أنت هنا

نفط ليبيا ومرتزقة الصهيونية
22 صفر 1436
موقع المسلم

يبدو أن القائد الأمريكي الجنسية خليفة حفتر، الذي يقود قوات مرتزقة في الشرق الليبي كان مدركاً للخطر الذي يتوقع حصوله إذا ما أخفقت مساعيه في غزو بنغازي تحت القصف الجوي الذي استهدف من خلاله ممارسة سياسة الأرض المحروقة لإرغام سكان منطقة الصابري ببنغازي ومسلحيها على الاستسلام، بما يتيح ثغرة يمكن لقواته النفاذ منها إلى قلب المدينة الثانية في ليبيا؛ فالخطر الذي كان يتحسب له أن طريقة "الصدمة والرعب" التي تعلمها من تكتيك بلده الثاني (الولايات المتحدة)، إذا ما أخفقت فستفتح شهية قوات الجيش الليبي الشرعي الموالية لحكومة عمر الحاسي التي شكلها المؤتمر الوطني، المجلس الدستوري الوحيد في البلاد للاتفات إلى تحويل الصمود إلى هجوم يهدد وجود مرتزقته؛ فأطلق تصريحه/الفضيحة الأخير، مستنجداً بالعدو الأول للمسلمين والعرب، الكيان الصهيوني، حين رد عن سؤال لصحيفة "كوريرا ديلا سيرا" الإيطالية الأسبوع الماضي يتعلق باستعداده لتلقي الدعم من "إسرائيل"، القول: "ولمَ لا؟ فعدوّ عدوي هو صديقي" في إشارة إلى مواطني بلاده الليبيين، وقوات جيش ليبيا وحكومتها الشرعية!

 

الاستنجاد بالكيان الصهيوني لم يكن مستغرباً من الرجل، فما قاله هو مجرد نقل ما هو سري إلى نطاق العلن؛ فالليبيون يعرفون جيداً من المستفيد الأول من سيطرة المرتزقة في بعض مناطق الشرق على حقول النفط وموانئها، ويعرفون دور جضران في تهريب النفط الليبي، وعلاقته الوثيقة بالكيان الصهيوني، وهي الحقول والموانئ اللتان لم يخب حذر حفتر ولا من يعمل لحسابهم من فقدانها، إذ سرعان ما انطلقت عملية "الشروق" التي أعلنتها غرفة عمليات ثوار ليبيا في المنطقة الواقعة بين منطقتي بن جواد شمال ليبيا، والسدرة غرب الهلال النفطي، شرقي بنغازي، وفيهما ميناءا السدرة ورأس لانوف اللذان يتم تصدير معظم نفط ليبيا منهما (تصدر ليبيا نحو 800 ألف برميل، يصدر السدرة نصف مليون، ورأس لانوف نحو 200 ألف برميل).

 

مع هذا؛ فإن توقيت عملية تحرير المناطق النفطية التي انطلقت أول الأسبوع الحالي كان موفقاً مع انخفاض أسعار النفط العالمية، المصاعب الجمة التي تكتنف تدخلاً غربياً مباشراً في الشأن الليبي لجوار حفتر، وإن بدا أن الولايات المتحدة وأوروبا تلوحان ـ عبر إحالة الجنائية الدولية المسيسة لملف ليبيا لمجلس الأمن ـ  باحتمال التدخل بذريعة قانونية هذه المرة، تتعلق بمحاكمة سيف الإسلام القذافي أمام الجنائية الدولية!

 

عملية الشروق تعكس من جانب آخر قلقاً متنامياً من حكومة الحاسي والجيش الليبي الموالي لها من أن بقاء الأوضاع على ما هي عليه من ازدواجية السلطة والمجالس التقنينية كفيل بأن يهيء مجالاً أرحب للتدخل الأجنبي بشكل أكثر سفوراً مما هو عليه الآن، لذا وجد قادة الجيش والكتائب الموالية له أنفسهم مضطرين إلى خوض معركة تحرير، تبدأ بحسم السيطرة على منابع وموانئ النفط، وإلا لم يعد الوقت في صالحهم، لاسيما مع احتياج الحكومة الليبية لميزانية تحقق رفاه بمناطق نفوذ الحكومة من جهة، ومن جهة أخرى، يحرم قوات حفتر من تجنيد مرتزقة جدد مستفيدة من توفر عائدات النفط الضخمة؛ فكان أن دخلت ليبيا الآن ساعة الحسم..