اللمسات الأخيرة لشرعنة التدخل العسكري بليبيا
29 صفر 1436
تقرير إخباري ـ المسلم

أمام تقدم قوات فجر ليبيا في شتى أنحاء البلاد , حيث تمكنت قوات الدرع الثالث لمدينة مصراتة التابعة لـ "فجر ليبيا" من السيطرة على قاعدة برّاك الشاطئ الجوية جنوبي ليبيا , كما سيطرت على مدينتي "الجميل و رقدالين" أقصى شمال غرب ليبيا دون أي مقاومة تذكر , كان لا بد من تحرك دولي لاحتواء هذا التقدم , ومحاولة وقفه بشتى الوسائل , ولو بتدخل عسكري غربي في ليبيا .
وإذا كان من المؤكد أن الغرب كان يرغب بتحقيق أهدافه في ليبيا عن طريق عملائه وأتباعه في المنطقة وأولهم "حفتر" , فإن فشل الأخير الذريع في ذلك , وأخبار هزائم قواته المتلاحقة أمام قوات "فجر ليبيا" , ستدفع الغرب للبدء بتنفيذ خطتها الأخيرة في محاولة وأد طموحات الثوار وإنقاذ أجندتها المهددة في ليبيا , من خلال طريقتها المعهودة : التدخل العسكري بطلب من أتباعها وعملائها في ليبيا , أو بطلب من الدول المجاورة تحت راية ورعاية الأمم المتحدة ومجلس الأمن الذي ابتدعته وتسيطر عليه .
وعلى الرغم من أن الغرب ليس بحاجة لهذا الطلب أو حتى موافقة مجلس الأمن إذا أراد غزو بلد إسلامي لتحقيق أطماعه , فقد فعلتها أمريكا من قبل وغزت العراق دون موافقة أحد من دول العالم , اللهم إلا بريطانيا وبعض الدول التي تدور في فلك الولايات المتحدة , إلا أن الغرب يحرص على طلب التدخل وموافقة مجلس الأمن لشرعنة تدخله لا أكثر .
ومن هنا يبدو أن الغرب قد بدأ بوضع اللمسات الأخيرة لشرعنة تدخله في ليبيا , بعد أن فشلت جميع محاولاته لفرض برلمان وحكومة موالية وتابعة له , وذلك من خلال إعطاء الضوء الأخضر لما يعرف بدول "الساحل الإفريقي" ( تشاد ومالي والنيجر وموريتانيا وبوركينا فاسو ) أثناء انعقاد قمة بالعاصمة الموريتانية نواكشوط مساء الجمعة , لتوجيه نداء إلى مجلس الأمن الدولي لتشكيل قوة دولية ، بالاتفاق مع الاتحاد الأفريقي "للقضاء على ما يسميه الغرب والدول التابعة له " الجماعات المسلحة" في ليبيا .
و العجيب في أمثال هذه الطلبات والنداءات أنها تأتي باسم الشعب الليبي , وتتحدث باسمه , حيث اعتبر المجتمعون أن الليبيين "باتوا مقتنعين بضرورة تدخل عسكري دولي لحماية المؤسسات وحفظ الممتلكات ولحماية خيار الشعب الليبي" , بينما الحقيقة غير ذلك تماما , فطلب التدخل هو لإنقاذ مصالح الغرب والدول التي تدور في فلكه .
والأعجب من ذلك أن يغلف ويبرر طلب التدخل العسكري الغربي الذي سيجلب الدمار والخراب على هذا الشعب والبلد على حد سواء , بأنه جاء خوفا على مصالح الشعب الليبي والرغبة في مساعدته في المصالحة الوطنية وإقامة مؤسسات ديمقراطية مستقرة !!
وأين هو حرص الدول الغربية على الديمقراطية التي تم الانقلاب عليها في أكثر من بلد من بلاد "الربيع العربي" ؟! أم إن تعريف الديمقراطية قد تغير وتحول في نظر الغرب من نتائج الانتخابات وأصوات الناخبين في صناديق الاقتراع , إلى البرلمان والحكومة التي تنهج نهج الغرب وتنفذ أجندته في الدول العربية والإسلامية ولو جاءت بطريقة مخالفة للديمقراطية المعهودة !!
ثم هل سبق أن جاء التدخل العسكري الغربي بأي خير إلى بلاد المسلمين ؟! و هل جلب التدخل العسكري الأمريكي في العراق الديمقراطية المزعومة لهذا الشعب المسلم حسب ما ادعى بوش ؟؟! أم حصد هذا التدخل مئات الآلاف من رؤس المسلمين من أهل السنة , وسلط على رقاب المسلمين رافضة طهران الذين عاثوا في البلاد فسادا وإفسادا , وما زالت العراق تحصد نتائج ذلك التدخل العسكري الأمريكي إلى وقتنا الراهن .
إن الحقيقة أن الغرب يتكلم باسم الحكومة التابعة له وبعض المؤيدين لها من الشعب في كل البلاد العربية والإسلامية , وخصوصا بعد ثوارت ما عرف "بالربيع العربي" , ولعل ذلك ما عناه المجتمعون في قمة "نواكشوط" بالقول : "كل الاتصالات التي أجريناها مع المسؤولين الليبيين تؤيد هذا الرأي" , ناهيك عن الاشادة والاعتراف ببرلمان "طبرق" الموالي للغرب رغم صدور قرار المحكمة الدستورية بعدم شرعيته .
أما غالبية الشعب الذي يؤيد مطالب الثوار , ويرفض التدخل الخارجي في بلاده بأي صيغة أو إطار , فلا يبالي أحد من الغرب أو دول الجوار بمطالبهم , بل ربما يعتبرهم الغرب "إرهابيين" إن قاوموا ذلك التدخل أو عارضوه .
إنها في الحقيقة الطريقة المثلى التي يعود فيها الغرب إلى الحقبة الاستعمارية للدول العربية والإسلامية , حيث يصف كل من يقاومه ويعارضه "بالإرهاب" , ومن ثم يشرعن تدخله في بلاد المسلمين لمحاربته بطلب من بعض الموالين له أفرادا كانوا أم حكومات .