الموقف المتأخر من الحوثيين هل يفيد؟
22 ربيع الثاني 1436
خالد مصطفى

بدأت بعض الدول العربية تأخذ مواقف حازمة من المتمردين الحوثيين الشيعة في اليمن في أعقاب الإعلان الانقلابي الاخير والذي قضى بحل البرلمان وتشكيل مجلس وطني لإدارة البلاد وهو موقف شديد التأخر حيث إن الحوثيين بدأوا في أولى خطوات مخططهم للاستيلاء على السلطة منذ فترة طويلة...

 

حذرنا وحذر الكثيرون من السيناريو القائم في اليمن الآن منذ أن بدأ التحرش الحوثي بالسلفيين في دماج والقيام بطردهم منها بموافقة الحكومة اليمنية الضعيفة والمخترقة ثم بدأ التوسع الحوثي تدريجيا للاستيلاء على المحافظات الواحدة تلو الأخرى تحت سمع وبصر العالم كله الذي كان مشغولا وقتها بتصنيف المعارضة السورية بين "معتدلة ومتطرفة" ثم انشغل أكثر بداعش وتوسعها مكتفيا بزيارات المبعوث الأممي إلى صنعاء للجلوس مع القوى السياسية دون التوصل لأي حلول للأزمة المتصاعدة ودون أن يتراجع الحوثيون خطوة واحدة عن هدفهم...

 

بعض الدول العربية التي بدأت تشعر بخطورة الموقف الآن رمت بثقلها وراء الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح رغم تاريخه المليئ بالطغيان والمؤامرات والحرص على السلطة بأي ثمن ورغم التحذيرات بشأن دخوله في صفقات مع الحوثيين الشيعة المدعومين من إيران, وتلاعبه بالجيش عن طريق القوات الموالية له والتي كانت تحت رئاسة نجله في الحرس الجمهوري حتى وقت قريب والتي تدين له بالولاء لأسباب قبلية في المقام الأول....

 

صالح اعترف مؤخرا باتصالاته بالحوثيين بحجة الحرص على "سلامة الوطن", كما كشف تسجيل صوتي مسرب عما هو أكثر من الاتصالات بين الطرفين فالقضية أقرب لتوزيع الأدوار من أجل تقاسم المكاسب بين أعداء الامس...فجأة استيقظ العالم على استقالة الرئيس الصوري لليمن وحكومته المشلولة وإعلان الحوثيين الانقلابي للاستيلاء الرسمي على السلطة وشرعنة جميع الإجراءات في هذا الصدد, ومنذ ذلك الوقت انطلقت الإدانات والاستنكارات والمطالبات بضرورة وقف ما يجري وعدم الاعتراف به ولكن كان قد فات الأوان حيث إن القوة المتحكمة على الأرض الآن هي قوة الحوثيين بعد اختراقها للجيش وخيانة قيادات فيه للشرعية على حساب الانتماءات القبلية والطائفية..كما أن الحوثيين يتمتعون بدعم من إيران وحزب الله اللبناني بشكل واضح في حين أن بقية القوى السياسية الموجودة على الأرض في اليمن لا تجد من يدعمها بل هناك دول ترى في بعضها خطرا عليها أكثر من الحوثيين! وهو ما أضعف من قدرتها على مواجهة الخطر الحوثي إلى جانب وقوف الدولة العميقة في اليمن مع الحوثيين نكاية في شباب الثورة....

 

ليس أمام الشعب اليمني الآن إلا مواصلة ثورته التي أطاحت بعلي عبدالله صالح من قبل ولكنها أبقت نظامه وهو الخطأ الدائم لثورات الربيع العربي والتي تدفع ثمنه من دماء ابنائها ومن حريتهم حتى الآن..إن الحوثيين يواجهون الثوار بالرصاص الحي كما كان يفعل بشار الأسد في سوريا فهل تتحول اليمن إلى سوريا جديدة وتقف حكومات المنطقة تشاهد مأساة شعب عربي آخر وهو يعيش الشتات والدمار لأنه لم يجد من يقف إلى جواره؟!