التحالف الدولي ... ضد مَن ؟؟
19 ذو القعدة 1435
تقرير إخباري ـ المسلم

من يتابع الحراك الأمريكي والغربي لحشد أكبر عدد من دول العالم لمحاربة ما يسمى "تنظيم الدولة" , تعود به الذاكرة إلى حراك شبيه قبل عدة سنوات بعد أحداث 11 من سبتمبر , حيث شكل بوش الابن تحالفا دوليا لمحاربة ما يعرف "بتنظيم القاعدة" , الذي اتهم بأحداث 11 من سبتمبر .
ومن يمعن النظر في مآلات ما نجم عن ذلك التحالف يدرك أنه كان موجها إلى المسلمين بشكل عام , وليس إلى تنظيم القاعدة فحسب كما هو معلن , فقد تمت ملاحقة المسلمين في كل مكان باسم مكافحة ومحاربة "الإرهاب" , وزادت كثير من الدول من حجم اضطهادها للمسلمين على أراضيها , وأصبحت كلمة "الإرهاب" مرادفة للمسلم الملتحي أو الملتزم بدينه , تحت تأثير الضخ الإعلامي الغربي والعربي نحو هذا التلازم .
وعلى الرغم من الأهداف الأمريكية والغربية المعلنة حينها , والتي رفعت لتمرير وتبرير الهجمة الشرسة على الإسلام والمسلمين , إلا أن شيئا منها لم يتحقق على أرض الواقع , فلا القاعدة المستهدفة انتهت أو قضي عليها , ولا الحرية والديمقراطية المزعومة سادت في كل من أفغانستان أو العراق , بل تم تسليم العراق إلى ملالي طهران , ومزقت وأنهكت الحرب أفغانستان .
وما حدث منذ أكثر من عقد من الزمان يبدو الآن يتكرر , وإن بصورة مختلفة قليلا , فقد حصل وزير الخارجية الأمريكي "كيري" الخميس بجدة على دعم للقيام "بحملة عسكرية منسقة" على "تنظيم الدولة" من عشر دول عربية هي مصر والعراق والأردن ولبنان ودول مجلس التعاون الخليجي الست.
وعلى الرغم من عدم وضوح الدور الذي ستلعبه كل دولة على حدة في هذا التحالف , إلا أن الواضح أن للدول العربية دور واضح فيه , الأمر الذي يثير الكثير من علامات الاستفهام حول عدم استفادة الدول العربية من دروس الماضي , حيث شاركت سابقا في أكثر من تحالف مع أمريكا والغرب لنفس الغاية والهدف , وكانت العواقب وخيمة .
لم يتغير شيء في حروب أمريكا المعاصرة ضد المسلمين إلا اسم التنظيم المُحَارَب , فبينما كان عام 2001م "تنظيم القاعدة" , أصبح اليوم "تنظيم الدولة الإسلامية" , الذي نشأ وظهر بشكل سريع ومريب , ليتم تصويره لاحقا – كما تم تصوير تنظيم القاعدة من قبل - بأنه الخطر الأكبر على العالم أجمع عموما , وعلى الولايات المتحدة الأمريكية والغرب خصوصا , ومن ثم تحشد له كل هذه الحشود الدولية لمحاربة خطره ومواجهة تهديداته .
نعم ...قد يكون عامة المسلمين من أهل السنة يعارضون فكر وتوجهات تنظيم الدولة , ويستنكرون تصرفات وممارسات هذا "التنظيم" بحق المجاهدين والمقاتلين في سورية على وجه الخصوص , ناهيك عن إجماع علماء الأمة على عدم جواز إنفراد "التنظيم" بإعلان الخلافة الإسلامية , إلا أن ذلك لا يعني أن يكون "التنظيم" غطاء ومبررا لمحاربة المسلمين جميعا في المنطقة , وغض الطرف عن "الإرهاب" الحقيقي الذي يمارسه بشار والرافضة في كل من العراق وسورية .
وبغض النظر عن علامات الاستفهام الكبيرة حول نشأة وتوسع هذا التنظيم في كل من سورية والعراق , فإن علامات الاستفهام الأكبر حول التحالف الدولي تتركز في نقاط أخرى , تشير بمعظمها أن هذا التحالف سيحارب المسلمين وليس التنظيم فحسب :
1- أولى هذه الإشارات هي أسباب ودوافع وتوقيت ذبح وإعدام الصحفيين الأمريكيين "جيمس رايت فولي" و "ستيفن سوتلوف" - بغض النظر عن صحة الحادثتين والشكوك التي راودت البعض حول حقيقتهما - على يد التنظيم بهذه الصورة المستفزة , حيث شكلت هاتين الحادثتين المبرر الأبرز لتشكيل التحالف الدولي ضد التنظيم , ناهيك عن دور الحادثتين في اسنفار الرأي العام الأمريكي والغربي والعالمي ضد التنظيم خصوصا , وضد الإسلام والمسلمين عموما .
2- لماذا هذا التوقيت لتشكيل التحالف الدولي لمحاربة ما يسمى "إرهاب التنظيم" ؟! , بعد أن استطاع الثوار من أهل السنة في العراق تحقيق تقدم واضح في الشمال , وبعد أن خرجت حماس منتصرة في غزة , وبدت ملامح عودة الأمل للمسلمين بتحقيق اختراق ما وسط الجمود الذي ساد الساحة في الشرق الأوسط .
3- إذا كان هذا التحالف لمحاربة "الإرهاب" كما تزعم الولايات المتحدة الأمريكية , فلماذا لم تشكل واشنطن تحالفا مماثلا لمواجهة "إرهاب" كل من بشار في سورية والمالكي في العراق ؟! رغم مرور سنوات على هذا الإرهاب واستمراره حتى الآن ؟!
أسئلة كثيرة تراود ذهن كل مسلم غيور على دينه , وحريص على سلامة بلاد الإسلام والمسلمين , فالمتابع لحروب أمريكا والغرب المعاصرة يلاحظ بوضوح أنها لم تحدث إلا في بلاد المسلمين وبأموالهم , وأن الشماعة والمبرر لهذه الحرب إن لم يوجد بنفسه , أوجدته أمريكا والغرب وأتباعهم بأيديهم .