"التبجح" الإيراني
12 ربيع الأول 1436
تقرير إخباري ـ خالد مصطفى

كثر كلام المحللين والسياسيين عن مخططات إيران لاختراق العالم العربي وتوطيد نفوذها لإعادة الإمبراطورية الفارسية الزائلة...

 

وكان هذا الكلام دائما ما يقابل من البعض باستهجان في بعض الأحيان وسخرية في أحيان أخرى بدعوى أنه لا أساس له وأن من يستفيد من ذلك هو الغرب الذي يريد بث الفرقة في "العالم الإسلامي"... ولكن المفاجأة أن ما كان يبدو على أنه من قبيل التحليل والاستنباط لدى البعض أصبح حقيقة واقعة تماما باعتراف أصحاب الشأن؛ فقد أكد نائب قائد الحرس الثوري الإيراني الجنرال حسين سلامي بشكل واضح على وجود جيوش شعبية مرتبطة بالثورة الإيرانية في العراق وسوريا واليمن، يبلغ حجمها أضعاف حزب الله في لبنان, وقال إن الثورة الإيرانية ارتبطت بأواصر مع العراق لتشكل هناك قوات شعبية يبلغ حجمها 10 أضعاف حجم حزب الله في لبنان, وأشار سلامي إلى أن سوريا تشكلت فيها أيضاً قوات شعبية، معتبراً أن جماعة الحوثيين في اليمن يمارسون الآن دوراً كبيراً كدور حزب الله في لبنان...

 

هكذا بلا مواربة مسؤول عسكري إيراني يعترف لوكالة شبه رسمية بالمخطط الإيراني للسيطرة على دول المنطقة الواحدة بعد الأخرى ليس عن طريق السياسة والدبلوماسية مثلا ولكن عن طريق المليشيات الشيعية العسكرية التي يسميها هو "جيوشا" فماذا يريد العرب بعد ذلك للوقوف في وجه هذا المستعمر الفارسي؟!... هل سيكتفون كعادتهم بالتنديد والشجب والاستنكار والطلب من إيران التصرف كدولة رشيدة تراعي حقوق الجيرة؟! وماذا سيفعلون إن أصرت إيران كما تصر دائما على عدم الانصياع لهذه المطالب والرد عليها ببرود وعجرفة؟...

 

العرب لم يتعلموا من الدرس الذي أضاع فلسطين منذ أكثر من 60 عاما وهم الآن ما زالوا يطلبون من الكيان الصهيوني الغاصب القبول بالمبادرة العربية وهو يرفض ويكابر ويبني في المزيد من المستوطنات ويصادر المزيد من الأراضي الفلسطينية ويهود القدس ويخطط لهدم المسجد الأقصى حتى يفرض على العرب أمرا واقعيا جديدا يضطروا في النهاية للقبول به....لماذا لا يفهم العرب أنه لا يفل الحديد إلا الحديد وأن القوة لا تقابل إلا بالقوة في هذا العالم الذي نعيش فيه وأن أمريكا التي تتظاهر أنها عدوة لطهران وصديقة للعرب تضع يدها في أيدي إيران ضد العرب لأنها تفضل الشريك القوي الذي يستطيع تحقيق مصالحها عن الشريك الضعيف الذي لا يعرف حماية مصالحه...

 

ألم يفطن العرب لتغير سياسة إيران مؤخرا حيث كانت تفضل دوما أن تخفي نواياها وتحاول الظهور بمظهر الجار الصالح المتعاون الذي يريد الخير لمن حوله بغض النظر عن أعمالها في الخفاء؟!...ألم يلفت تغير موقف إيران من التقية إلى التبجح والجهر بالمواقف العدائية نظر العرب بأن طهران تشعر بقوتها وتمكنها من الوصول للكثير من أهدافها وضعف موقف مناوئيها؟!..

 

تواصل إيران في عنجهية بالغة احتلال أراضي عربية والتدخل في شؤون جيرانها ونشر التشيع في البلدان السنية ودعم الشيعة في البلاد العربية بالمال والسلاح وتحويلهم لقنابل موقوتة لهدم دولهم وبناء دول على الطريقة الإيرانية الشيعية الفارسية, كل هذا والطرق التي يتبناها العرب في مواجهتها تتسم بالنمطية وعدم الحسم وتعتمد على آليات قديمة لا تصلح في ظل التغيرات التي يشهدها العالم والمنطقة؛ فماذا ينتظر العرب حتى يتحركوا بفاعلية تجاه هذا الملف الساخن لدرجة الاشتعال؟!..إن الاعتماد على العداء الغربي تجاه إيران ورقة ضعيفة في ظل تغير بوصلة المصالح في المنطقة واعتماد الغرب على إيران في أكثر من ملف حيوي حتى ورقة النووي لم تعد ذات أهمية كبيرة لأن طهران ليست في حاجة للنووي لكي تصل إلى أهدافها وتنفيذ مخططاتها وهي على الاستعدداد لتقديم تنازلات في هذا الملف على أن يسمح لها بمزيد من التغلغل في لبنان وسوريا واليمن والعراق وغيرها من البلدان.....

 

لم يعد المخطط الإيراني مجرد تحليلات بل أصبح تهديدا علنيا صريحا فيا ترى ما الموقف الذي يمكن أن نسمعه قريبا من الجامعة العربية لمواجهته؟