الحرب على "داعش" 2
8 ربيع الثاني 1436
تقرير إخباري ـ خالد مصطفى

ما زالت الحرب على تنظيم داعش تتصدر اهتمامات الدول الغربية والصحافة العالمية حيث ظهرت تطورات جديدة كانت متوقعة رغم النفي الغربي لها وهي مشاركة قوات برية غربية في القتال ضد داعش بعد فشل الضربات الجوية في وقف التنظيم وعودة القوات الأجنبية للمنطقة من نافذة محاربة داعش وفي البداية كانت اللافتة التي تستظل بها تدريب القوات العراقية ثم تدريب المعارضة السورية التي تسميها "معتدلة" دون تحديد كالعادة لمعايير هذا الاعتدال تماما كما أنه لا معيار محدد لتوصيف "الإرهاب" حتى الآن!...

 

أوباما من جهته طالب الكونجرس بمد التفويض لمحاربة داعش كما طالب عدد من النواب في الكونجرس بضرورة إرسال قوات برية إلى العراق لمحاربة داعش بعد أن أظهر تقرير للبنتاغون أن داعش خسر 1% فقط من أراضيه بالعراق طوال الأشهر الماضية رغم العدد الكبير من الطلعات الجوية التي شنها التحالف..

 

فقد  أظهرت أرقام وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أن تنظيم داعش لم يخسر حتى الآن سوى سبعمائة كيلومتر مربع من الأراضي في العراق، أي 1% فقط من 55 ألف كيلومتر مربع سيطر عليها عام 2014. وأقرّ المتحدث باسم البنتاغون جون كيربي بأنها "نسبة ضئيلة"...

 

في الأيام الأخيرة بدأ الحديث عن بسط السيطرة على مدينة عين العرب أو كوباني السورية على الحدود مع تركيا عن طريق قوات سورية معارضة وكردية وتضاربت الأنباء حول انتهاء المعارك وفرار مقاتلي داعش فبعد أن تم تأكيد السيطرة عليها تبين أن المعارك ما زالت مستمرة في نفس الوقت أثار دخول الأكراد للمدينة مخاوف تركيا من تمدد كردي على حدودها, و أعلن الرئيس التركي رجب طيب اردوغان أن بلاده لا تريد منطقة كردية خاضعة لحكم ذاتي في سورية على غرار اقليم كردستان العراق. وقال اردوغان «لا نريد تكرارا للوضع في العراق، شمال العراق. لا يمكننا الآن أن نقبل نشوء شمال سورية»,وأضاف «يجب أن نحافظ على موقفنا حول هذا الموضوع وإلا فسيكون شمال سورية مثل شمال العراق، هذا الكيان سيكون مصدر مشاكل كبرى في المستقبل»..

 

كما يبدو أن المخاطر ليست فقط بشأن داعش وتمددها ولكن هناك أطراف أخرى حريصة على التمدد واستغلال الموقف لتحقيق مصالح انتظرتها كثيرا وهو ما سيخلف الكثير من الأزمات حتى لو تم دحر داعش في مختلف المناطق...

 

من هذا المنطلق يمكن أن ننظر للوضع في العراق وما قامت به المليشيات الشيعية من مذابح ضد السنة في المناطق التي دخلتها مؤخرا بعد معارك مع داعش وهو ما اثار حفيظة أهل السنة وعدد من الناشطين والسياسيين الذين حذروا من تنامي قوة هذه المليشيات واكتسابها شرعية قانونية وعلنية لم تكن تتمتع بها من قبل وهو ما سيجعل أهل السنة ينتفضون من جديد ضد الحكومة الحالية التي من الواضح أنها امتداد لحكومة المالكي الطائفية التي كانت سببا مباشرا في تقوية داعش وحشد الأنصار لها...كذلك أفرزت الحرب على داعش واقعا علنيا آخر في العراق وهو وجود قوات الحرس الثوري الإيراني بدعوى حماية ما يسمونه "المقامات الشيعية" وسقوط عدد من الجنرالات والقادة الإيرانيين قتلى والإعلان عن ذلك في طهران دون وجل أو تحسب لأي عواقب وهو ما يؤكد التنسيق القوي بين أمريكا وإيران والمليشيات الشيعية..

 

إن الحرب على داعش بدأت تأخذ مسارات مختلفة لم تكن موضوعة في الحسبان من قبل على الأقل بالنسبة لبعض الأطراف المشاركة في التحالف مثل وضع شوكة في جنب تركيا السنية التي أصبحت سندا قويا للمسلمين في العالم معتمدة على قوتها الاقتصادية والعسكرية, كما كرست شرعية للوجود الإيراني العسكري والمليشيات الشيعية في العراق على حساب المخاوف السنية... إن الخطورة لم تعد في كيفية القضاء على داعش فقط بل أصبحت في الرواسب والأزمات التي ستخلفها هذه الحرب التي يشنها الغرب بأهداف ونوايا كثيرة ما ظهر منها أقل بكثير مما لم يظهر بعد.