تكميم الإعلام الإسلامي التونسي
11 جمادى الأول 1436
عبد الحكيم الظافر

ثمة طرق عديدة لإسكات الصوت الإسلامي في شتى المجالات، منها ما هو عنيف، وهو الغالب، ومنها ما يتم بـ"طريقة أنيقة".

ومن الطرق الأنيقة التي اعتادت عليها النظم العربية هي توسيع دائرة الاستبعاد للكثير من المؤسسات أو الأحزاب أو الجمعيات الإسلامية والعلمانية ثم مع مطالبة الجميع بتوفيق أوضاعه، يتم السماح فقط للعلمانية منها.

 

هذا النمط "الأنيق"، هو ما لجأت إليه الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري التونسية، المعروفة اختصارا باسم الهايكا، في ملاحقة القناة التونسية الإسلامية زيتونة، وبعض المحطات الإذاعية الإسلامية أيضاً؛ فقد قامت بالفعل بتوسيع دائرة استهدافها لمحطات التلفزة والإذاعة وتهديدها بإغلاقها، بحيث شملت قائمة استهدافها قنوات علمانية شهيرة كنسمة وحنبعل، ثم أمكنها التفاهم معها والتحلي بالمرونة الطبيعية لوقف قرار إغلاقها، من دون أن تسمح هذه المرونة بقبول توفيق القناة الإسلامية لأوضاعها!

 

أحد مؤسسي "الزيتونة" كان أكد في وقت سابق أن الهايكا قد "قامت بتوقيع وثيقة سرية مع بعض المؤسسات الإعلامية التي كانت وضعيتها تشبه ما يحصل الآن مع قناة الزيتونة ، فلابد للهايكا من كشف هذه الحقيقة للشعب التونسي إن كانت تحترم القانون"، لكن الهايكا لن تفعل؛ فإلى جوارها 14 منظمة "حقوقية" مشبوهة، تساندها ضد "ديكتاتورية النهضة" التي هي خارج الحكم الآن في تونس لكنها تمارس ديكتاتوريتها التي يزعم بيان منظمات "المجتمع المدني" أنها تسلطها على الهايكا لا من أجل إخراس القنوات وتقييد الحريات، وإنما لأنها فعلت العكس وساندت "حرية الإعلام" في تونس واستهجنت إقصاء القناة الأبرز للإسلاميين في تونس.

 

النمط "الأنيق" للاستبداد وتكميم الأفواه الذي وجدت القوى العلمانية مضطرة إليه في تونس لأنها تسعى إلى تجنب الأسلوب الصدمي، وتسعى إلى إفشال خصومها الإسلاميين بطريقة "رشيقة" لم تصبر عليه كثيراً، إذ سرعان ما لجأت إلى طريقتها الاعتيادية؛ فخلافاً للقنوات العلمانية التي جرى توفيق أوضاعها بشكل سري وشديد المرونة؛ فإن الهايكا لاذت بعصى الأمن الغليظة، واختارت أن يتم التفاوض بين مؤسسة إعلامية تزعم أنها مستقلة ووسيلة إعلامية عبر منطقة الأمن باريانة، حيث الحلفاء التقليديين لقوى اليسار العلمانية المتحكمة في حناجر الناس وآذانهم؛ فقد لجأت للأمن، وبدوره اتصل بالقناة وفقاً لما أكده الإعلامي بالقناة صالح عطية!

 

لم تزل الزيتونة تبث حتى الآن، وترفع "لوجو" "لا لقمع الإعلام"، لكنها تعمل تحت ضغط الإغلاق، في جو لا يسمح بالإبداع والاستقرار، تنتظر مصيراً قد يتشابه مع أخريات وقعن تحت طائلة الحكم العسكري؛ فلا غرابة، إنه الحكم العلماني حين يتسلط، أجاء من فوق دبابة أو من صندوق انتخابي مشبوه.