ماذا يحدث في باكستان ؟
7 ذو القعدة 1435
تقرير إخباري ـ المسلم

يبدو أن الديمقراطية التي رفعت الدول الغربية لواءها منذ عدة عقود , وبشرت بها العالم والدول العربية والإسلامية على وجه الخصوص , ما هي إلا أكذوبة من أكاذيب الغرب , ووسيلة من وسائله الخبيثة لإخراج المسلمين عن نظام الحكم الإسلامي المتمثل "بالخلافة" , وعدم تمكينهم من تحقيق الديمقراطية في بلدانهم . فالمتابع لما يحدث في العالم العربي والإسلامي حاليا , يلحظ تحالف الغرب الواضح مع جميع التيارات والأحزاب التي خسرت معركتها الانتخابية في بلدانها , من خلال دعمها لتلك التيارات للوصول إلى السلطة والحكم عن طريق الانقلاب على نتائج ما أفرزته صناديق الاقتراع , من خلال المظاهرات التي لا تخلو من العنف والبلطجة والفوضى . والجدير بالذكر أن تحالف الغرب يتركز على الأحزاب الليبرالية أو العلمانية , وإن تحالف مع التيارات الإسلامية السنية , فإنه لا يتحالف غالبا إلا مع الصوفية , التي لها تاريخ معروف في مهادنة العدو والمحتل , وكانت السبب في ترسيخ أفكار مغلوطة عن الإسلام , وتهيئة مناخ مناسب لتمدد الغرب وتجذره في المنطقة . حدث ذلك في معظم دول ما سمي "بالربيع العربي" , ويبدو أن نفس السيناريو يتكرر في باكستان , فبعد أن أفرزت صناديق الاقتراع تفوق حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية - الجماعة الإسلامية التي أسسها أبو الأعلى المودودي - على غيره من الأحزاب , حيث حصل الحزب على 186 مقعدا في الجمعية العمومية الباكستانية في انتخابات عام 2013م , ليحصل نواز شريف على 244 صوتا في البرلمان عام 2013 وليصبح بذلك أول رئيس وزراء مدني للبلاد بعد عهد من الانقلابات العسكرية . لم تعلق الدول الغربية على ما يحدث في باكستان من تحرك ضد حكومة نواز شريف الذي وصل إلى الحكم بانتخابات نزيهة وديمقراطية حسب وصف الكثير من المراقبين والمحللين والأجانب , والتي وصلت إلى حد ممارسة العنف واقتحام المؤسسات الحكومية وعلى رأسها مبنى الإذاعة والتلفزيون , الذي تم اقتحامه صباح اليوم من قبل المتظاهرين , ليتم لاحقا إخلاؤه من قبل الجيش الباكستاني . وبالنظر إلى الأحزاب التي تقود هذا الحراك المتسم بالعنف والمطالب بإسقاط الحكومة واستقالة رئيسها نواز شريف , وهي حزب حركة الإنصاف الذي يترأسه "عمران خان" , لاعب الكريكيت الباكستاني والذي تحول للسياسة في منتصف التسعينيات , وقد قضى الكثير من حياته في نوادي لندن الليلية , وتأثر بأفكار الغرب وتوجهاته , وتزوج سيدة المجتمع الإنجليزية "جيميما جولدسميث" التي تحولت إلى الإسلام بحفل ديني مدته دقيقتان في باريس . والحركة الشعبية التي يرأسها "طاهر القادري" الصوفي صاحب العلاقات القوية مع الشيعة , وصاحب الفتوى الشهيرة التي صدرت له في 600 صفحة بشأن الإرهاب , والذي وصف - في مؤتمر صحفي بلندن عام 2009 – من يقومون بأعمال تفجيرية انتحارية – حسب وصفه - بأنهم غير مسلمين , معتبرا أن الإسلام يعتبرهم "كفار" , واصفا تنظيم "القاعدة" بأنها "شر قديم باسم جديد" . وعلى خلفية قادة هذا الأحزاب المعارضة وتوجهاتها يمكن فهم ما يحدث في باكستان , فعلى الرغم من تصاعد العنف ووقوع ثلاثة قتلى وأكثر من 481 جريحا خلال الاشتباكات التي حصلت في اليومين الماضيين , إلا أن الدول الغربية لم تصف هذه المظاهرات بالعنف أو التطرف , الأمر الذي يشير إلى عدم رضاها عن التحول الديمقراطي التي شهدته البلاد , والذي قد يخرج باكستان من بوتقة النفوذ الأمريكي أو يخفف من شدة هيمنتها على تلك الدولة الإسلامية الكبيرة . وعلى الرغم من عدم وجود سيناريو محدد لمستقبل الأحداث التي تجري في باكستان , إلا أن الكثير من المحللين يؤكدون أن الحكومة بقيادة نواز شريف لا يراد لها أن تخرج من الأزمة بغير تنازلات للجيش أقلها السماح لقائدها السابق "برويز مشرف" الذي يحاكم حاليا بتهمة الخيانة بمغادرة البلاد . ولا يعني ذلك إلغاء احتمالات قيام الجيش بانقلاب ناعم على الحكومة باسم المحافظة على الأمن واستقرار البلاد , أسوة بكثير من دول العالم وعلى رأسها حاليا دول ما سمي "بالربيع العربي" , والعودة بباكستان إلى مربع الحكم العسكري الذي ساد فيها لفترة ليست بالقصيرة . والسؤال الذي يطرح دائما في ظل هذه الأحداث المتسارعة في العالم العربي والإسلامي : هل ما زال بعض المسلمين مخدوع بشعار الديمقراطية التي ينادي بها الغرب ؟! وهل علم المسلمون لمن وضعت الديمقراطية الغربية أصلا ولصالح من ؟! .