الحوثيون ......الجذور و الأهداف
3 ذو الحجه 1435
تقرير إخباري ـ المسلم

من هم الحوثيون ؟ وما هي حقيقة عقيدتهم ومذهبهم ؟ وما هي الأهداف التي يسعون إليها ؟ أسئلة تراود ذهن كل مسلم يراقب ما يجري في اليمن من أحداث جسام , خصوصا بعد سقوط العاصمة صنعاء المدوي بيد الحوثيين .
وللإجابة عن هذه التساؤلات لا بد من عودة سريعة إلى الماضي لمعرفة جذور هذه الجماعة , وكيف استغلت واستثمرت المذهب الزيدي – الذي يعتبر الأقرب في حقيقته إلى المذهب السني - للتغطية على نشاطها وفكرها الاثني عشري الرافضي .
نقطة بداية قصة الحوثيين تظهر مع بدر الدين الحوثي أحد هيئة تدريس المذهب الزيدي فيما يعرف "باتحاد الشباب" التي تهدف لتدريس المذهب الزيدي في أكبر تجمع للزيدية في اليمن "صعدة" , والذي تحول فيما بعد إلى "حزب الحق" الذي يمثل الطائفة الزيدية في اليمن , والذي ظهر فيه حسين الحوثي – نجل بدر الدين – كأحد أبرز القياديين السياسيين في هذا الحزب , وقد دخل مجلس النواب عام 1993 وعام 1997م .
وهنا لا بد من الإشارة إلى أن بدر الدين الحوثي وإن تظاهر بأنه زيدي المذهب , إلا أنه في الحقيقة كان أقرب إلى المذهب الاثني عشري الذي تدين به إيران , ولا غرابة في ذلك إذا علمنا أنه كان ينتمي إلى أشد فرق الزيدية تطرفا "الجارودية" – بل إن بعضهم لا يعتبر الجارودية فرقة من المذهب الزيدي بل من الاثني عشري - والتي تعتبر الأقرب إلى فكر الرافضة منها إلى فكر الزيدية الهادوية , التي لا تقدح في الصحابة وتكتفي بتفضيل علي رضي الله عنه عليهم , كما لا يؤمنون بالرجعة ونظرية المهدي , ولا يحللون المتعة ولا يستخدمون التقية .
وبناء على خلافات كثيرة ظهرت بين بدر الدين الحوثي وبين علماء المذهب الزيدي باليمن , انشق الحوثيون عن "حزب الحق" الزيدي , ليظهر تنظيم جديد باسم "الشباب المؤمن" الذي كان النواة الحقيقة لجماعة الحوثي الحالية .
بدأت تلك الخلافات بمخالفة الحوثي لفتوى تاريخية توافق عليها علماء المذهب الزيدي باليمن تقضي بإسقاط شرط النسب الهاشمي للإمامة , ولم تتوقف عند الزيارات المتكررة لبدر الدين الحوثي وابنه حسين لطهران , والتي بدأت منذ عام 1994م , والتي كان علماء الزيدية يعترضون عليها , ولم تنتهي بإصدار بدر الدين الحوثي لكتاب بعنوان "الزيدية في اليمن" يشرح فيه أوجه التقارب بين الزيدية والاثني عشرية , ثم تطاول وتهجم ابنه حسين الحوثي على علماء الزيدية وآراء المذهب وكتبه , الأمر الذي دفع علماء الزيدية لإصدار بيان نشرته صحيفة "الأمة" الناطقة باسم حزب الحق , حذر فيه من ضلالات حسين الحوثي وأتباعه , منكرا أن تمت أقواله وأفعاله إلى أهل البيت والمذهب الزيدي بأي صلة , مع تحريم الإصغاء إلى تلك البدع والضلالات .
لقد كان انشقاق حسين بدر الدين الحوثي عن "حزب الحق" وإنشائه جماعة خاصة به منذ أواخر تسعينيات القرن الماضي , مؤشرا واضحا على أن التستر بالمذهب الزيدي كان غطاء لأهداف وغايات أخرى سياسية , والخطير في الأمر هو أن هذه الجماعة كانت تعمل برعاية شبه رسمية من الحكومة اليمنية حينها , وذلك لمواجهة حزب التجمع اليمني للإصلاح المعارض بزعامة الراحل "مقبل بن هادي الوداعي " في بلدة دماج القريبة جدا من مركز الحوثيين .
إلا أن السحر انقلب على الساحر كما يقال , فالجماعة التي كانت مدعومة من الحكومة للحد من تأثير معارضة الحزب اليمني للإصلاح , أضحت في مقدمة المعارضين للحكومة اليمنية , بل ودخلت معها في صراع مسلح دام سنوات طوال .
بدأ الخروج المسلح للتنظيم الحوثي منذ منتصف عام 2004م , بدعم كامل من طهران التي لم تكتف بالتأثير على قيادات الجماعة – وعلى رأسهم زعيم التنظيم حسين الحوثي الذي كان متأثرا جدا بأفكار الخميني وإمكانية تطبيقها في اليمن - وأفرادها فكريا من خلال استقبال طلاب الجماعة الموفدين من اليمن إلى طهران للدراسة في الحوازت , بل ماديا وعسكريا من خلال الدعم العسكري اللازم لهذه الجماعة .
لقد خاضعت الجماعة منذ عام 2004 ولغاية عام 2008 خمسة حروب ضد الحكومة اليمنية , وعلى الرغم من مقتل زعيم الجماعة ومؤسسها حسين الحوثي , إلا أن الجماعة استمرت في حربها ضد الدولة اليمنية بقيادة أخيه الأصغر عبد الملك الحوثي .
دخلت الحكومة اليمنية الحرب السادسة مع جماعة الحوثي في أغسطس من عام 2009م , بسبب الخروقات والاعتداءات التي قام بها أنصار الحوثي ضد قوات الجيش وأبناء صعدة , وبعد قيام الثورة اليمنية ضد حكم علي عبد الله صالح عام 2011م , ركبت الجماعة موجة الثورة حينا , واستثمرت حالة الفوضى العامة بعد تنحي صالح حينا آخر , لتتحالف مع أركان الدولة العميقة وقوى الثورة المضادة من أنصار صالح , لتجتاح المدن والقرى اليمنية , ولتصل أخيرا إلى العاصمة صنعاء التي سقطت بيدها منذ أيام .
لم تكن أهداف هذه الجماعة دينية أو ثقافية منذ البداية , بل كانت أهدافا سياسية ائفية توسعية بامتياز , وعلى الرغم من أن هذه الأهداف كانت بادية وظاهرة للعيان منذ أكثر من عقد من الزمان , كما أن ولاءها لإيران لا يحتاج إلى برهان , إلا أن الجميع – بمن فيهم الدولة اليمنية والدول السنية المجاورة - لم يتعامل معها على مستوى خطرها المتوقع مستقبلا , لتكون النتيجة سقوط ثالث عاصمة - بعد بغداد ودمشق - في الشرق الأوسط بيد الرافضة .
إن معرفة جذور الأحزاب والحركات و الجماعات الرافضية الشيعية الموالية لطهران , التي ظهرت في الدول العربية الإسلامية السنية تحت شعار محاربة الكيان الصهيوني وأمريكا والغرب - بينما هي في الحقيقة حرب على الإسلام السني في المنطقة لصالح إيران و"إسرائيل" والغرب - يساعد بشكل كبير على وضع اليد على مصدر الداء ومكمنه , والذي هو أساس معرفة العلاج وتناوله .