انتزاع الأراضي المحكورة
23 محرم 1436
محمد بن عثيمين رحمه الله

الحمد لله رب العالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ـ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين ـ ، وبعد :
فإنه لما كانت الحكومة تنتزع لمصالح المسلمين في توسيع طرقهم وإنشاء مرافقهم أراضي محكورة (مُصبرة) وعليها بناء ، أشكل على كثير من الناس كيف يكون الفصل فيها بين الحاكر والمحكور عليه ـ أي المصبًّر والمتصبَّر ـ ، فأردت أن أكتب في هذا ما تبين لي راجياً من الله تعالى أن يكون صواباً ، فأقول :
إذا انتزعت الحكومة أرضاً مصبرة عليها بناء فلا تخلو من حالين:
الحال الأولى : أن يكون البناء موجوداً حين عقد الصبرة ، فتكون الصبرة على الأرض وما عليها من بناء ، مثل أن يتصبر بيتاً مبنياً فتنتزعه الحكومة أو بعضه ، ففي هذه الحال يقوم البيت كاملاً أو ما انتزع منه ويشتري بالقيمة بيت يستغله المتصبر ويدفع كامل الصبرة أو قسط ما انتزع إلى أن تنتهي المدة ؛ وذلك لأن هذه القيمة عوض عن البيت تعلق به حق كل من المصبر والمتصبر ، فحق المصبر يتعلق بالعين ، وحق المتصبر بالمنفعة ، فيقوم العوض مقام المعوض؛ لأن البدل له حكم المبدل .
هذا ما تقتضيه القواعد العامة ، وقد أخذت به الهيئة الدائمة لمجلس القضاء الأعلى في قرارها رقم 57 الصادر في 15/2/1396هـ .
الحال الثانية : أن يكون البناء محدثاً بعد عقد البصرة ، فتكون الصبرة على الأرض وحدها مثل أن يتصبر ولم يشترط عليه أن يبني عليها بناء ليزداد به تأمين الصبرة ، أو أن الصبرة قادمة في الأرض وما يوضع عليها من بناء أو غيره ، فتنزع الحكومة الأرض والبناء الكل أو البعض ، ففي هذه الحال تقوم الأرض أو ما أنتزع منها خالية من البناء ويقوم البناء وحده وذلك بأن تقوم الأرض مبنية وخالية من البناء ، فما بين القيمتين هو قيمة البناء ، فإذا قدرنا أن قيمتها بالبناء خمسون ألفاً وخالية ثلاثون ألفاً كانت قيمة البناء عشرين ألفاً ، فيختص الباني بقيمة البناء ، ويشتري بقيمة الأرض بيت تتعلق الصبرة به أرضه وبنائه يستغله المتصبر ويدفع كامل الصبرة أو قسط ما انتزع إلى أن تنتهي المدة .