات والعقود الدولية , وكانت أولى هذه العقود مع إيران , حيث وقع الحوثيون من صنعاء باسم الهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد اليمنية مع سلطة الطيران المدني الايراني في العاصمة الايرانية طهران ، مذكرة تفاهم لتدشين رحلات مباشرة بين البلدين . وتنص المذكرة على منح شركتي الخطوط الجوية اليمنية و"ماهان اير" الايرانية، حق تسيير رحلات مباشرة بين البلدين , وتشير المذكرة لتسيير 14 رحلة اسبوعيا في كل اتجاه لكل شركة , وقد وصلت بالفعل أول طائرة إيرانية إلى مطار صنعاء الدولي صباح أمس الأحد وسط تحذيرات من أن تؤمن تلك الرحلات جسرا جويا حربيا لدعم الحوثيين عسكريا ولوجستيا لإبقاء سيطرتهم وهيمنتهم على العاصمة صنعاء . وإذا أضفنا إلى ذلك انطلاق وفود الحوثيين في المدن والعواصم العربية والعالمية , حيث وصل اليوم وفد منهم إلى طهران في زيارة رسمية تستغرق أربعة أيام لإجراء محادثات مع كبار المسؤولين الإيرانيين , ناهيك عن زيارة وفد آخر للحوثيين وصل صباح أمس إلى العاصمة المصرية القاهرة ؛ لمقابلة مندوب اليمن الدائم بجامعة الدول العربية ؛ لبحث ومناقشة كيفية فتح علاقة مع القيادة المصرية لبحث سبل التعاون المشترك , حسب ما صرح عضو المكتب السياسي للجماعة عبد الملك العجري , وزيارة وفد ثالث لروسيا لكسر العزلة حسب وصفهم ....فإن ذلك يشير إلى استقلال الشمال عن الجنوب . وإذا كان كل مسلم يتمنى أن يكون كلام الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي صحيحا حين قال : " لم أغادر صنعاء من أجل إعلان انفصال جنوب الوطن عن شماله، وإنما من أجل الحفاظ على الوحدة التي تحققت بين شطري البلاد عام 1990م" فإن الأحداث والوقائع ربما تشير إلى غير ما يصرح به أو يريده و يتمناه .