عبد الله القاضي وناهد المانع .. الابتعاث إلى الموت!
6 محرم 1436
تقرير إخباري ـ محمد لافي

لا يمكن القول بأن قضية المبتعث السعودي عبد الله القاضي الذي قُتل غدراً في الولايات المتحدة قد وصلت إلى نهايتها مع اكتشاف جثته وتقديم قاتله إلى العدالة، إذ لم تكن تلك القضية الأولى بين قضايا قتل المبتعثين السعوديين في الخارج أو الاعتداء عليهم, وقد لا تكون الأخيرة وذلك بالنظر إلى الأعداد الكبيرة من خريجي الثانوية العامة الذين يرسلون سنوياً للدراسة الجامعية في دول تختلف في عادتها وأنظمتها وثقافاتها عما اعتادوا عليه, مما يطرح تساؤلاً حول حاجة المبتعث للتهيئة والإرشاد والتوجيه والمتابعة الحقيقية, وقبل ذلك ترشيد الابتعاث ودراسة سلبياته وتفاديها ليؤتي الابتعاث ثماره المرجوة لخدمة الدين والوطن.

 

وجاءت حادثة مقتل القاضي في الوقت الذي كان فيه المجتمع السعودي يترقب معرفة هوية قاتل ناهد المانع المبتعثة في بريطانيا والتي وقعت ضحية عنصرية ذلك البلد قبل عدة أشهر, وهزّ حادث مقتلها المجتمع السعودي بعد تعرضها لستة عشر طعنة في الرأس والعنق من أحد الجناة وهي سائرة في طريقها إلى الجامعة, وتبين بعد ذلك أن سبب قتلها كان دافع الكراهية والعنصرية ضد الإسلام، بحكم أن ناهد قدمت إلى بريطانيا لدراسة الدكتوراه ولم تتخل عن حجابها ونقابها, وقد أثار حادث مقتلها كثيراً من التساؤلات حول من المسؤول عن هذه الجريمة التي ارتكبت في حق ناهد المانع بداية من قرار ابتعاثها والذي وجدت نفسها مدفوعة إليه, واطمئنانها للسير وحيدة في بلد اشتهر بالنداءات والجرائم العنصرية ونهاية ببقاء قاتلها طليقا حتى الآن.

 

أما المبتعث السعودي عبد الله عبد اللطيف القاضي 23 عاماً, فهو من أبناء مدينة الخبر, وكان يدرس الهندسة الكهربائية بجامعة نورث ريدج في ولاية كاليفورنيا, وجد مقتولاً بعد قرابة شهر من اختفائه وقد ﺃﻋﻠﻨﺖ ﺍﻷ‌ﺟﻬﺰﺓ ﺍﻷ‌ﻣﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻟﻮﺱ آﻧﺠﻠﻴﺲ القبض على المواطن الأميركي أﻮجستين ﺭﻭﺯﻳﻨﺪﻭ ﻓﺮﻧﺎﻧﺪﻳﺰ (28 ﻋﺎﻣﺎً) وتوجيه له تهمة القتل من الدرجة الأولى, وذلك بعد أن طعن المفقود عدة طعنات بسكين وجد بحوزته وثبت استخدامها, وبحسب السلطات الأمريكية فإن القاتل هو الذي دلّ السلطات على جثة الضحية بعد القبض عليه, كما أكدت شرطة الولاية أن الدافع من وراء الجريمة هو السرقة, وكان القاضي المفقود وضع قبل اختفائه بيومين إعلانا في موقع «كريغ» لبيع سيارته .وقد طالب عبداللطيف القاضي، والد المبتعث السعودي المقتول السلطات السعودية بالوقوف إلى جانبه للقصاص من القاتل، لا سيما وأن كاليفورنيا تقر الإعدام في قضايا القتل العمد.

 

ومع الاختلاف الكبير في الدافع بين الجريمتين حيث أن أولاهما كان الكراهية للإسلام, والأخر كان السرقة, إلا أن ثمة قواسم مشتركة فيما بينهما, ففي كلا الحالتين لم يتسن لأي من الضحيتين توخي القدر الكافي من الحذر والتقدير السليم لمتطلبات العيش والتعامل في مثل تلك المجتمعات, ومع مضي مشيئة الله عز وجل في المانع والقاضي رحمها الله إلا أن قدراً لا يمكن إغفاله من الحذر و الأخذ بالأسباب  الضرورية في مثل تلك الظروف قد يجنب صاحبه هذه الأخطار, وهذا ما كان سبباً في تعالي الأصوات بعد الحادثتين بضرورة تجنيب طلابنا مثل هذه المخاطر بدءاً بالاختيار السليم للطلبة المبتعثين وإخضاعهم لبرامج توعوية خاصة بأنظمة تلك الدول ومتطلبات العيش فيها, وتكثيف البرامج الدينية لهم للابتعاد عن الأماكن المشبوهة التي قد تشكل خطراً عليهم.

