متى يكون للحراك السني قيادة موحدة ؟
24 ذو الحجه 1435
تقرير إخباري ـ المسلم

يرجع كثير من المحللين التطور السريع للأحداث في المنطقة , والسيطرة السريعة للأذرع الإيرانية على المدن والعواصم العربية الكبرى كصنعاء مؤخرا بعد بغداد ودمشق , إلى وجود قيادة تمثل مرجعية موحدة لجميع تلمك الأذرع الموزعة في العالم العربي والإسلامي , ناهيك عن الضوء الأخضر الغربي الواضح لتمدد النفوذ الفارسي الرافضي في المنطقة على حساب الوجود السني . إن وجود القيادة الموحدة المسيطرة على جميع هذه الأذرع والجماعات الرافضية , يجعل من تحويل الانتصارات الميدانية الصغيرة على الأرض انتصارات سياسية كبيرة على المستوى الإقليمي والدولي , فبينما يجد الغرب كيانا ودولة يتفاوض أو يتحاور معها بشأن ما يريد من هذه الأذرع , لا نجد من يقوم بهذا الدور فيما يتعلق بالجماعات والفصائل السنية الكثيرة الموجودة في المنطقة . لقد وصلت أذرع إيران إلى مضيق باب المندب الاستراتيجي جنوب غرب اليمن , وبات منفذا بحريا آخر خطيرا بيد ملالي طهران , وذلك بفضل وجود القيادة التي تسيطر وتسير جميع أذرعها في المنطقة بما تشاء , فأين هي القيادة العربية الإسلامية للحراك السني في تلك الدول التي تسقط عواصمها واحدة تلو الأخرى بيد الرافضة ؟؟ الحقيقة المرة التي يجب الاعتراف بها - والتي هي أهون ألف مرة من الوهم المريح الذي نعيشه – أنه لا وجود لهذه القيادة على أرض الواقع , بل ربما يمكن القول : بأنه لا توجد على المدى القريب بوادر لظهور أو نشوء قيادة مركزية موحدة للحراك السني في المنطقة , رغم الحاجة الشديدة لهذه القيادة . إن نظرة متأنية لهذا الحراك السني في معظم المدن والعواصم التي سقطت بيد الرافضة مؤخرا , يشير بوضوح إلى أنه كان بالإمكان منع حدوث هذه الفظائع لو وجدت تلك القيادة السنية الموحدة التي نتحدث عنها , تلك القيادة التي لا تكتفي بالدعم المادي المرهون بتحقيق أهداف مرحلية قطرية أو حزبية ضيقة كما هو حاصل الآن , بل ترقى لمستوى الأحداث التي تمر بها الأمة الإسلامية , والتحديات مع الأيديولوجيات والمخططات الشرقية والغريبة الخطيرة التي تحدق بأهل السنة قاطبة في العالم . في سورية مثلا : هناك الكثير من الفصائل الإسلامية المعتدلة حقيقة – لا بمفهوم الغرب وإنما بمفهوم الشريعة والدين الإسلامي الصحيح – التي تحتاج إلى دعم دولة - أو دول سنية - ذات سياسة استراتيجية توازي أو ترجح على سياسة طهران في المنطقة , والتي كان بمقدورها - لو وجدت هذه القيادة - أن تحدث تطورا مهما في الأحداث على طريق إزالة حكم طاغية الشام . وكذلك الشأن في العراق التي لا يحتاج فيها ثوار العشائر إلا إلى دعم وقيادة تجعل من الحراك السني فيها ذا أثر وفاعلية , ناهيك عن الحراك السني في ليبيا الذي يحقق يوما بعد يوم إنجازات كبيرة وخطيرة دون وجود القيادة السنية , فكيف لو كانت تلك القيادة موجودة ؟!! أما في اليمن فإن القبائل السنية الرافضة للتمدد الحوثي فيها , لا تقل شأنا وقوة عن الحوثيين لولا الدعم اللامتناهي للأخيرة من طهران , بينما لا تجد تلك القبائل نفس الدعم اللوجستي والعسكري من الدول السنية , ناهيك عن وجود قيادة للحوثيين تجني ثمار توحدها , بينما يتبعثر عمل القبائل اليمنية بسبب عدم وجود تلك القيادة . لقد كان بالإمكان أفضل مما هو حاصل الآن في معظم المدن والعواصم التي تشهد تغلغلا كبيرا للنفوذ الإيراني على حساب الوجود السني لو كان هناك قيادة موحدة للحراك السني , حيث من المعلوم أن الحركات و الجماعات والأحزاب والفصائل السنية التي تعمل في المنطقة , أكثر بكثير من تلك الرافضية التابعة لطهران , ولكن المشكلة تكمن في تبعثر وضياع عمل ذلك الحراك السني الكثير والكبير في المنطقة بسبب غياب القيادة الموحدة , بينما تجني طهران ثمار عمل بعض الجماعات والأحزاب والحركات ذات المرجعية و القيادة الموحدة . قد يكون قول البعض : إن العالم الغربي والشيوعي وحتى الصهيوني مع مشروع توسع النفوذ الرافضي في المنطقة على حساب الوجود السني صحيحا , إلا أن ذلك لا ينفي تقصير الدول السنية الكبير في المنطقة في إيجاد جبهة لمواجهة ذلك المشروع , فالعالم اليوم لا يمكن أن يحترم إلا القوي والموحد , والقوة لا تأتي إلا من الوحدة كما هو معلوم . إن خطورة مشروع التمدد الإيراني في المنطقة تنبع من كونه لن يتوقف عند حدود اليمن أو غيرها , بل سيواصل تحقيق أطماعه التوسعية حتى يصل إلى قلب الجزيرة العربية , فهل يعي المسلمون من اهل السنة هذا الأمر ؟! وإذا كانت الإجابة بنعم فمتى سيكون للحراك السني في المنطقة قيادة موحدة ؟؟