أيتها الزوجة .. اصبري وقت الضيق
4 ربيع الثاني 1436
أميمة الجابر

نستطيع أن نميز بوضوح بين النساء في المحن , نعرف وقتها المرأة الطيبة ذات الأصل الطيب والمعدن النفيس من غيرها .

 

نجد عادة المرأة التي اعتادت عدم تحمل المسئولية والحياة المرفهة يصعب عليها أن تجد نفسها في الحياة البسيطة الصعبة .

 

 لذلك عندما يحدث للأسرة أزمة ما , أو يقع الزوج في محنة , أو تتغير ظروفه , تتغير هي الأخرى إلى صورة سلبية , حتى إنه ليجدها انسانه أخرى , غير التي يعرفها , عصبية , تريد تلبية طلباتها التي اعتادتها , تحمله أسباب الأزمة رغم أنها قد تكون عاملا أساسيا فيما وصل إليه من تلك الأزمة .

 

هذا في حال إذا كانت الأزمة مادية , أما إذا كانت مشكلة مرضية , فسرعان ما تسأم منه ويقل صبرها , ويصعب عليها تحمل زوجها وقت تعبه ومرضه , بل إن كثيرا من النساء تستغل فرصه محنة زوجها فتأخذ مكانه , وترى نفسها أصبحت سيدة البيت , فتبدأ بالتجرؤ على زوجها , و تشعره بعجزه , وتلمح دائما أمامه أنه أصبح قليل الحيلة .

 

هنا تظهر معادن النساء , فصاحبة الدين والخلق تجدها أفضل ما يكون في الشدائد ..

 

إن الصبر من أهم الصفات التي لابد أن تتصف بها الزوجة إذا حل بالبيت مشكلة أو ضيق , لأن البناء ليس كالهدم , فالأمر يحتاج إلى جهد وصبر وطول نفس , حتى يستطيع الزوج الوقوف على أقدامه من جديد , وكل شيء في أوله شاق .

 

 يقول الله تعالي " لقد خلقنا الإنسان في كبد " قال ابن كثير رحمه الله " يكابد أمرا من أمور الدنيا , وأمرا من أمور الآخرة , يكابد مضايق الدنيا وشدائد الآخرة " .

 

ودور المرأة الإيجابي يظهر في قوتها في الشدائد , فهي التي تقوم بدور إيجابي تجاه زوجها وقت المحن .

 

 فإن كانت ميسرة الحال قدمت له ما تقدر عليه من دعم مادي وعاطفي , وبجهدها وطاقتها لينهض من جديد .

 

وإن كانت لا تملك ما تدعمه به , فعليها دور مهم للغاية هو الدعم النفسي وهذا ربما يكون أهم , عن طريق تقويته , وبث الأمل فيه , وتذكيره بالصبر والرضا .

 

وعليها نشر حالة بيئية في بيتها من الهدوء والاستقرار والقناعة , وتذكير أسرتها بمن هم أقل حالا وأكثر معاناة , وتذكيرهم بالنعم التي يملكونها بمنة من الله وفضل .

 

وعليها وضع خطة هي وأولادها في ترشيد طلباتهم وحاجاتهم التي يريدونها , فيتكاتف الجميع للمرور من نفق الأزمة المؤقتة .

 

المهم في النهاية إشعار الزوج بأن الأسرة كلها يد واحدة , قانعة وصابرة معه وقت أزمته وضيقه .

 

أما حسن الظن بالله , فهو واجب على الأسرة في حال الأزمة وغيرها , فعلى المرأة أن تحسن الظن به سبحانه , وتتيقن بأن الفرج قادم , وأن هذه المحنة ما هي إلا وقت قليل , وفترة مؤقتة , فتذكره دائما أن مع العسر يأتي اليسر ومع الضيق يأتي الخير .

 

والإكثار من الدعاء في حالات الضيق كنز عظيم , فالله يحب العبد اللحوح في الدعاء , فبالدعاء يُرفع البلاء , وتنفرج الأزمات وتهون الآلام .

 

وإذا وقع الضيق , فعلى الزوجة الكتمان وعدم التحدث بأسرار بيتها للحفاظ على صورة زوجها وتماسك أسرتها , فالحديث لا يفيد , وإن كان من باب طلب العون , فالعون لا يكون إلا من الله سبحانه وحده لتخطي المشكلات , بل إن طلب العون من العباد والاتكال عليهم والتعلق بهم لا يحل مشكلة بأي حال من الأحوال , بل قد يفاقها , فالله سبحانه هو الرحيم وهو القادر على تغيير الأمور , فتفويض الأمر يجب أن يكون لله تعالى مع الأخذ بكل الأسباب الممكنة للحل .

 

سيأتي يوم قريب وتمر الأزمة , وساعتها لن ينسى لها أحد وقفتها في المحنة وسيذكر لها زوجها ذلك بكل وضوح , فإن أحسنت سيرتفع قدرها عنده , وإن خيبت ظنه فيها ستسقط حتما من ناظريه !

 

والزوجة الذكية تستطيع استغلال الموقف , سعيا وراء تعديل أفكار أبنائها ,وتربيتهم بعض الشيء على خشونة العيش , لقوله صلى الله عليه وسلم :"اخشوشنوا فإن النعمة لا تدوم " , فتأخذ درسا مما حدث , وتعلم أبناءها قدر النعمة , وكيفية المحافظة عليها وأن الشكر للنعمة سبب في دوامها .

 

إن أوقات الضيق – عادة ما تكون – أوقات ذروة الخلافات الزوجية , وربما كانت السبب الأول من أسباب الطلاق في كثير من الأحيان , فلابد من سعة الصدر لدى الطرفين , والتماس العذر للزوج عند غضبه  , وتذكر حسناته وخيراته وقت الرخاء .
لابد إذن من القناعة بأن السعادة لا تكون بعلو الجاه ولا كثرة المال , ولكن السعادة هي سعادة القلب , ولن يسعد القلب إلا بالإيمان , والعمل الصالح , واللجوء إلى الله , والتوكل عليه , والإخلاص له , فذلك طريق السعداء ودربهم .