ماذا يحدث في أوروبا ؟
7 ربيع الأول 1436
تقرير إخباري ـ المسلم

يبدو أن أسطورة المدينة الفاضلة المزعومة في الدول الغربية قد انهارت , وأكذوبة التجانس بين جميع الأعراق والأجناس والأديان وما تحمله من أفكار قد تحقق في القارة العجوز قد انكشف , والحرية الدينية التي حاول الغرب عبر العقود الماضية تصويرها على أنها النموذج الذي يحتذى به في العالم قد تهاوت , فما تشهده الدول الغربية من عنصرية مقيتة تجاه المسلمين لا يمكن أن ينسجم مع تلك المزاعم , والخطاب الاستفزازي المتشدد تجاه الدين الإسلامي على وجه الخصوص لا يمكن أن يتوافق مع دعاوى الحرية الدينية المفترضة .
وإذا كانت الممارسات العنصرية تجاه المسلمين في أوروبا لم تتوقف أو تنقطع يوما منذ انتشار الإسلام وتمدده بشكل ملحوظ في معظم الدول الغربية , فإن زيادة حجم هذه الممارسات كما وكيفا في الآونة الأخيرة , وذلك تزامنا مع موجة جديدة من أعداد المهاجرين إلى تلك البقعة التي ما زالت تشكل ملاذا آمنا لكثير من المضطهدين في العالم العربي والإسلامي , يدفع إلى التساؤل عن حقيقة المزاعم الغربية تجاه أسطورة "الحرية الدينية" هناك .
إن اللافت في الأمر هو محاولة الغرب منذ فترة طويلة تصوير بلاده خالية من الأفكار المتشددة والمتطرفة , ومحاولة إيهام العالم بأن البلاد الإسلامية هي منبع ومصدر الفكر المتطرف والمتشدد , لتأتي الأحداث المتتالية والمتلاحقة لتثبت العكس دائما , فبينما ينكشف الوجه الحقيقي المتشدد للغرب يوما بعد يوم , ويظهر الفكر المتطرف من خلال الممارسات العنصرية تجاه المسلمين , لم نسمع بتلك الاعتداءات أو الممارسات العنصرية تجاه غير المسلمين في الدول العربية والإسلامية .
ومن يقارن بين ما يحدث للمسلمين في أوروبا في الفترة الأخيرة , وما تنعم به الأقليات غير المسلمة في الدول الإسلامية عبر العقود الماضية , يستطيع أن يؤكد أن غير المسلمين في الدول الإسلامية أحسن حالا – من حيث الحرية الدينية – من المسلمين في بلاد الغرب , مما يعني أن الفكر المتطرف منبعه ومصدره الموروث العدائي الغربي تجاه المسلمين .
وإذا ما ظهرت بعض الأعمال العدائية أو التي توصف "بالإرهابية" من بعض المسلمين - سواء في الدول العربية او الغربية - فإنها بلا شك نتيجة الظلم والقهر والطغيان الغربي الذي يتركم ليولد ردة فعل , وهو ما يعني أن ذلك القهر والظلم لو توقف لنعم العالم بأمن وأمان , ولزالت كل أسباب ما يسمى "الإرهاب" الذي يؤرق العالم منذ عقود .
إن من يتابع أخبار ما يجري في القارة العجوز من تنامي ظاهرة "التخويف من الإسلام" , لا يمكنه إلا أن يتساءل : ماذا يحدث في أوروبا ؟؟ وأين هي حقيقة الحرية الدينية المزعومة هناك ؟؟ وأين هو الفكر المنفتح والمتقبل لجميع الأعراق والأجناس والأديان؟ .....الخ .
فإذا كانت السويد التي تحتل المرتبة الأولى في العالم في مؤشر "الإيكونوميست" للديمقراطية , وتعتبر من أرقى الدول الغربية من حيث شعار الحرية الدينية المزعوم , تشهد أحداثا عنصرية تجاه المسلمين , ويرتفع فيها صوت الفكر المتطرف الذي يصل إلى حد الشروع في قتل بعض المسلمين بسبب الانتماء للدين الإسلامي , فإن ذلك ينبأ بحجم انهيار تلك الأسطورة المزعومة , ويظهر مدى التطرف الفكري الذي يتنامى في القارة العجوز .
وإذا كان الأمر خلاف ما سبق فماذا يعني إقدام شخص على إضرم النار في مسجد بمدينة إسكلستونا أثناء وجود نحو 15 إلى عشرين مسلما بداخله ؟!،الأمر الذي أدى إلى اشتعال الحريق وإصابة خمسة أشخاص وتهديد حياتهم بالخطر حيث لا يزال اثنان منهم في المستشفى حتى أمس .
وإذا زعم أحدهم أن الحادثة كانت خطأ فإن ما ذكره أحد الشهود يؤكد عكس ذلك , حيث أكد أنه رأى شخصاً يلقي شيئاً عبر نافذة المبنى الذي يوجد المسجد في طابقه الأرضي, كما أظهرت لقطات نشرتها وسائل إعلام محلية الدخان وألسنة اللهب تتصاعد من نوافذ المسجد.
ولم يكن هذا الحادث الوحيد والفريد في السويد , ففي يناير/كانون الثاني الماضي رسم مجهولون صليبا معقوفا على الباب الرئيسي لمسجد في العاصمة ستوكهولم، وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي هاجم نازيون جددا مظاهرة مناهضة للعنصرية في ضواحي العاصمة، مما تسبب في إصابة ثلاثة أشخاص.
وفي النمسا أيضا قامت مجموعة من العنصريين بالاعتداء على مسجد تابع للاتحاد الإسلامي التركي، في العاصمة النمساوية "فيينا"، وعلقوا رأس خنزير على باب المسجد , وذلك بالتزامن مع قانون الإسلام الجديد الذي أثار ويثير جدلا كبيرا في النمسا , حيث يعتبر الأقلية المسلمة تهديدا أمنيا , الأمر الذي سيجعلها هدفا للفكر المتطرف المتنامي هناك .

وما يؤكد أن هذا الاعتداء ليس حادثا عابرا هو تصريح"بيرم قرار"، إمام جامع "قوجه تبه" الكائن في المنطقة 21 في "فيينا"، الذي قال: إن الاعتداء الذي شهده المسجد يأتي بالتزامن مع تزايد الاعتداءات المرتكبة ضد المسلمين ومساجدهم يومًا بعد آخر .
وإذا أضفنا إلى هذين المثالين ما يجري في ألمانيا من مظاهرات أسبوعية ينظمها النازيون الجدد ومثيري الشغب والأحزاب اليمينية المتشددة , فإن الصورة تبدو مكتملة لمن يريد معرفة حقيقة ما يجري في أوروبا .