 

مواقع البيع الخطرة:   
لقد تكررت التحذيرات بعد حادثة مقتل المبتعث عبد الله (رحمه الله)  من مواقع البيع والشراء على الإنترنت والتي يستغلها بعض المجرمين في استدراج ضحاياهم بغرض السرقة أو القتل أو غيرهما, ومن تلك المواقع موقع "كريج" والذي وقعت بسببه سلسلة من تلك الجرائم وهو الموقع ذاته  الذي عمد إليه المبتعث القاضي لعرض  سيارته للبيع,
 وقد حذرت طالبة الدكتوراة في جامعة كانساس من هذا الموقع وقالت إنه أصبح وسيلة تكررت عبرها حوادث العنف والنصب في أمريكا، حتى إن إدارة الموقع ذاته أطلقت تحذيرات لمرتاديه كي لا يقعوا ضحية النصب والاحتيال، وربما القتل كما حدث في حوادث مماثلة حصلت في الأعوام السابقة وصل بعضها للقتل في أمور متصلة بعمليات بيع وشراء, وطلبت من المبتعثين  توخي الحذر عند الرغبة بذهابهم لمواعيد البيع والشراء على صلة بهذا الموقع,

 

ترشيد الابتعاث:
و نصحت عضو هيئة التدريس في جامعة أم القرى الدكتورة جواهر قناديلي بأن لا يكون الابتعاث إلا للتخصصات النادرة فقط أما التخصصات خلاف ذلك فلا داعي للابتعاث فيها. وترى بأن سن الطالب في المرحلة الثانوية لا تتناسب مع الابتعاث، في ظل خروجه من مجتمع مهتم بالدين والأخلاق ومحافظ إلى مجتمع متحرر بعيد كل البعد عن تعاليم ديننا الإسلامي وذلك ما يجعلهم عرضة للانحراف والمغريات التي لا تأتي عادة بخير. وطالبت بضرورة توعية الطلاب قبل الابتعاث إلى البلد المبتعث إليه عن عاداتهم وتقاليدهم والأنظمة والقوانين التي يسيرون عليها واحترامها، مشيرة إلى أن شبابنا وديننا الإسلامي مستهدفون من جهات عدة، فلا يحق لنا أن نرمي بأبنائنا إلى المخاطر.

 

برامج خاصة:
وطالب المدير الإقليمي لهيئة الإغاثة الإسلامية في شرق أفريقيا الدكتور محمد علي بخاري بالتركيز على أسباب القتل، للحد منه، مشيرا إلى أن سن الابتعاث خطيرة خصوصا بعد المرحلة الثانوية ويحتاج الأمر إلى إقامة برامج خاصة للطلاب تركز على الأنظمة في دول الابتعاث والعادات والتقاليد فيها، إضافة إلى تكثيف البرامج الدينية للابتعاد عن الأماكن المشبوهة حتى يدرك الطالب ما يمكن أن ينتظره من مخاطر إذا لم يستجب أو يستوعب تلك البرامج..

 

التمسك بمبادئ الدين الحنيف:
وسرد عضو هيئة الاقتصاد ورئيس القسم سابقا يحيى محبوب عدة نقاط لابد من الالتزام بها حتى يستطيع الطالب أن يحمي نفسه من الغدر, منها الالتزام بأسس ومبادئ وتعليمات الدين الإسلامي حتى نتجنب الكثير من المشكلات، وعدم الاختلاط بالمشتبه بهم في أي حال كان ولا مصادقتهم والثقة فيهم، وعدم الترك في الأماكن المشبوهة أو الانجراف إلى أي من المغريات لديهم، وعدم الخروج متأخرا من الليل لما في ذلك من خطورة عليهم، وكذلك انتقاء الأصدقاء الخيرين من السعوديين أو الأجانب.وحض المبتعثين على عدم المباهاة والمفاخرة بما يملكه بعضهم من الأشياء فيظهر بأنه صاحب مال فيغري ضعاف النفوس لسرقته أو عدم التورع عن أي تصرف إجرامي يقومون به من أجل الحصول على المال.