مَن قتل قادة حزب الله اللبناني ؟
29 ربيع الأول 1436
تقرير إخباري ـ المسلم

كلما وصل المسلمون في الدول العربية والإسلامية إلى مرحلة اليقين بخرافة ما تزعمه طهران ومليشياتها الموزعة في كثير من دول الجوار العربي - وفي مقدمتها حزب الله بلبنان - من أنها تمثل محور المقاومة ضد الاحتلال "الإسرائيلي" مع طاغية الشام , حاولت إحياء هذه الأسطورة من جديد بشتى الوسائل والسبل .
نعم ...لقد انهارت آخر ورقة توت لهذه الأسطورة المزعومة منذ اندلاع الثورة السورية بعد تضافر الأدلة على بطلانها , حيث تبين للقاصي والداني أن حزب الله اللبناني وأسياده في طهران يمثلون بالفعل جبهة المقاومة والممانعة في المنطقة , ولكن ليس في مواجهة المشروع الصهيوني كما هو معلن , وإنما في مواجهة المشروع الإسلامي السني , الذي لم يطالب إلا بحقوقه المشروعه المسلوبة منه منذ عقود في دول ما سمي "بالربيع العربي" .
ومنذ سقوط هذه الورقة الأخيرة لهذه الخرافة , ومحاولات طهران ومليشياته لإعادة شيء من هذه الأسطورة لا تتوقف , ولعل ما تناقلته وسائل الإعلام أمس عن مقتل ستة من قادة الحزب وأزلام طهران في غارة "إسرائيلية" على الحدود السورية "الإسرائيلية" بالقنيطرة يأتي ضمن هذا السياق .
فقد زعم حزب الله اللبناني فجر اليوم الاثنين أن ستة من عناصره قد قتلوا في هجوم "إسرائيلي" استهدف مجموعتهم بمنطقة القنيطرة السورية الحدودية، على رأسهم جهاد مغنية، نجل القائد العسكري السابق للحزب، عماد مغنية .
وقال حزب الله في بيان له : "إن المجموعة كانت تقوم بـ"تفقد ميداني لبلدة مزرعة الأمل في منطقة القنيطرة السورية" وتعرضت "لقصف صاروخي من مروحيات" "إسرائيلية" ، ما أدى لمقتل ستة من عناصره وقادته هم "القائد محمد أحمد عيسى" و" جهاد عماد مغنية" إلى جانب عباس ابراهيم حجازي ومحمد علي حسن أبو الحسن وغازي علي ضاوي وعلي حسن إبراهيم.
والحقيقة أن هذه الرواية من حزب الله تقابلها روايات أخرى تشكك في حدوث الغارة أصلا , أو تنفي مقتل قادة الحزب جراء هذه الغارة على فرض حدوثها , مؤكدة أن قادة حزب الله قتلوا في وقت سابق وفي مكان آخر لا علاقة له بالقنيطرة لا من قريب ولا من بعيد . فما حقيقة الأمر ؟؟ ومن قتل قادة حزب الله اللبناني ؟
أما مسألة التشكيك بحدوث الغارة أصلا على الحدود السورية "الإسرائيلية" , فقد تبناه ناشطون سوريون على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك , حيث نشروا شهادات لسوريين يقيمون فى الجولان السوري المحتل أكدوا فيها عدم وقوع غارات جوية "اسرائيلية" علي الجولان يوم الأحد ، مكذبين ما أعلنه "حزب الله" عن مقتل عناصره فى القنيطرة بالجولان المحتل بغارة "إسرائيلية , مؤكدين أن أن عناصر "حزب الله" قُتلوا فى كمين نصب لهم فى القلمون .
وعلى فرض حدوث الغارة بالفعل فإنه لا يستبعد أن تكون وهمية , هدفها الأول والأهم إعادة تلميع صورة حزب الله اللبناني , من خلال إظهاره كضحية لغارات الكيان الصهيوني , وأنه ما زال يشكل خطرا مزعوما "مقاومة" على الحدود "الإسرائيلية" , بعد أن فقد رصيده بالكامل في هذا الإطار بعد توغله في دماء أهل السنة في سورية , كما أكد الكاتب والمحلل السياسي "أنور مالك" .
ولا يمكن نفي احتمال آخر لهذه الغارة المزعومة , فقد تكون ذريعة للحزب لإيجاد ما يسمى مقاومة الاحتلال الصهيوني على الحدود السورية بقيادة شيعية , وذلك كبديل عن إمكانية تشكل مقاومة سنية للاحتلال في المستقبل على حدودها الجنوبية مع سورية , خاصة بعد سيطرة الثوار في سوريا على تل الحارة الاستراتيجي ، بالإضافة لمناطق واسعة في كل من محافظتي درعا والقنيطرة الحدودية , والتي تسببت في إفقاد قوات النظام السوري زمام المبادرة في تلك المناطق المحاذية للكيان الصهيوني .
وإذا أخذنا بعين الاعتبار ما أعلنته حسابات تابعة لتنظيم جبهة النصرة سابقا , والذي أكدت فيه أن جهاد عماد مغنية وستة ضباط إيرانيين قتلوا في كمين محكم أعده جنود الجبهة في "جرود" بمنطقة القلمون بريف دمشق جنوب سورية , فإن ذلك يزيد من تأكيد كذب رواية حزب الله .
وبالإضافة إلى كل ما سبق فهناك الكثير من الإشارات والقرائن التي يمكن الاستئناس بها لتأكيد كذب الرواية الشيعية وأبرزها :
1- عدم تبني الجيش "الإسرائيلي" للغارة حتى الآن , حيث رفض وزير الدفاع موشيه يعالون مساء أمس الأحد التعقيب حول الحادثة , وفي تصريح نقلته الإذاعة "الإسرائيلية مساء الأحد اكتفى يعالون بالقول : "يجب على حزب الله أن يقدم توضيحات بالنسبة لممارساته في سوريا إذا ثبت ما أعلنه من أن عناصره قتلوا إثر غارة جوية على هدف في القنيطرة (جنوب غرب)" .
2- الكيان الصهيوني باستطاعته استهداف رأس حزب الله اللبناني حسن نصر الله شخصيا لو أراد , فقد كشفت صحيفة "جيروزاليم بوست" في ديسمبر الماضي أن الجاسوس "الإسرائيلي" الذي زرعه جهاز الموساد في حزب الله اللبناني , كان المسئول عن تأمين حسن نصر الله زعيم الحزب نفسه" , مما يعني أنه باستطاعته استهدافه وقتله , فلماذا تترك رأس الحزب وتغتال من هم أقل شأنا ومكانة في الحزب .
3- ثم إن كل المؤشرات والتصريحات "الإسرائيلية" تؤكد حرص اليهود على بقاء طاغية الشام على سدة الحكم في سورية , وهي بذلك تتفق مع رغبة قادة حزب الله الذين يدافعون عن بقاء النظام السوري بكل قوة , فلماذا تقوم "إسرائيل" باغتيال من يخدم مصالحها ويحقق أهدافها ؟!
هذا غيض من فيض الأسباب والمؤشرات والدلائل والقرائن التي تشير إلى أن هذا التضخيم الإعلامي لهذه الغارة المزعومة على قادة حزب الله , إنما تهدف إلى لفت الأنظار عن جرائم وتوغل حزب الله في الدم السوري , ومحاولة إعادة إظهاره كضحية لغارات الكيان الصهيوني , وكمقاوم للاحتلال على جبهة جديدة في الجولان .