التدخل الخارجي يعصف بليبيا
23 ذو الحجه 1435
تقرير إخباري ـ خالد مصطفى

تعيش ليبيا حاليا على وقع الاشتباكات وصوت المدافع وزئير الطائرات وصراع بين حكومتين وبرلمانيين وقوات تساند كل منهما وتدخل خارجي بدأ سريا وأصبح شبه علني, والأعين تتركز على أهداف محددة منها الثروة المتمثلة في النفط ومنها النفوذ في منطقة ساخنة تطل على ساحل البحر الأبيض..

 

ليبيا عاشت حلم الثورة والخلاص من حاكم مستبد جثم على صدرها أربعين عاما ولكن قوى قريبة لم ترد لها الخروج من النفق المظلم خوفا من أن تصل إليها رياح التغيير وقوة بعيدة خشيت من إفلات الكنز الأسود من بين يديها بعد أن يمتلكه الشعب وليس الحاكم الفرد الذي يعبث به كيفما شاء دون حساب حيث تتمكن من ابتزازه حينا والضغط عليه حينا لتستولي على ما تريد..في ظل هذه الأوضاع خرج اللواء المتقاعد خليفة حفتر ليقدم نفسه كمخلص للشعب الليبي واستخدم كلمة سر المرحلة وهي "الحرب على الإرهاب"! وانضم إليه مليشيات وقبائل كانت موالية للزعيم المخلوع معمر القذافي ومستفيدة من نظامه..

 

ودعم حفتر الأنظمة التي ناصبت الرييع العربي العداء وتوجست منه خيفة فوجدنا دولا تدفع أموالا طائلة في انتخابات مجلس النواب الأخيرة من أجل خسارة الإسلاميين وفوز رجال النظام القديم وما إن وصل هؤلاء إلى المجلس حتى طالبوا بتدخل عسكري خارجي وانحازوا لفريق حفتر ومن معه من الموالين للقذافي ونظامه في خيانة واضحة لثقة الشعب؛ الأمر الذي استفز الثوار وجعلهم يقررون إعادة البرلمان القديم وتشكيل حكومة إنقاذ وطني..المجتمع الدولي طبعا انحاز لما أسماه الشرعية متمثلة في مجلس النواب الجديد رغم المخالفات القانونية التي تحيط به وعدم انعقاده في العاصمة..

 

بعد تمكن الثوار من دحر قوات حفتر والقبائل الموالية له في معظم المدن الكبرى كطرابلس وبنغازي والعديد من المناطق أصبح التدخل علنا من جانب القوات الخارجية حيث أكدت واشنطن قيام الإمارات ومصر بشن غارات على مواقع في ليبيا واستقبلت مصر قيادات من حكومة وبرلمان طبرك وقررت تدريب رجال تابعين لحفتر لمواجهة الثوار وأخيرا صرح مسؤول مصري لوكالة أسوشيتد برس أن بلاده شنت غارات على مواقع للثوار في بنغازي وأكد ذلك برلماني ليبي وشهود عيان وكالعادة القاهرة نفت..

 

خطورة الوضع تتمثل في أمور كثيرة منها: إن الآلاف من المصريين ما زالوا يعملون في ليبيا هربا من الظروف الاقتصادية السيئة في مصر ويرفضون العودة وبالتالي هذه الغارات قد تطالهم كما أنهم قد يكونون هدفا للانتقام, كذلك هذه الغارات تمثل انتهاكا للقانون الدولي وتبرر قيام الثوارر بأعمال هجومية على مصر وبالتالي تتورط بشكل كامل في الصراع الليبي كما تورطت لبنان نتيجة في أزمة سوريا بسبب رعونة حزب الله؛ فهل مصر في وضع يسمح لها بالتورط في صراع على حدودها الغربية مع التوتر المتصاعد والموجود على حدودها الشرقية؟! وهل ستتمكن في ظل ظروفها الحالية الاقتصادية والسياسية التي يشكو منها الرئيس قبل المواطن العادي من التصدي لعمليات تسلل وتهريب وقتال على حدود باتساع حدودها مع ليبيا؟! لن ينفع القاهرة النفي كثيرا في ظل تواتر الشهود والتصريحات والاعترافات وعليها أن تتراجع سريعا قبل فوات الأوان..في وقت سابق خاضت القاهرة حربا في اليمن كلفتها خسائر اقتصادية وعسكرية وسياسية كبيرة اعترف بها بعض من يدافع اليوم عن التورط المصري في ليبيا بحجج واهية كانت هي نفسها مبررات نظام عبد الناصر عندما تدخل في اليمن..إن عهد الشمولية والإعلام الموجه والموحد الذي عادت إليه القاهرة بعد 3 يوليو قبل الماضي سيعرض البلاد لكارثة لا يحمد عقباها وسيدفع ثمنها كالعادة 95 في المائة من أبناء هذا الشعب من المطحونين والبسطاء أما علية القوم فهم في أمان مع أموالهم في الداخل والخارج.