هل يرحل المالكي حقًا؟
16 شوال 1435
خالد مصطفى

في محاولة للخروج بالبلاد من مأزق التقسيم والحرب الأهلية كلف الرئيس العراقي الجديد نائب رئيس البرلمان النائب حيدر العبادي بتشكيل الحكومة الجديدة وإبعاد رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي والذي تسببت سياسته الطائفية بإشعال الأوضاع بشدة في البلاد وانتفاض العشائر السنية في الشمال احتجاجا على تهميش واضطهاد السنة طوال سنوات حكمه حتى وصل الأمر إلى اقتحام الاعتصامات السلمية بالقوات العسكرية وقتل وإصابة المئات بالإضافة لأحكام الإعدام العشوائية التي تنفذ دون محاكمات عادلة لأبناء السنة تحت دعاوى "الإرهاب"..

 

إبعاد المالكي لاقى ترحيبا عربيا وعالميا رغم أن ممارسات المالكي مستمرة منذ سنوات دون وجود مواقف رادعة لحماية السنة مثلما قام الغرب أخيرا بالتدخل العسكري في شمال العراق بحجة حماية الأقليات الأخرى فأين كانوا وقت قتل وتعذيب وسحل وإعدام أهل السنة طوال السنوات الماضية؟!.. التناقض الغربي في المواقف بشأن ما يجري في المنطقة من أحداث حدث عنه ولا حرج وهو ليس موضوعنا اليوم ولكنه في النهاية يؤدي إلى تعميق الكراهية والخلافات بين الطوائف خصوصا مع تركه لإيران تعبث كما تريد لتثبيت رجالها والجماعات الموالية لها في مواقعهم..

 

المالكي لم يستسلم لاستبعاده من رئاسة الحكومة وحرك القطاعات الموالية له في الجيش والشرطة لتطويق العاصمة وترهيب الرئيس المنتخب حديثا واتهامه بمخالفة الدستور وعضده في ذلك حكم أصدرته المحكمة الاتحادية بالعراق باعتبار ائتلاف المالكي هو صاحب أكبر كتلة في البرلمان وهو ما يجعله المرشح الأول لتشكيل الحكومة...ليس من المرجح أن يستسلم المالكي لقرار استبعاده بل سيستغل موالاة أغلب قطاعات الجيش والشرطة والقضاء له لإفساد الوضع في البلاد وإفشال أي محاولة من أجل تشكيل الحكومة الجديدة وحتى في حال تشكيلها وخروجها للنور في إمكانه القيام بانقلاب عسكري..المالكي استغل فترة وجوده في رئاسة الحكومة لمرتين متتاليتين من أجل إحاطة نفسه بمليشيات طائفية وتكوين مراكز قوى داخل الجيش والشرطة والوزارات المختلفة وإضعاف جميع القيادات السياسية المناوئة له واستخدم في ذلك الدعم الإيراني الذي بدأ يخبو الآن بعد هزائم المالكي في شمال العراق حيث ظهر لطهران أن رهانها على المالكي قد يؤدي لخسارتها العراق بالكامل فأعلنت تأييدها للمرشح الجديد لرئاسة الحكومة وهو تأييد مبدأي وليس نهائي حتى تتضح موازيين القوة على الأرض...

 

أمريكا تضغط ومعها الحلفاء الغربيون من أجل تهدئة الأوضاع في العراق خوفا من تمدد المعارك إلى الخارج مما قد يؤثر على استقرار دول الجوار ومصالحها المرتبطة بذلك, ولكن خروج المالكي لو حدث الآن لا يعني انتهاء الأزمة السياسية أو حتى انتهاء دور المالكي فالأمر لن يعدو أن يكون مسكنا للسنة ولبقية الأطراف التي تضررت بشدة من السياسات الطائفية وعلى أهل السنة أن يحذروا جيدا من الترتيبات السياسية القادمة والضمانات التي تكفل لهم حقوقهم كاملة.