اليمن بعد وصول هادي إلى عدن
5 جمادى الأول 1436
تقرير إخباري ـ المسلم

استحوذ خبر وصول الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي إلى مدينة عدن جنوب اليمن مساء الجمعة الماضي اهتمام جميع وسائل الإعلام , حيث استطاع الخروج من محل إقامته الجبرية التي فرضها الحوثيون عليه في منزله في صنعاء في شارع الستين منذ أسابيع .
وأيا كانت الطريقة التي استطاع من خلالها الرئيس هادي الإفلات من قبضة الحوثيين , حيث تناولت بعض الصحف التابعة لبعض القوى اليمنية قصة خروج هادي من حصاره المفروض عليه , فذكرت بعضها أنه خرج متخفيا في واحد من ثلاثة مواكب , بينما ذكرت مصادر سياسية أخرى أن وفدا مكوّنا من سياسيين يمنيين وخليجيين "زار الرئيس هادي في منزله قبل مغرب يوم الجمعة، وأنه غادر بمعية الوفد الزائر" ..... فإن المهم هو أن الرجل قد أضحى طليقا , وأنه بهذه الخطوة أدخل اليمن في مرحلة جديدة غاية في الأهمية .
ولعل أولى بوادر هذه المرحلة الجديدة التي تشهدها اليمن فور وصول هادي إلى عدن , هي تراجعه عن استقالته , وعودته إلى العمل السياسي كرئيس للبلاد , وقد أعلن ذلك بنفسه خلال اجتماعه مع محافظي إقليم عدن - الذي يضم محافظات عدن وأبين ولحج والضالع- وقادة عسكريين وأمنيين، حيث أكد تمسكه بالاستمرار في عمله السياسي وفق المبادرة الخليجية , كما التزم به أمام المواطنين والناخبين , كما نُقل عنه أنه يستعد لاتخاذ إجراءات لتخليص اليمن من الانقلاب الحوثي .
لم يكتف هادي بذلك بل دعا المبعوث الأممي لدى اليمن جمال بنعمر، بنقل جلسات المفاوضات إلى مدينة آمنة بدلاً عن العاصمة صنعاء , بينما قررت 7 أحزاب يمنية - على رأسها التجمع اليمني للإصلاح وأحزاب التجمع الوحدوي والتنظيم الناصري والعدالة والرشاد والاشتراكي - التوجه إلى عدن بشكل عاجل للقاء الرئيس هادي هناك .
والحقيقة أن التأييد الذي يحظى به الرئيس هادي محليا من كثير من الأحزاب السياسية الرافضة للوجود الحوثي في البلاد , وإقليميا من دول الجوار الخليجي التي ترى في هادي الرئيس الشرعي للبلاد , ودوليا من خلال اعتراف الدول الكبرى بأن هادي يمثل الشرعية في اليمن , تمنحه فرصة لتدارك الوضع المتدهور الذي تمر به اليمن , خصوصا إذا تلقى دعما إقليميا في هذه الفترة الحرجة .
كما أن كثيرا من المحللين السياسيين يرون في وصول هادي إلى عدن ضربة موجعة للحوثيين , وأنه بتراجعه عن الاستقاله وعودته إلى العمل السياسي يقلب الطاولة على ما قاموا من انقلاب , وأن عدم قبول الشعب اليمني لهمينة الحوثيين وانقلابهم على السلطة , وفشلهم في إدارة شؤون البلاد منذ احتلالهم للعاصمة صنعاء في 21 من سبتمبر من العام الماضي , زاد من أهمية وصول هادي إلى عدن .
وعلى الرغم من أن الخرق اتسع على الراقع في اليمن , وأن عدم معالجة الدول السنية للخطر الحوثي في مهده حولهم إلى أخطبوط كاد أن يلتهم اليمن كله أو جله , إلا أن ذلك لا يعني تفويت أي فرصة يمكن من خلالها التقليل من هذا الخطر الداهم , ومنع سقوط اليمن في الهيمنة الرافضية الإيرانية .
من جهتهم قام الحوثيون بعدة خطوات مادية ومعنوية كرد على هروب هادي كما يصفونه :
أولى هذه الخطوات تمثل بوصفهم خروج هادي من مقر إقامته في صنعاء هروبا , و اتهام أجهزة استخباراتية بمساعدته على ذلك , حسب أسبوعية "نبض المسار" التابعة للحوثيين , بالإضافة لاقتحام منزل هادي بعد علمهم بمغادرته له , حيث اشتبكوا مع أفراد الحراسة الموجودين ما أدرى لوقوع ثلاثة جرحى بين أفراد الحماية , ليقوموا بعد ذلك بنهب محتويات المنزل .
والخطوة الثانية تمثلت بالتهديد باجتياح عدن , بالإضافة لمنع الزيارة عن وزير الخارجية عبد الله محمد الصايدي , والذي يخضع للإقامة الجبرية بمنزله في العاصمة صنعاء , ناهيك عن منع الحوثيون حكومة خالد بحاج من مغادرة صنعاء , بل وهددت اليوم بإحالة وزراء الحكومة المستقيلة إلى النيابة بتهمة الخيانة الوطنية لرفضهم القيام بمهام تصريف الأعمال , وذلك بعد أن ذكر محافظ عدن عبد العزيز بن حبتور أن اليمنيون ينتظرون دعوة هادي حكومة بحاج للانعقاد في عدن "يمن حضر" .
تطورات كثيرة وسريعة يمر بها المشهد اليمني بعد وصول هادي إلى عدن وإفلاته من قبضة الحوثيين , لا ينبغي الإسراف في التفاؤل فيها , كما لا ينبغي التقليل من شأنها , نظرا لتعقد المشهد اليمني بعد سقوط المدن واحدة تلو الأخرى بيد الحوثيين التابعين لإيران , وفي مقدمتها العاصمة صنعاء منذ حوالي خمسة أشهر من الآن .