هل يختلف العبادي عن المالكي ؟
21 ذو القعدة 1435
تقرير إخباري ـ المسلم

كثيرون هم الذين حذروا من لعبة تغيير الأسماء التي تقوم بها الولايات المتحدة الأمريكية مع حليفتها إيران في العراق , من خلال مسرحية النزول عند رغبة العراقيين بإزاحة المالكي وتنصيب العبادي بدلا عنه , إلا أنه بالرغم من ذلك ما يزال البعض من أهل السنة يعول على حصول تغير استراتيجي في سياسة طهران وواشنطن في المنطقة .
لقد بدا واضحا منذ البداية أن السبب في تغيير المالكي هو احتراق ورقة هذا الرجل سياسيا , وطروء بعض الأحداث التي تستوجب استمالة أهل السنة في العراق من جديد لمواجهة ما يسمى "تنظيم الدولة" , وأنه لا نية لدى واشنطن وطهران في تغيير منهجهما واستراتيجيتهما في العراق , والتي تقوم على مبدأ إقصاء أهل السنة ومحاربتهم حتى النهاية .
وعلى الرغم من ظهور كثير من المؤشرات التي تدل على عدم وجود أي فوارق بين العبادي والمالكي في السياسة تجاه أهل السنة , إلا أن الماكينة الإعلامية الغربية والعربية حاولت تصوير المشهد بأنه تحول استراتيجي يشهده العراق بعد رحيل المالكي وتسليم مقاليد الأمور للعبادي .
ولعل من أهم المؤشرات التي تؤكد أن لا فوارق بين العبادي والمالكي :
1- انتساب كل من العبادي والمالكي إلى نفس الحزب "حزب الدعوة" الشيعي , والذي يتبع في أفكاره وتواجهاته لملالي طهران , فهل يمكن أن يتوقع العاقل فارقا بين رجلين ينتميان لنفس الفكر والتوجه .
2- عدم محاسبة أو ملاحقة المالكي قانونيا على ما ارتكبه من جرائم بحق العراق عامة وأهل السنة خاصة , بل الأنكى من ذلك أنه اختير ليكون أحد نواب الرئيس العراقي !!
3- عدم تلبية أي مطلب من مطالب أهل السنة – اللهم إلا تولية بعض الشخصيات والأسماء مناصب سياسية منزوعة الصلاحيات والسلطات – فلا المعتقلين السياسيين من أهل السنة – والذين يعدون بالآلاف - أفرج عنهم , ولا مادة الإرهاب – التي من خلالها تمت ملاحقة أهل السنة - حذفت من الدستور , ولا المليشيات الطائفية الرافضية التي روعت الآمنين المدنيين من أهل السنة انحلت , بل على العكس من ذلك تماما , فقد تم دمجها بالجيش لشرعنة أفعالها الإجرامية , ناهيك عن عدم إجراء استفتاء حول الحكم الذاتي في المحافظات السنية الست , والذي يعتبر أحد أهم مطالب أهل السنة للمشاركة في حكومة "العبادي" .
4- وبالإضافة لكل ما سبق فإن استهداف المناطق والمحافظات السنية ما زال مستمرا حتى الآن , فقد استهدف الجيش العراقي أمس الأحد مستشفى الفلوجة بمحافظة الأنبار، وذلك بعد يوم من قرار أصدره رئيس الوزراء الجديد حيدر العبادي بوقف القصف ، وقد أدى القصف إلى إصابة بعض الموظفين , ناهيك عن الدمار الكبير الذي لحق بالمستشفى , كما أعلن مصدر أمني مقتل مدني وجرح شقيقه بقصف جوي - وصفه بالخطأ- استهدف عصر الأحد منزلا في منطقة الداودية ، شرقي قضاء الضلوعية جنوب محافظة صلاح الدين , الأمر الذي يؤكد أن البعادي لا يختلف في شيء عن المالكي , بل ربما يكون أسوأ من حيسث أن الأول كان ظاهر العداء لأهل السنة , بينما الثاني يحاول الظهور بمظهر المختلف عن المالكي في سياسته تجاه أهل السنة .
وبناء على المعطيات السابقة أصدرت هيئة علماء المسلمين بالعراق بيانا اليوم , أكدت فيه أن استمرار القصف الحكومي والذي طال أمس الأحد مستشفى الفلوجة العام ، يكشف عن كذب الحكومة العراقية الجديدة وأنها لا تختلف عن سابقتها , مضيفا أن هذه العمليات الغادرة تدلل على أن العبادي لم يخرج عن النهج الدموي الذي تعامل به المالكي مع الشعب العراقي .
لقد أكد الواقع هواجس ومخاوف هيئة علماء العراق والغيورين من أهل السنة من حكومة العبادي , وأن هذه الحكومة لا تختلف في شيء عن حكومة المالكي , وعن الحكومات الراعية للمصالح الأمريكية والمطامع الإيرانية منذ عام 2003 وحتى الآن .
ليس عجبا أن لا يختلف العبادي عن المالكي في شيء , وليس مستغربا أن لا تتغير سياسة الحكومة العراقية الجديدة بقيادة "العبادي" عن سياسة حكومات الاحتلال الخمسة السابقة , ولكن العجيب والمستغرب أن تبقى القيادات السياسية السنية العراقية حبيسة المصالح السياسية الشخصية الضيقة , دون وجود مؤشرات لتوحدها في مواجهة الخطر الطائفي الرافضي - المدعوم أمريكا - الذي يتهدد وجودها .