تصفية الرموز الإسلامية في بنغلادش
12 محرم 1436
تقرير إخباري ـ المسلم

رغم الحرب الظاهرة التي تشنها العلمانية العالمية وأخواتها على الإسلام والمسلمين منذ عقود , إلا أنها كانت على أي حال مغلفة بغطاء التطور واللحاق بركب المدنية الغربية وغيرها من الشعارات الكاذبة التي تخفي السياسة العدائية لهذا الدين .
إلا أنه ومنذ اندلاع ثوارات ما سمي "بالربيع العربي" , وما أعقبه من كشف عوار العلمانيين وظهور سوءاتهم , وصعود التيار الإسلامي واكتساحه المجالس النيابية , بل و وصوله إلى سدة الحكم في بعض تلك الدول واقترابه من ذلك في دول أخرى , أضحت حرب العلمانيين وأنصارهم من الشرق والغرب على الإسلام معلنة وعلى المكشوف , وبدون مساحيق التجميل وأداوت التلميع التي كانت تستخدم من قبل في تلك الحرب غير المبررة .
ولم تنحصر هذه الحرب العلمانية المكشوفة على الدول العربية , بل عمت جميع الدول الإسلامية , ولعل من أبرز الدول الإسلامية التي تشهد حربا علمانية شرسة على الإسلام والرموز الإسلامية بنغلادش .
لقد اشتدت تلك الحرب مع وصول حزب عصبة أوامي بقيادة الشيخة حاسينة المتحالفة مع اليساريين والأحزاب العلمانية إلى الحكم بعد سيطرتهم على أغلبية المقاعد البرلمانية في الانتخابات التي حصلت في 29 ديسمبر عام 2008.
ومنذ ذلك الوقت بدأت حملة استهداف ممنهجة للرموز الإسلامية في بنغلادش على وجه التحديد , وذلك من خلال ما يسمى "محكمة جرائم الحرب الدولية" التي ابتدعتها الحكومة العلمانية هناك للقضاء على الرموز الإسلامية المعارضة واحدا تلو الآخر .
لقد أنشأت حكومة بنغلاديش هذه المحكمة عام 2010خصيصا للنيل من التيار الإسلامي في البلاد , والذي يعتبر المنافس الحقيقي والأبرز للحكومة العلمانية الحالية , وذلك بدعوى التحقيق في الجرائم التي ارتكبت خلال حرب استقلال بنغلاديش عن باكستان عام 1971م .
ومنذ ذلك الوقت و وسائل الإعلام تطالعنا كل فترة بصدور حكم بالإعدام على واحد من الرموز والشخصيات الإسلامية البارزة , بتهم ارتكاب جرائم حرب تعود إلى حرب الاستقلال عام 1971م , التي يبدو أنها لا تصدر إلا بحق الرموز الإسلامية فحسب , ودون دلائل أو وثائق إثبات ظاهرة , بل ودون منح أي حق من حقوق المحاكمة العادلة لهؤلاء .
لقد كثرت ضحايا هذه المحكمة من الرموز الإسلامية على وجه التحديد , فقد نفذت حكومة بنغلادش حكم الإعدام الصادر عن ذات المحكمة "محكمة جرائم الحرب الدولية" بنفس التهمة بحق نائب الأمين العام لحزب الجماعة الإسلامية في بنغلاديش "عبد القادر ملا"، يوم 12 ديسمبر من العام الماضي .
كما أنها حكمت الأسبوع الماضي بالإعدام على اثنين من قادة الجماعة الإسلامية في بنغلاديش ؛ هما "مطيع الرحمن نظامي" و "مير قاسم علي"، بعد إدانتهما بنفس التهمة الملفقة الباطلة "ارتكاب جرائم خلال حرب الاستقلال" .
وتأتي وفاة الزعيم السابق للجماعة الإسلامية في بنغلاديش "غلام عزام" (92 عاما) يوم 23 أكتوبر الماضي ، خلال قضائه حكما بالسجن صدر ضده بعد إدانته بارتكاب جرائم في حرب الاستقلال من ذات المحكمة , لتؤكد منهج الاستهداف المباشر من قبل الحكومة العلمانية لرموز المعارضة الإسلامية في البلاد .
ويأتي خبر تأييد المحكمة العليا في بنغلاديش أمس لحكم الإعدام الصادر بحق نائب أمين عام حزب الجماعة الإسلامية في بنغلاديش "محمد قمر الزمان" ليقطع الشك باليقين في هذا الأمر , وليزيل أي شبهة في أن ما يجري هو حرب علمانية خالصة ضد المسلمين , وضد رموز هذا التيار تحديدا .
وكعادة الحكومات العلمانية في نقضها لجميع شعارتها الكاذبة فيما يتعلق بحماية حقوق الإنسان , خاصة إذا كانت معركتها وحربها ضد الإسلام , فقد ردت المحكمة العليا استئناف "محمد قمر الزمان" , مما يعني أن حكم الإعدام شنقا قد ينفذ في غضون أشهر ما لم يصدر بحقه عفو رئاسي أو ما لم يعِد القضاء النظر في القضية , وهو ما حصل مع "عبد القادر ملا" من قبل العام الماضي , حيث تم تنفيذ حكم الإعدام بسرعة مذهلة , في انتهاك سافر لأبسط حقوق التقاضي والمحاكمة العادلة .
ورغم الانتقادات الخجولة والمحدودة لقرارات هذه المحكمة من بعض منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان , والتي أكدت أن المحاكمات لا تنسجم مع معايير القانون الدولي , ورغم المظاهرات الشعبية الرافضة لهذا التوجه الحكومي لتصفية الرموز الإسلامية في البلاد , والتي أسفرت العام الماضي عن سقوط ما لا يقل عن 500 قتيل , إلا أن الحكومة تبدو ماضية في نهجها التصفوي لتلك الرموز الإسلامية .
وبما أن أمثال هذه الأحكام لا تثير أي ردود فعل دولية لكونها تصدر بحق الرموز الإسلامية , وبما أن الحرب على الإسلام والمسلمين قد أصبحت في الوقت الحاضر علنية وعلى المكشوف , فلا بد من مواجهة إسلامية موحدة ضدها , وإلا فإنها لن توفر أحدا و لن تكتفي ببلد دون آخر .