الغرب والتدخل العسكري بليبيا
15 ذو القعدة 1435
تقرير إخباري ـ خالد مصطفى

تزايدت في الأيام الأخيرة نغمة المطالبة بالتدخل العسكري الغربي في ليبيا بدعوى حماية البلاد من السقوط في "الفوضى" وحاولت الأصوات التي تدعم هذا المطلب أن تؤيده بدعوة البرلمان الجديد للمجتمع الدولي بإنقاذ ليبيا!..

 

والحقيقة أن دروس الماضي القريبة والبعيدة تؤكد أن أي تدخل خارجي سيزيد من الفوضى ولن يوقفها وعلى من يطالب بذلك أن ينظر لتجارب التدخل الخارجي  في العراق وأفغانستان حيث أدى إلى تزايد الفوضى وفشل في وضع أي حلول لمشاكل هذه البلا بل كان وبالا عليها وعلى أهلها وأصبحت هذه البلاد الآن بسبب هذا التدخل من أكثر الدول فشلا وتعرضا للانهيار..إن الغرب لا يتدخل في بلد ليس له مصالح فيها فهو لا يهتم بالحفاظ على حياة المدنيين من أطفال ونساء وكهول أو السعي من أجل الحرية والرخاء بقدر ما يريد الحفاظ على القوة الدافعة التي تبقي مصانعه دائرة وحسابات شركاته عامرة..الملايين نزحوا من سوريا والآلاف قتلوا وعذبوا خلال ما يقرب من أربعة أعوام فماذا فعل الغرب؟! ولماذا لم يتدخل حتى الآن رغم تأكيده على أن نظام الأسد ارتكب جرائم حرب؟!

 

ولكن لأن ليبيا مليئة بالبترول فالغرب يريد التدخل حيث اعتبر وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان أن على فرنسا أن "تتحرك في ليبيا وأن تعبئ الأسرة الدولية"، حول مصير هذا البلد, وقال "يجب أن نتحرك في ليبيا وأن نعبئ الأسرة الدولية. لقد تحدثت بالأمر في ميلانو مع نظرائي الأوروبيين وستكون الجمعية العامة للأمم المتحدة فرصة أخرى يجب انتهازها", كما صرح مصدر أمني جزائري بأن دولا غربية عديدة دعت بلاده لدعم التدخل العسكري في ليبيا, في إشارة لمحاولات الاستفادة من الأراضي الجزائرية للانطلاق لشن هجمات..إن الحشد الغربي على أشده الآن من أجل شيطنة أطراف بعينها في ليبيا ووصمها "بالإرهاب" لأنها لا تسير في ركاب المصالح الغربية والدول المجاورة القريبة من الغرب خصوصا بعد أن تمكنت هذه الأطراف من فرض سيطرتها على مناطق شاسعة في البلاد..

 

لم تكن نغمة التدخل في ليبيا بهذا العلو عندما كانت قوات الانقلابي خليفة حفتر ـ الذي خرج على المؤتمر الوطني المنتخب ـ تشن هجماتها وتقصف مواقع عديدة في طرابلس وبنغازي وتظهر وكأنها الأقرب لفرض سيطرتها على الساحة أما وقد انقلب الحال الآن لصالح ثوار ليبيا فأصبح من الضروري التدخل! ..

 

إن دعوة البرلمان المنتخب حديثا والموالي لقوات حفتر والمتنازع على شرعيته بعد أن فشل في الانعقاد في العاصمة حتى يتسلم السلطة من المؤتمر الوطني, أثارت الجدل وتعرضت لانتقادات حادة واعتبرت نوع من الخيانة إذ كيف يرضى برلمان ما منتخب باحتلال بلاده بقوات أجنبية؟!

 

إن سر الاضطرابات التي تجري في ليبيا حاليا هي رغبة أطراف إقليمية وخارجية في فرض سياسة ونظام يحقق مصالحها والتي تتعارض مع الأهداف التي قامت من أجلها الثورة على نظام معمر القذافي وهو ما أجج المشاعر الشعبية ضد الغارات التي شنتها طائرات أجنبية على الثوار في طرابلس واعترفت بها الولايات المتحدة وعبرت عن قلقها منها..

 

أي تدخل عسكري في ليبيا سيؤدي لنمو الشعور الوطني والديني المقاوم للاحتلال وسيزيد من حدة الأزمة وسينقلها لأبعاد أكثر خطورة في ظل التوتر المتصاعد الذي تشهده المنطقة.