هل تنهار خرافة عصمة ملالي طهران ؟
9 صفر 1436
تقرير إخباري ـ المسلم

سؤال قد يبدو للوهلة الأولى مبالغ فيه أو من وحي الخيال , فالتعصب لفكرة عصمة أئمة الرافضة ما زالت قوية بل وتزداد في طهران , والأحزاب المحافظة هناك تحاول الذهاب بعيدا في تقديس شخص المرشد الأعلى للجمهورية , وتثبيت فكرة كونه النائب عن المهدي المنتظر المزعوم المعصوم الذي لا يخطئ أبدا , خاصة وأن هذه الأحزاب ما زالت لها الكلمة الأولى واليد الطولى في إيران . إلا أن شواهد التاريخ تثبت أن الأفكار الباطلة التي لا تتوافق مع النقل الصحيح , و تتعارض مع أبسط قواعد العقل الصريح , لا يمكن لها أن تعيش طويلا مهما استعانت بوسائل الخداع , أو استقوت بأسباب القوة المادية والمعنوية . ولعل من أنجع الأساليب في هدم القلاع الوهمية لأمثال هذه الأفكار الأسطورية هو تدمير الفكرة من الداخل , ومحاربتها من جذورها وأصولها وعلى يد أبنائها , وفي التاريخ الإسلامي ما يدل على ذلك , فقد استطاع صقر قريش "عبد الرحمن الداخل" القضاء على فتنة المدعو "شقنة بن عبد الواحد المكناسي" , من خلال اختراق جبهته الداخلية , والوصول إلى أقرب الناس إليه ليقضوا عليه , وعلى ادعاءاته المزعومة . لقد ادعى المدعو "شقنة" الانتساب إلى آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم , وأنه من نسل فاطمة الزهراء رضي الله عنها للوصول إلى أهدافه السياسية وأطماعه الشخصية , تماما كما يدعي الرافضة اليوم ذلك النسب المزعوم لتحقيق المآرب الشخصية , وإذا كانت فتنة "شقنة" قد استمرت عشر سنوات من 151 – 160هجري , حتى قضي عليها من داخلها , فربما لا تكون فتنة الرافضة كذلك , إلا أن المهم هو إمكانية استثمار بعض التصريحات لتوظيفها في نقض فكرة العصمة والتقديس لشخص المرشد الأعلى في إيران . فها هو النائب "علي مطهري" يطالب المرشد الأعلى بإطلاق سراح مير حسين موسوي ومهدي كروبي قائلا : "إن المرشد ليس معصوماً وإن رأيه في استمرار فرض الإقامة الجبرية ضد قادة الحركة الخضراء ينافي العدالة" . ومع أن المرجع الشيعي ومندوب الولي الفقيه والمرشد الأعلى في مدينة مشهد أحمد علم‌ الهدی هاجم هذا التصريح بشدة قائلا "إن من يقول بأن المرشد الأعلى علي خامنئي غير معصوم، إما أنه مجنون أو عدو"، على حد تعبيره , إلا أن ذلك لا ينفي يقين ساسة طهران ورجال الدين فيها أن فكرة "عصمة المرشد" باطلة وغير صحيحة . والحقيقة أن وصف علم الهدى النائب مطهري بالـ "مجنون" وذهابه بعيدا في الرد على تشكيكه في عصمة المرشد بقوله :"لا يحق لأحد في الجمهورية الإسلامية أن يطرح رأياً مخالفاً لرأي المرشد الأعلى" مضيفا أنه "حتى مجلس خبراء القيادة لا يستطيع أن يشرف على أداء المرشد والمؤسسات التابعة له، لأن المرشد له حق "الولاية على مجلس الخبراء أيضا" , دليل على خطورة هذا التصريح الذي ينقض أهم أساس من أسس بناء الدولة الإيرانية ألا وهو "الإمامة" . وإذا أضفنا إلى هذا الهجوم الشديد مطالبة إمام الجمعة في "مشهد" القوى الثورية في إيران بعدم السكوت على تصريحات مطهري , فإننا لا بد أن ندرك ماذا يعني التشكيك بفكرة "العصمة" للأئمة ونائبهم المزعوم "المرشد الأعلى" . لقد أولى الرافضة هذه الفكرة أهمية كبيرة فأقحموها في دستورهم , حيث تنص المادة الخامسة منه على أنه "في زمن غيبة الإمام المهدي تكون ولاية الأمر وإمامة الأمة في جمهورية إيران الإسلامية بيد الفقيه العادل، المتقي، البصير بأمور العصر، الشجاع القادر على الإدارة والتدبير" وهو المرشد الأعلى للجمهورية . كما أن المادة 110 من الدستور تجعل من شخص المرشد الأعلى للجمهورية الحاكم الفعلي والمهيمن على جميع الأمور فيها , فمهام وصلاحيات ومسؤوليات الولي الفقيه لا تقتصر على شؤون الدولة وحياة الناس فيها , بل تتعداها إلى أمور الآخرة , فهو الذي يمنح الناس صكوك الغفران , ويعطيهم جوازات سفر تسمح لهم الدخول إلى الجنة كما يزعمون . قد يكون التعويل على مجرد تصريح من نائب إيراني لإنهاء وإزالة فكرة عصمة المرشد الأعلى في إيران فيه بعض الشطط , إلا أن العمل على إزالة الغشاوة من على أعين الناس في هذا الإطار , والاستمرار في التأكيد على أسطورية فكرة تقديس الأشخاص ورفعهم عن مستوى الخطأ الذي يقع فيه سائر البشر , لا بد أن تؤتي ثمارها عاجلا أو آجلا .